بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الصادق الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.
عمَّ يُعبِر العيد
يمثلُ شهر رمضان والحج مضمارًا للخلق يتنافس فيه المتنافسون ويتسابق فيه المتسابقون ويُحسن فيه المحسنون ويتربّونَ فيه ثمّ يكون يوم العيد، (فالأول عيد الفطر والثاني عيد الأضحى) يوم العودة إلى اللهِ وإلى الذات والطهارة والارتباط بآل محمد (ص) والجوائز والتوبة والمحبة، ويوم التكبير والتهليل والشكر للمولى عز وجل، فهنيئًا لمن أدرك ذلك.
۱- يوم الطهارة:
أ- طهارة الأبدان حيث إنها قد أدَّت زكاتها بالصومِ، فقد ورد عن أبي عبد الله الصادق (ع) عن آبائهِ ((ولكل شيءٍ زكاة، وزكاةُ الأبدان الصيام))، فمن خلال الصوم والامتناع عن المفطرات يطهر البدن من الحرام والشبهة.
ب- طهارة الأرواح حيث إنها مرّت بمرحلةِ صفاءٍ لا يُوصف خلال شهر رمضان وقد حلت في ضيافة الرحمن، فتَركّزَ فيها الإخلاصُ وانسلخت عنها شائبة الرياء والوجاهة والسُّمعةِ، من خلالِ الصيام والاستماع وقراءة آياتِ القران الكريم والدعاء والتهجد آناء الليل وتسبيح الأنفاس وغيرها من روافد الشهر الكريم، فـ(أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب…).
۲- يوم الرُّجوع إلى الذات ونقدها:
فالعيد يوم الحساب.. يوم النتائج يركن فيه الإنسانُ إلى نفسهِ وينقدُها نقدًا بنَّاءً، فيلاحظ مدى التغير الذي حصل في حياتِهِ من خِلالِ ملاحظة الفرق بين ما كان عليه من سلوكيات وأفعال وأقوال وبعد وقرب من الله تعالى، قبل الشهر الكريم وما هو عليهِ الآن في يومِ العيد، فينظر إلى نفسه هل ازداد إيمانًا وقربًا من الله؟؟ هل أثر الصيام والقرآن والدعاء فيه إيجابًا فأبعده عن الغيبة والنميمة وكل ما لا يُرضي الله؟؟ هل ساهم صومه في ترسيخ الإخلاص في عباداته ومعاملاته، ( والصوم تثبيت للإخلاص)؟؟ وهل وهل..إلخ، نعم إن كان كذلك فهنيئا له هذه النعمة والتوفيق من الله، وإلاّ فإنه والعياذ بالله من الأشقياء (فإن الشقيَّ من حُرم غفران الله في هذا الشهر العظيم).
وهذا النقد بهذه الصورة إذا استمرَّ للذات حافظ العبد من خلالهِ على مكتسبات الشهر الكريم. ۳- يوم الحُب : يكون الجو في يوم العيد مُفعمًا بمعاني الحب للبشرية، وخصوصًا بين المؤمنين بعضهم البعض، فيتزاورون ويتبادلون التهاني والتبريكات والهدايا، داعين لبعضهم البعض ولكافة المسلمين بالخير والسعادة والأمن والأمان من كل ما يخافون ويحذرون منه . وأما النصيب الأكبر من الحب والمحبة فهو لقادة البشرية، الذين قادوا عملية التربية والهداية والإصلاح، الذين استخرجوا الناس من ظلمات الجهل والعصبية الجاهلية والتخلف والانحراف إلى نور العلم والهداية ومكارم الأخلاق، وهم أهل بيت النّبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي والتنزيل عليهم السلام، فترتفع الأيادي في صلاة العيد وهي تدعو: (اللهم إني أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ولمحمد (ص) ذخرًا وشرفًا وكرامة ومزيدا، أن تصلي على محمد وآل محمد…). ففي الحب تكمن كل معاني الخير، فالذي ملئ قلبه بالحب للناس فلا يصدر منه تجاههم إلاّ ما يتوافق مع حبه لهم، فالحب هو مصدر التعاون والمواساة ولعل هذا مما يرمزُ إليهِ وجوب إعطاء الزكاة في هذا اليوم.
۴-يوم الجوائز:
ورد في أمالي الصدوق: خطب أمير المؤمنين ع الناس يوم الفِطر فقال: ((إنّ يومَكُم هذا يومٌ يُثابُ فيه المُحسِنونَ، ويخسرُ فيه المُسيئون، وهو أشبه يوم بيومِ قيامتِكُم، فاذكروا بخروجِكم من منازلكم إلى مُصلاكم خُرُوجَكم من الأجداثِ إلى ربكم.. واعلموا عباد الله أن أدنى ما للصائِمين والصائمات أن يُناديهم مَلَكٌ في آخر يوم من شهر رمضان: أبشِروا عِباد الله فقد غُفِر لكُم ما سلَفَ من ذنوبكم فانظروا كيف تكونون فيما تستأنِفون، وإذا طلع هلال شوال نودي المؤمنون هلمّوا إلى جوائِزكم). اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد واعصمنا وجميع المؤمنين والمؤمنات بالتّقوى واجَعَل الآخِرَةَ خيرًا لنا ولهم من الأولى، وانقلنا وإياهم من ذل معصيتك إلى عِزّ طاعتك، وأعدنا وإياهم على مثل هذه الأيام في خير وعافية إنك سميعٌ مجيب وصلِّ اللهمَّ على محمد وآل محمد.