شهر الله كيف نستقبله
  • عنوان المقال: شهر الله كيف نستقبله
  • الکاتب: السيد فاضل علوي آل درويش
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 20:45:8 2-10-1403

عندما نعلم بمقدم أحد الضيوف إلى منزلنا فإن من دواعي الحفاوة والكرم أن نستعد لهذا المتفضل علينا بطلته، وهذا التهيؤ يشمل كل ما نقدمه لراحته وهنائه، فإذا علمنا بأن المقبل علينا هو صاحب الهبات والنفحات السنية وهو شهر رمضان الكريم، فهلا شمرنا سواعد الهمة والعمل المثابر لاستقباله بتلك الحفاوة التي تليق بمقامه الكبير!

التهيئة لاستقباله هي إيمانية تجعل منا قابلا ووعاء ينعم بخيراته، نسعى لامتلاك معرفة شاملة بأهميته والدور المناط بنا فيه والأهداف المرجو تحقيقها منه، فالصوم عملية تدريبية تجلل المؤمن بحلل التقى والورع عن محارم الله، فينطلق من القدرة المكتسبة على مواجهة التسويلات الشيطانية والأهواء لئلا تجرح صيامه، إلى فضاء الزمن القادم وقد تحلى بمناعة روحية تعي مخاطر الاستجابة للمعاصي وما تحيق به من خطر كبير، فهل نحن مؤهلون للدخول في غمار هذا الفيض الإلهي والإفادة الحسنة منه؟
ونحن في قمة التقصير وارتكاب المخالفات التي أصبغت القسوة على قلوبنا، فتبلدت عن الإحساس بالندم والحسرة على هذه الجرأة في مقارفة الآثام، كما أن تلك الإرادة التي بالكاد تنبض ضعيفا لا تسعفنا على الإقبال على الأعمال الصالحة والوقوف بين يدي الله مصلين ومناجين، وهذا يشي ويدل على ضعف استعدادنا لضيف كبير بمستوى شهر الله الذي لا يعرف قدره إلا أولئك الذين بادروا إلى إصلاح أنفسهم ومعالجة أوجه قصورهم، وينتظرون بفارغ الصبر هذه الفرصة السانحة لتعديل كفة ميزان أعمالهم، ويعلنون التوبة النصوح ليحظوا بالصفح الإلهي عن سيئاتهم.
الاستعداد لمقدم شهر الله تعالى تبدأ مفاعيله قبل ذلك بفترة زمنية، فمن غير المعقول تصور وجود الانقلاب المفاجئ في كياننا، فبضغطة زر نتحول إلى زمرة العابدين المتحلين بطهارة روحية في أعلى درجاتها، ويتحول فهمنا إلى حالة الوعي والنباهة والعمل على عدم تفويت أي فرصة من فرص الخير والصلاح، ولكن التهيئة النفسية توفر الأرضية المناسبة - ولو في أدنى الدرجات - لاستقبال لائق بشهر الله تعالى، فنبدأ من محاسبة أنفسنا والتأمل في تقصيرنا وانشغالنا بهموم الدنيا والتي أنستنا أمر آخرتنا والاستعداد للموت وما بعده، فنلحظ ذلك البون الشاسع ما بين صورة المؤمنين الأخيار التي ترسم معالمها الشريعة الغراء وما بين سلوكياتنا غير المنضبطة بحدودها، فالاعتراف بالواقع الخاطئ هو بداية الخطوات التصحيحية، وننطلق في فضاء العمل الصالح بكل ألوانه وأبعاده، واضعين نصب أعيننا هدفا كبيرا ألا وهو القرب من الله تعالى ونيل رضوانه؛ لتكون كل خطواتنا خاضعة لهذا الميزان قبل الإقدام عليها ليكسونا التسديد الإلهي ويلهمنا الرشد فيما نقدم عليه1.

_____________

1. نقلا عن موقع الجهينة الاخبارية.