شذرات نورانيّة (24)
  • عنوان المقال: شذرات نورانيّة (24)
  • الکاتب: نقلاً من موقع شبكة الإمام الرضا عليه السلام
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 18:43:36 1-9-1403

شذرات نورانيّة (24)

الحكمة
قال تعالى: لَقَد مَنّ اللهُ على المؤمنين إذ بَعَث فيهم رسولاً مِن أنفُسِهم يَتلُو علَيهِم آياتِهِ ويُزكّيهم ويُعلِّمُهُم الكتابَ والحكمة، وإن كانوا مِن قبلُ لَفي ضَلالٍ مُبين [ سورة آل عمران:164 ].
ـ يُؤْتي الحكمةَ مَن يشاء، ومَن يُؤتَ الحكمةَ فَقَد أُوتيَ خيراً كثيراً، وما يَذّكَّرُ إلاّ أُولو الألباب [ سورة البقرة:269 ].
•• وفي فضل الحكمة قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « كلمةُ الحكمة يسمعها المؤمن خيرٌ مِن عبادة سنة » ( بحار الأنوار 182:77 / ح 8 ).
وجاء عن المسيح بن مريم عليهما السلام قوله: « إنّ الحكمة نورُ كلِّ قلب » ( بحار الأنوار 316:14 / ح 17 ).
ومن وصايا لقمان الحكيم لابنه أنّه قال له: « يا بُنيّ، تَعلّمِ الحكمةَ تَشرُف، فإنّ الحكمة تدلّ على الدِّين، وتُشرّف العبد على الحرّ، وترفع المسكين على الغنيّ، وتُقدّم الصغير على الكبير » ( بحار الأنوار 432:13 / ح 24 ).
ومن كلماته الغرّاء في الحكمة، قال أمير المؤمنين عليٌّ عليه السلام:
ـ « الحكمةُ روضة العقلاء، ونُزهة النبلاء » ( غرر الحكم / ج 1715 ).
ـ « الحكمةُ شجرة تَنبُت في القلب، وتُثمر على اللسان » ( غرر الحكم / ح 1992 ).
ـ « مَن خزائن الغيبِ تَظهر الحكمة » ( غرر الحكم / ح 9254 ).
ـ « مِن عُرِف بالحكمة لَحَظَته العيونُ بالوَقار والهيبة » ( تحف العقول:97 ).
أمّا في وصف الحكيم وبيان فضله، فقد ورد عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قوله:
ـ « كاد الحكيمُ أن يكون نبيّاً » ( كنز العمال / خ 44123 ).
كما ورد عن الإمام عليّ سلام الله عليه قوله:
ـ « الحكيم يَشفي السائل، ويجود بالفضائل » ( غرر الحكم / ح 1525 ).
ـ « الحكماء أشرف الناس أنفُساً، وأكثرهم صبراً، وأسرعُهم عفواً، وأوسعُهم أخلاقاً » ( غرر الحكم / ح 2107 ).
وإذا عُدنا إلى الحكمة وأحببنا أن نعرف ما علاقة المؤمن بها، أقتضى أمرنا أن نقف عند هذه الأحاديث المباركة:
ـ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « كلمة الحكمة ضالّةُ المؤمن، فحيثُ وجَدَها فهو أَحقُّ بها » ( بحار الأنوار 99:2 ).
ـ وقال أمير المؤمنين عليه السلام: « الحكمةُ ضالّة كلّ مؤمن، فَخُذوها ولو من أفواه المنافقين » ( غرر الحكم / ح 1829 ).
ـ وقال الإمام زين العابدين عليه السلام: « سمعتُ أمير المؤمنين عليه السلام يقول: « إن الكلمة من الحكمة لَتَتَلَجْلَجُ في صدر المنافق نِزاعاً إلى مَظانّها حتّى يَلفِظَ بها، فيسمعَها المؤمنُ فيكونَ أحقَّ بها وأهلَها فَيَلقَفَها » ( بحار الأنوار 99:2 / ح 58 ).
وإذا كان لكلّ شيءٍ قيوده وشروطه وما ينبغي، فإنّ الحكيم مَن كان متحلّياً بما يناسب حكمته.. ولذا:
ـ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « ليس بحكيمٍ مَن لم يُعاشِر بالمعروف مَن لابُدّ من معاشرته، حتّى يجعلَ اللهُ له مِن ذلك مَخرَجاً » ( كنز العمّال / خ 24761 ).
ـ وجاء عن الإمام عليّ عليه السلام قوله: ليس بحكيمٍ مَن ابتذل بانبساطه إلى غير حميم » ( غرر الحكم / ح 7498 ).
ـ « ليس بحكيمٍ مَن قصد بحاجته غيرَ كريم » ( غرر الحكم / ح 7499 ).
ـ « ليس الحكيمُ مَن لم يُدارِ مَن لا يَجِد بُدّاً من مداراته » ( تحف العقول:218 ).
ولعلّ أحدنا يتساءل: يا تُرى ما معنى الحكمة وما تفسيرها ؟ والجواب في: ـ قولِ الإمام الباقر عليه السلام في بيانٍ لقوله تعالى: ومَن يُؤتَ الحكمةَ.. : « المعرفة »، وقوله أيضاً: « هي طاعة الله ومعرفة الإمام » ( بحار الأنوار 215:1 و 24 ).
ـ وقولِ الإمام الصادق عليه السلام: « إنّ الحكمةَ المعرفةُ والتفقُّه في الدِّين، فمَن فَقِه منكم فهو حكيم » ( بحار الأنوار 25:1 والفقاهة هي: الفَهْم، ولم تختصّ بالمسائل الشرعيّة، بل المسائل العقائديّة أَولى ).
ـ وقول الإمام الكاظم عليه السلام في ظلّ قوله تعالى: ولَقَد آتَينا لُقمانَ الحكمة : « الفَهْمَ والعقل » ( بحار الأنوار 299:78 / ح 1 )..
ـ وقد سُئل لقمان الحكيم: ما يَجمَع من حكمتك ؟ وفي روايةٍ أخرى: قيل له: ما الذي أجمعتَ عليه من حكمتك ؟ فقال: لا أتكلّف ما قد كُفيتُه، ولا أُضيِّعُ ما وُلِّيتُه » وفي رواية أخرى: لا أسأل عمّا كُفيتُه، ولا أتكلّف ما لا يَعْنيني » ( قرب الإسناد:72 / ح 232، بحار الأنوار 417:13 / ح 10 ).
وأخيراً أصبحنا أمامَ أمرَين: الأوّل ـ ما يُورِث الحكمة، والثاني ـ ما يمنع الحكمة. فأمّا ما يُورثها فتبيّنه النصوص الشريفة التالية:
ـ في حديث المعراج: « يا أحمد، إنّ العبد إذا أجاع بطنَه، وحَفِظ لسانَه، علّمتُه الحكمة.. » ( بحار الأنوار 29:77 / ح 6 ).
ـ وفي بعض كلمات أمير المؤمنين عليه السلام جاء قوله: « كسبُ الحكمةِ إجمالُ النطق، واستعمال الرفق » ( غرر الحكم / ح 7223 )، وقوله: « إغلبِ الشهوة تَكْمُل لك الحكمة » ( غرر الحكم / ح 2272 ).
وأمّا ما يمنع الحكمة، فنتبيّنه من:
ـ قولِ النبيّ صلّى الله عليه وآله: « القلبُ يَمُجُّ الحكمة عند امتلاء البطن » ( تنبيه الخواطر 119:2 ).
ـ وقولِ الإمام عليّ عليه السلام: « التُّخمة.. تُفسِد الحكمة. البِطنة تَحجُب الفطنة » ( غرر الحكم / ح 651 و 652 ).
ـ وقول الإمام الصادق عليه السلام: « الغضبُ مَمحقةٌ لقلب الحكيم، ومَن لم يملك غضبَه لم يملك عقلَه » ( بحار الأنوار 255:78 / ح 129 ).
ـ وقول الإمام الكاظم عليه السلام: « إنّ الزرع يَنبُت في السهل ولا يَنبُت في الصَّفا، فكذلك الحكمة تَعمُر في قلب المتواضع ولا تَعمر في قلب المتكبّر الجبّار؛ لأنّ الله جعل التواضع آلةَ العقل » ( بحار الأنوار 312:78 / ح 1 ).
ـ وقول أمير المؤمنين عليه السلام: « غيرُ منتفعٍ بالحكمة عقلٌ معلولٌ بالغضب والشهوة »، « غير منتفعٍ بالعِظات قلبٌ متعلّق بالشهوات » ( غرر الحكم / ح 6397 و 6406 ).
ـ وقول المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام: « إنّه ليس على كلّ حالٍ يَصلُح العسلُ في الزِّقاق، وكذلك القلوب ليس على كلّ حالٍ تعمر الحكمةُ فيها. إنّ الزِّقَّ ـ ما لم يَنخرق أو يَقحَل أو يَتفَل ـ فسوف يكون للعسل وِعاءً، وكذلك القلوبَ ـ ما لم تخرِقْها الشهوات ويُدنّسْها الطمع ويُقسِّها النعيم ـ فسوف تكون أوعيةً للحكمة » ( بحار الأنوار 307:4 ـ عن: تحف العقول ).
ـ وقول الإمام عليّ الهادي عليه السلام: « الحكمة لا تَنجَع في الطباع الفاسدة » ( بحار الأنوار 370:78 / ح 4 ).
وخاتمة هذا الحديث نعطّره بموعظة نبويّة شريفة، نَصُّها:
« إنّ هذه القلوبَ تَمَلّ كما تَمَلّ الأبدان، فأهدُوا إليها طرائف الحِكَم » ( غوالي اللآلي لابن أبي جمهور 295:1 / ح 193 ).