الصدقة في القرآن والسنة
  • عنوان المقال: الصدقة في القرآن والسنة
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 16:22:26 2-10-1403

شبكة الحسنين عليهما السلام الثقافيةقال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ1.
الهدف:
الحثّ على التصدّق خلال شهر رمضان كونها إحدى الأمور المستحبّة التي أوصى بها رسول الله صلى الله علية واله وسلم في خطبته الشهيرة.
مقدّمة
لا يخفى ما لفضيلة بذل المال والإنفاق في سبيل الله من أثرٍ كبير على المستوى الروحيّ والعباديّ للإنسان، ولذلك ترى الآيات القرآنيّة تجزل الثواب على المتصدّقين وتمدحهم، وتتوعّد الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله بالهلاك والعذاب الأليم، ولا يخفى أنّ أفضل الصدقة خلال شهر رمضان المبارك كما أشارت الأحاديث الشريفة.
محاور الموضوع:
1- بذل المال من أنواع الجهاد: قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ2.وقال تعالى ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ3.
2- الله أحبّ إلى المؤمن من ماله: ولذلك نقرأ في حياة الإمام الحسن عليه السلام أنّه خرج من ماله مرّتين فتصدّق بكلّ ما يملك.
3- الصدقة صلة ارتباط بنهج: لأنّ الحافز في داخل الإنسان إلى بذل المال هو المساهمة في سدّ حاجات المحتاجين الذين يرتبط معهم في خطٍّ ونهجٍ واحد.
4- الصدقة أوّل انعكاسات قبول الأعمال: قال تعالى: ﴿لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ4.

بركات الصدقة

1- أمان في القبر ويوم القيامة: أي أنّ ثوابها يدفع عنه ألم العذاب، عن رسول الله صلى الله علية واله وسلم: "إنّ الصدقة لتطفئ عن أهلها حرّ القبور، وإنّما يستظلّ المؤمن يوم القيامة في ظلّ صدقته"5.
2- قبول العمل: الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ الله تبارك وتعالى يقول: ما من شيء إلّا وقد وكّلت من يقبضه غيري، إلّا الصدقة، فإنّي أتلقّفها بيدي تلقّفاً"6. وكأنّ الله نزّل نفسه منزلة وليّ الفقراء الذي يقبض عنهم مالهم وينفقه عليهم.
3- الصدقة مفتاح الرزق: وليست منقصة للرزق أو خطر عليه كما يوهم الشيطان للإنسان. فعن الإمام عليّ عليه السلام: "استنزلوا الرزق بالصدقة"7.
4- الجزاء المضاعف: قال تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾8.
ولعلّ أجمل ما يشرح نموّ الصدقة ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام: قال الله تعالى: "إنّ من عبادي من يتصدق بشق تمرة، فاربيها له كما يربي أحدكم فلوه، حتى أجعلها له مثل جبل أحد"9.
5- دفع البلاء: عن رسول الله صلى الله علية واله وسلم: "الصدقة تدفع البلاء، وهي أنجح دواء، وتدفع القضاء وقد ابرم إبراما، ولا يذهب بالأدواء إلّا الدعاء والصدقة"10.
وعندما نقرأ قول رسول الله أنّها تدفع القضاء ندرك أهميّة الصدقة وأولويّتها وحاكميّتها على كثيرٍ من الأمور.
وعنه صلى الله علية واله وسلم: "الصدقة تمنع ميتة السوء"11.
وعنه صلى الله علية واله وسلم: "تصدّقوا وداووا مرضاكم بالصدقة، فإنّ الصدقة تدفع عن الأعراض والأمراض، وهي زيادة في أعماركم وحسناتكم"12.
أولويّة ذوي الرحم بالصدقة وبيّن أهل بيت العصمة مصرف الصدقات، فعن الإمام الحسين عليه السلام: "سمعت رسول الله صلى الله علية واله وسلم يقول: ابدأ بمن تعول: أمّك وأباك وأختك وأخاك، ثمّ أدناك فأدناك"13.
رسول الله صلى الله علية واله وسلم: "لا صدقة وذو رحم محتاج"14. بمعنى أنّ الصدقة الكاملة هي التي تراعي الأقرب فالأقرب.
وعنه صلى الله علية واله وسلم: "إنّ الصدقة على ذي القرابة يضعف أجرها مرتين"15. ولا يخفى أنّ مضاعفة الأجر إنّما يراد منه إعطاء الأولويّة لذي القرابة.
فضل صدقة السرّ وآثارها
قال تعالى: ﴿إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾16.
والتصدّق سرّاً له جانب يتعلّق بالمتصدّق وهو أن لا يتسرّب الرياء إلى نيّته، وله جانب يتعلّق بالمتصدّق عليه وهو حفظ ماء وجهه من الناس.
عن الإمام الصادق عليه السلام: "لا تتصدّق على أعين الناس ليزكّوك، فإنّك إن فعلت ذلك فقد استوفيت أجرك، ولكن إذا أعطيت بيمينك فلا تطلع عليها شمالك، فإنّ الذي تتصدّق له سرّاً يجزيك علانية"17.
وأمّا في ثوابها فقد ورد عن رسول الله صلى الله علية واله وسلم: "أكثر من صدقة السرّ، فإنّها تطفئ غضب الربّ جلّ جلاله"18.
وعنه صلى الله علية واله وسلم: سبعة في ظلّ عرش الله عزّ وجلّ يوم لا ظلَّ إلّا ظله: رجل تصدق بيمينه فأخفاه عن شماله.
الإمام الصادق عليه السلام: "الصدقة والله في السرّ أفضل من الصدقة في العلانيّة، وكذلك والله العبادة في السرّ أفضل منها في العلانيّة"19.
أهل البيت عليهم السلام وصدقة السرّ
عن الإمام الباقر عليه السلام في الإمام زين العابدين عليه السلام "إنه كان يخرج في الليلة الظلماء، فيحمل الجراب على ظهره حتّى يأتي باباً باباً، فيقرعه ثمّ يناول من كان يخرج إليه، وكان يغطّي وجهه إذا ناول فقيراً لئلّا يعرفه"20.
يقول محمّد بن إسحاق: إنّه كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم، فلمّا مات عليّ بن الحسين عليه السلام فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل.
الحثّ على الصدقة في السرّاء والضرّاء
قال تعالى: ﴿أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء﴾ 21. أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء﴾22 يقول: "في العسر واليسر"23.
آفّات الصدقة
قال تعالى: ﴿قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ 24.
فالمنّ والأذى لا يمكن أن ينسجم مع النيّة الخاصة والتوجّه الكامل إلى الله ولذلك شبّهته الآية بالذي ينفق ماله رئاء الناس.
وقال تعالى: ﴿وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِر﴾25.
* خير الزاد في شهر الله، المركز الإسلامي للتبليغ، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط1، تموز 2010م.
______________________
1- التوبة: 103.
2- التوبة: 118.
3- التوبة: 88.
4- النساء: 114.
5- ميزان الحكمة، ج2، ص1594.
6- نفس المصدر.
7- الكافي، ج4، ص10.
8- البقرة: 276.
9- مستدرك الوسائل، ج7، ص168.
10- بحار الأنوار، ج93، ص137.
11- فروع الكافي، ج3، ص2.
12- كنز العمال، ج6، ص371.
13- بحار الأنوار، ج96، ص147.
14- نفس المصدر.
15- كنز العمّال، ح6، ص395.
16- البقرة: 270.
17- بحار الأنوار، ج78، ص384.
18- بحار الأنوار، ج96، ص176.
19- ميزان الحكمة، ج2، ص1401.
20- الكافي، ج4، ص8.
21- الكافي، ج1، ص468.
22- آل عمران: 134.
23- الدر المنثور، ج2، ص73.
24- البقرة: 263، 264.
25- المدّثر: 6.