بعض وصايا لقمان التربوية لابنه في المجالات الأخلاقية والاجتماعية والعبادية
1ـ فـي حسن الخلق:
قال لقمان (عليه السلام) لابنه : حَسِّنْ مَعَ جَميع الناس خُلُقَكَ ؛
فإنَّ مَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ وأظْهَرَ بِشرَهُ وَبَسَطَهُ ، حَظِيَ عِنْدَ
الأبرارِ ، وأحَبَّهُ الأخْيَارُ وجَانَـبَهُ الفُجَّارُ
(1) .
2ـ رعاية حقوق الوالدين:
قال لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، من أَرْضَ والِدَتَهُ فَقَدْ
أرْضَى الرَّحْمٰنَ ، وَمَنْ أسخَطَها فَقَدْ أسخَطَ الرَّحمٰنَ . يا
بُنيَّ ، إنَّما الوالِدانِ بَابٌ من أبوابِ الجَنّة ، فإنْ رَضِيا
مَضَيْتَ إلى الجَبّار وإنْ سَخِطا حُجِبْتَ (2)
.
3ـ مثل الآمر بالبرّ الناسي نَفْسهُ:
قال لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، لَا تَأمُرِ
النَّاسَ بِالبرِّ وتَنْسَ نَفْسَكَ ، فَتكُونَ مَثَلُكَ مَثَلُ السِّرَاجِ
يُضِيءُ للنَّاسِ وَيُحْرقُ نَفْسَهُ (3) .
4ـ مثل الصلاة:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، أقم الصلاة ،
فإنّما مَثَلُهَا في دين اللهِ كَمَثَلِ عُمُدِ فسطاطٍ ، فإنَّ العَمُودَ
إذا استَقَامَ نَفَعَتِ الأَطنابُ والأَوتادُ والظِّلالُ ، وإنْ لَمْ
يَسْتَقِمْ لَمْ يَنْفَعْ وَتَدٌ ولا طُنُبٌ ولا ظِلالٌ
(4) .
فـي مساوئ الأخلاق:
1- في العجب:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، لا يُعجبكَ إحسانُكَ ،
ولا تَتَعَظَّمَنَّ بِعَمَلِكَ الصّالحِ فَتَهلكَ
(5) .
2- في الحسد:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ لِكُلِّ شيءٍ عَلامَةٌ
يُعْرَفُ بِها ، ويُشْهَدُ عَليها... وللحاسِدِ ثَلاثُ علاماتٍ : يَغتَابُ
إذا غابَ ، ويَتَمَلَّقُ إذا شَهِدَ ، ويَشْمُتُ بالـمُصيبةِ
(6) .
3- في الرياء:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ لكلّ شيءٍ علامة يُعرف
بِها ، يُشْهَدُ عَليها... وللمُرائي ثَلاثُ عَلاماتٍ : يَكْسَلُ إذا كانَ
وحدَهُ ، ويَنشَطُ إذا كانَ الناسُ عندَهُ ، ويَتَعرَّضُ في كُلِّ أمرٍ
للمَحْمَدَةِ (7) .
4- في الكذب:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، إيّاكَ والكَذِبَ ؛
فإنّهُ يُفسِدُ دينَكَ ، ويَنقُصُ عِندَ الناسِ مُروءَتَكَ ، فَعِندَ ذلِكَ
يَذهَبُ حَياؤُكَ وبَهاؤُكَ وجاهُكَ ، وتُهانُ ، ولا يُسمَعُ مِنك إذا
حَدَّثتَ ، ولا تُصَدَّقُ إذا قُلتَ ، ولا خَيرَ في العَيشِ إذا كانَ هكَذا
(8) .
5- في الغضب:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيّ ، امِلك نَفسَكَ عِندَ
الغَضبِ حتّى لا تَكونَ لجَهَنَّمَ حَطَباً (9)
.
6- في النظر المحرّم:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، اتَّقِ النَّظَرَ إلى
مَا لَا تَملكُهُ ، وأطِلِ التَّفَكُّرَ في مَلكُوتِ السَّماوات والأرضِ
والجِبالِ ومَا خَلَقَ اللهُ ؛ فَكَفَى بهذا واعِظاً لِقَلبِك
(10) .
فـي الآداب الاجتماعية
1- أدب الكلام:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيّ ، كنْ أخرَسَ عاقِلاً ،
ولا تَكُنْ نَطوقاً جاهِلاً ، ولَأنْ يَسيل لُعابُكَ عَلى صَدرِك ، وأَنْتَ
كافُّ اللِّسانِ عَمَّا لا يَعنيكَ ، أجمَلُ بِكَ وأحسَنُ مِنْ أنْ تَجلِسَ
إلى قَومٍ فَتَنطِقَ بِما لا يَعنيكَ (11) .
2- أدب الضحك:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، إيّاكَ وكَثَرَةَ
الضَّحكِ ، فإنَّهُ يُميتُ القَلبَ (12) .
3- أدب الأكل:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيّ إذا امتَلَأتِ المَعِدَةُ
نَامَتِ الفِكْرَةُ ، وخَرَسَتِ الحِكْمةُ ، وقَعَدَتِ الأعْضَاءُ عَنِ
العِبادَةِ (13) .
4- أدب الضّيافة:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، لا يَأكُلْ طَعامَكَ
إلّا الأتقياءُ (14) .
5- أدب الإستقراض:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، إيّاك والدَّيْنَ ؛
فإنّهُ ذِلُّ النّهارِ وهَمُّ اللّيلِ (15) .
6- أدب الفقر:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، إنّي ذِقْتُ الصَّبْرَ
، وأنواعَ الـمُرِّ فَلَمْ أَرَ أَمرَّ مِنَ الفَقْرِ ، فإنِ افْتَقَرْتَ
يوماً فاجْعَلْ فَقْرَكَ بَيْنَكَ وبَيْنَ اللهِ ، وَلا تُحدِّثِ النَّاسَ
بِفَقْرِكَ فَتَهُونُ عَليْهم ، يا بُنيَّ ادْعُ اللهَ ثُمَّ سَلْ في
النّاسِ : هَلْ مِنْ أحدٍ دَعَا اللهَ فَلَمْ يُجِبْهُ ، أو سَألهُ فَلَمْ
يُعْطِهِ (16) .
7- أدب المجلس:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، اختَرِ المجالِسَ عَلى
عَيْنِكَ فإنْ رَأيتَ قَوماً يَذْكُرونَ اللَه جَلَّ وعَزَّ فاجْلِس
مَعَهُم ، فإنْ تَكُن عَالماً نَفَعَكَ عِلْمُكَ ، وإنْ تَكُنْ جَاهِلاً
عَلَّمُوكَ ، ولَعَلَّ اللهَ أن يَظِلَّهُمْ بِرَحمتِهِ فَيَعُمَّكَ
مَعَهُمْ ، وإذا رأيتَ قَوماً لا يَذكُرونَ اللهَ فَلَا تَجلِس مَعَهُم ،
فإنْ تَكُنْ عَالماً لَـمْ يَنْفَعْكَ عِلمُكَ ، وإنْ كُنتَ جَاهِلاً
يَزيدُوكَ جَهْلاً ، ولَعَلَّ اللهَ أنْ يَظِلَّهُم بِعُقُوبةٍ فَيَعُمَّكَ
مَعَهُمْ (17) .
8- أدب السّفر:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : إذا سَافَرتَ معَ قَوْمٍ فَأكثِرِ
استشارَتَكَ إيّاهُمْ في أَمْرِكَ وأمُورِهِمْ ، وأكثِرِ التَّبَسُّمَ في
وُجُوهِهِمْ ، وكُنْ كَريماً عَلى زَادِكَ ، وإذا دَعَوْكَ فَأجِبْهُمْ ،
وإذا اسْتَعانُوا بِكَ فَأعِنْهُمْ ، واغلِبْهُم بثِلاثٍ : بِطُولِ الصّمْتِ
، وكَثْرَةِ الصَّلاةِ ، وسَخَاءِ النَّفْسِ بِما مَعَكَ مِن دَابَّةٍ أو
مَالٍ أو زادٍ . وإذا استَشهَدُوكَ على الحقِّ فَاشْهَدْ لَـهُمْ ... وإذا
تَحيّرتُم في طَريقِكُم فَانْزِلوا ، وإذا شَكَكْتُم في القَصْدِ فَقِفُوا
، وتَآمَرُوا ، وإذا رأيتُم شَخْصاً واحداً فلا تَسألوهُ عن طَريِقِكُم ولا
تَستِرشِدُوهُ ، فإنَّ الشَّخْصَ الواحدَ في الفَلاةِ مُريبٌ ، لَعَلَّهُ
أنْ يَكُونَ عَيْناً للُّصُوصِ ، أو يَكونَ هُوَ الشَّيْطانَ الذي
حَيَّرَكُمْ ... وإذا نَزَلتَ فَصَلِّ رَكْعَتينِ قَبْلَ أنْ تَجلِسَ...
وإذا ارتَحلْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَينِ ووَدِّعِ الأرضَ التي حَلَلْتَ بِها ،
وسَلِّم عليها وَعلى أهْلِهَا ؛ فإنّ لِكُلِّ بُقْعَةٍ أهلاً من الملائكة
... وإيّاكَ والسَّيْرَ مِنْ أوّلِ اللّيلِ ... وإيّاكَ وَرَفْعِ الصوتِ في
مَسِيرِكَ (18) .
9- أدب معاشرة الناس:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، ابْدإِ النّاسَ
بالسلامِ والـمُصَافَحَةِ قَبْلَ الكَلامِ (19)
.
10- اجتناب قرين السَّوءِ:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، إنّي نَقَلتُ الحجارَةَ
والحديدَ فَلَمْ أجِدْ شَيئاً أثْقَلَ مِنْ قَرينِ السَّوءِ
(20) .
11- اجتناب معاداة الناس:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، اتَّخِذ ألفَ صَديقٍ ،
وألفٌ قَلِيلٌ ، ولا تَتَّخِذ عَدُوّاً واحِداً ، والواحِدُ كَثيرٌ
(21) .
12- اجتناب مظان الاتهام:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، متىٰ تَدْخُلَ مَداخِلَ
السُّوءِ تُتَّهَمْ (22) .
13- إطفاء الشرِّ بالخيرِ:
قَالَ لقمان (عليه السلام) لابنه : يا بُنيَّ ، كَذَبَ مَنْ قال : إنَّ
الشَّرَّ يُطفِئ الشَّرَّ ، فإنْ كَانَ صَادِقاً فَليُوقِد نارَين ،
ثُمَّ لِيَنْظُر هَلْ تُطفِئ إحدَاهُما الأُخرى ، وإنِّما يُطفِئُ الخَيْرُ
الشَّرَّ كَما يُطفِئُ المـَاءُ النَّارَ (23)
.
الدرس المستفاد من وصايا لقمان (عليه السلام)
التربوية لابنه:
إن من الضروري الإلمام بسيرة لقمان (عليه السلام) ، والتعرّف
على حياته ، وأن نستلهم من سيرته الثرية الدروس والعبر ، وأهم ما حفظه
التاريخ من عطاء هذه الشخصية الكريمة هي وصاياه لولده .
فأوّل شيء نستفيده من هذا الفصل ؛ أن ينهج الآباء مع أبنائهم هذا النهج
التربوي ، فليست مهمة الأب أن يوفر لابنه المأكل والملبس فحسب ، بل إنّ أهم
من هذا وذاك أن يعلمه ويؤدبه وينهج به طريق الحق ، ويربيه على الصراط
المستقيم الذى أمر الله سبحانه وتعالى به .
لقد بدأ لقمانُ ابنه بكلمة التحنن والعطف واظهار الشفقة عليه ، بأن أضافه
اليه (يا بُنيَّ) وكرّر هذه الكلمة إستثارة لمشاعر البنوة ، وتحريكاً لعامل
المحبة الفطرية بين الولد والوالد ، ويتأمل الفتى هذه الكلمة ، فيشعر
بمقدار حب أبيه له وشفقته عليه ، إنها كلمة محببة إلى الولِد وهو يشعر أنَّ
له أباً يحرص على هدايته ومصلحته .
ولو استعمل مكانها لفظة أخرى لما أعطت مثل هذا التأثير فلو قال له : يا
غلام أو يا فتى أو يا صبي أو يا هذا أو يا ولد ، لما كان لها هذا التأثير
وهذا البعد النفسي .
ــــــــــــ
(1) الثعلبي ، أبو اسحاق أحمد بن محمد ، عرائس المجالس ، ص 315.
(2) الجوزي ، أبوالفرج عبدالرحمن بن علي ، البرّ والصلة ، ص 126 ، ح 32.
(3) الثعلبي ، أبواسحاق أحمد بن محمد ، عرائس المجالس ، ص 314.
(4) المجلسي ، محمد باقر ، بحارالأنوار ، ج13 ، ص 432 ، ح24.
(5) نفس المصدر السابق ، ج13 ، ص 427 ، ح 23.
(6) المجلسي ، محمد باقر ، بحارالأنوار ، ، ج 13 ، ص 415 ، ح 8.
(7) المجلسي ، محمد باقر ، بحارالأنوار ، ج13 ، ص 432 ، ح24.
(8) الثعلبي ، أبو إسحاق أحمد بن محمد ، عرائس المجالس ، ص 314.
(9) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار ، ج 13 ، ص 427 ، ح 22.
(10) نفس المصدر السابق ، ج 13 ، ص 431 ، ح 23.
(11) الاصبهاني أبو نعيم ، أحمد بن عبدالله ، حليه الأولياء وطبقات
الأصفياء ، ج 6 ، ص 6.
(12) القرطبي ، محمد بن أحمد الأنصاري ، الجامع لأحكام القرآن ، ج 13 ، ص
175.
(13) السبزواري ، محمد بن محمد الشعيري ، جامع الأخبار ، ص 516 ، ح 1456
(14) السيوطي ، جلال الدين عبدالرحمن بن ابي بكر ، الدر المنثور في التفسير
المأثور ، ج 6 ، ص57.
(15) نفس المصدر السابق ، ص 520.
(16) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار ، ج 13 ، ص 432 ، ح 24.
(17) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار ، ص 417 ، ج 10.
(18) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار ، ج 13 ، ص 422 ، ح 18.
(19) نفس المصدر السابق ، ج 76 ، ص 270 ، ح 26.
(20) نفس المصدر السابق ، ج 13 ، ص 428 ، ح23
(21) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار ، ج 13 ، ص 414 ، ح 4
(22) الطبرسي ، علي بن الحسن ، مشكاه الانوار في غرر الاخبار ، ص 551
(23) المجلسي ، محمد باقر ، بحارالأنوار ، ج 13 ، ص 421 ، ج 17.
---------------------------------
مراجعة وضبط النص شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي .