قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: (كن باراً واقتصر على الجنة، وإن كنت عاقاً فظّاً فاقتصر على النار)1.
أكّد الإسلام على برِّ الوالدين والإحسان إليهما، وجعل ذلك أمراً واجباً، وفريضة يأتي في المرتبة التالية لعبادة الله وحده وعدم الإشراك به، فقال تعالى:﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ... ﴾ 2، وقال:﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ... ﴾ 3، وقال عزّ من قائل:﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ... ﴾ 4.
وبيّن الإمام الصادق «عليه السلام» في حديث له المعنى المراد من الإحسان إلى الوالدين، فقال: (الإحسان أن تحسن صحبتهما، وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئاً مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين)5.
فعلى الأبناء توقير الوالدين، واحترامهما، وتعظيم شأنهما، وخفض الجناح لهما، والتعامل معهما بالأخلاق الحسنة، فلا ينهر الابن والديه، ولا يرفع صوته فوق صوتهما، ولا يؤذيهما بأيّ نوع من أنواع الأذيّة، قال تعالى:﴿ ... فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ 6، فإذا حصل أن أراد الابن أن يناقش أحد والديه في بعض آرائه، التي يرى الابن حسب نظره عدم صحّتها، فهذا وإن كان لا مانع منه شرعاً، إلاّ أنّه يلزم الابن أن يراعي أدب الحوار والنقاش معهما؛ من الهدوء وعدم رفع الصوت فوق صوتهما، ودون أن يستخدم الألفاظ الخشنة، وإنّما بالقول الليّن الذي لا غلظة فيه، ولا حدّة، ولا قوّة، ولا عنف، لا سيما إذا وصلا إلى مرحلة متقدمة من السّن، لأنّهما في حالة الشيخوخة يكونا أكثر تأثراً ببعض أفعال وأقوال الأبناء، فتولّد عندهما انزعاجاً وأذى، قد يكون في بعض حالاته شديداً عليهما، ولأنّهما في هذه المرحلة يحتاجان إلى الرّعاية والعناية والإحسان من قبل الإنباء بشكل أكبر وأكثر لضعفهما وعدم إمكانهما القيام بقضاء الكثير من حوائجهما، الأمر الذي يستدعي لزوم وقوف الأبناء معهما وأن يجبروا ضعفهما، كما ويجب على الأبناء الإنفاق عليهما في حالة عسرهما بدفع النفقة اللائقة بحالهما، كل ذلك عرفاناً من الأبناء لجميلهما، وشكراً لهما، لما لهما من الفضل في إنجاب الأبناء، ولما تحمّلاه من متاعب الرّعاية والتربية.
ولم تخص الشريعة الإسلامية الوالدين المسلمين بوجوب إحسان الأبناء لهما وبرّهما، وإنّما أوجبت ذلك لهما وإن كانا كافرين مشركين، فعن الإمام الباقر «عليه السلام» قال: (ثلاث لم يجعل الله عز وجل لأحد فيهن رخصة: أداء الأمانة إلى البر والفاجر، والوفاء بالعهد للبر والفاجر، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين)7.
وعن الإمام الصادق «عليه السلام» قال: (بر الوالدين واجب، فإن كانا مشركين فلا تطعهما ولا غيرهما في المعصية، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)8.
وعن زكريّا بن إبراهيم، قال: (كنت نصرانياً فأسلمت، وحججت فدخلت على أبي عبد الله «عليه السلام» فقلت: إني كنت على النصرانية وإني أسلمت، فقال: وأي شيء رأيت في الإسلام؟ قلت: قول الله عز وجل:﴿ ... مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ ... ﴾ 9، فقال: لقد هداك الله، ثم قال: اللهم اهده -ثلاثاً-، سل عما شئت يا بني، فقلتّ: إن أبي وأمي على النصرانية وأهل بيتي، وأمي مكفوفة البصر فأكون معهم وآكل في آنيتهم؟ فقال: يأكلون لحم الخنزير؟
فقلت: لا ولا يمسونه، فقال: لا بأس، فانظر أمك فبرها، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك، كن أنت الذي تقوم بشأنها ولا تخبرن أحداً أنك أتيتني حتى تأتيني بمنى إن شاء الله.
قال: فأتيته بمنى والناس حوله كأنه معلم صبيان، هذا يسأله وهذا يسأله، فلما قدمت الكوفة ألطفت لأمي وكنت أطعمها وأفلي ثوبها ورأسها وأخدمها، فقالت لي: يا بني ما كنت تصنع بي هذا وأنت على ديني، فما الذي أرى عنك منذ هاجرت فدخلت في الحنيفية؟ فقلت: رجل من ولد نبينا أمرني بهذا، فقالت: هذا الرجل هو نبي؟ فقلت: لا ولكنه ابن نبي، فقالت: يا بني إن هذا نبي، إن هذه وصايا الأنبياء، فقلت: يا أمه إنه ليس يكون بعد نبينا نبي ولكنه ابنه، فقالت: يا بني دينك خير دين، اعرضه عليّ فعرضته عليها، فدخلت في الاسلام وعلمتها، فصلت الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة، ثم عرض لها عارض في الليل، فقالت: يا بني أعد عليّ ما علمتني فأعدته عليها، فأقرت به وماتت، فلما أصبحت كان المسلمون الذين غسلوها، وكنت أنا الذي صليت عليها ونزلت في قبرها) 10.
الأم أجدر بالإحسان
ومع أنّ الشريعة الإسلامية أمرت الأبناء ببر كلا الوالدين والإحسان إليهما، إلاّ أنّها خصت الأم بمزيد من البر والإحسان، وذلك لفضلها الكبير على الأبناء؛ من حملها لهم تسعة أشهر في بطنها، مع معاناتها من آلام الحمل، وأوجاع الولادة، ومن سهرها ليلاً عندما ينهض طفلها من نومه، لإرضاعه ومحاولة تنويمه مرّة أخرى، ولما تعيشه من أذى نفسي عندما يمرض أبناؤها، لكل ذلك وغيره من الجميل الذي قدّمته لأبنائها مما لم يقدّمه مخلوق آخر لهم، كانت أحقّ ببرهم وإحسانهم، فعن الإمام الصادق «عليه السلام» قال: (جاء رجل إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أباك)11.
وفي لفظ آخر، أنّ رجلاً جاء إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فقال: (من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك)12.
الإحسان إلى الوالدين وبرهما لا يقتصر على حياتهما
ولا يقتصر برّ الوالدين والإحسان إليهما على حياتهما، فهو واجب على الأبناء في حال حياتهما وحال مماتهما، فلا يسقط حقّهما بالموت، حيث دلّت بعض الرّوايات على أن من ترك برَّ والديه والإحسان إليهما بعد وفاتهما فهو بمنزلة العاق لهما، وإن كان في حال حياتهما قد أدّى ما عليه من حقوق تجاههما، فعن الإمام الباقر «عليه السلام» قال: (إنّ العبد ليكون باراً بوالديه في حياتهما ثم يموتان، فلا يقضي عنهما ديونهما، ولا يستغفر لهما، فيكتبه الله عاقاً، وإنه ليكون عاقاً لهما في حياتهما، غير بار بهما، فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما، فيكتبه الله عزّ وجل باراً)13.
فعلى الأبناء ومن باب برّ الوالدين والإحسان إليهما، أن يؤدّوا ما فاتهما من الفرائض والواجبات حال الحياة، كالصلاة، والصيام، والحج، وأن يقضوا ديونهما مما كان عليهما للناس، ويعملوا بوصيتهما، وأن يمارسوا الدعاء لهما، فيسألوا الله لهما العفو والمغفرة والرّحمة، ويتصدقوا عنهما، ويأتوا بالأعمال المستحبّة نيابة عنهما، فعن الإمام الصادق «عليه السلام» عن آبائه الطاهرين الكرام «عليهم السلام» قال: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: (سيد الأبرار يوم القيامة رجل برَّ والديه بعد موتهما)14.
وعنه «عليه السلام» قال: (ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين وميتين، يصلي عنهما، ويتصدق عنهما، ويحج عنهما، ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما، وله مثل ذلك فيزيده الله عز وجل ببره وصلته خيراً كثيراً)15.
وعن أسيد بن مالك قال: (بينما نحن عند رسول الله «صلى الله عليه وآله» إذ جاءه رجل من بنى سلمة، فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به من بعد موتهما؟ قال: نعم الصلاة عليهما 16، والاستغفار لهما، وانفاذ عهودهما 17، واكرام صديقهما، وصلة الرحم الذي لا رحم لك إلاّ من قبلهما)18.
حدود طاعة الأبناء للوالدين
إنّ من المسائل المهمّة التي تطرح عند الحديث عن علاقة الأبناء بالوالدين، مسألة حدود طاعة الأبناء للوالدين، فيما يطلبانه منهم أو يأمرانهم به أو ينهيانهم عنه، وذلك في غير ما إذا أمرا بترك واجب أو فعل محرّم، إذ لا طاعة لهما في ذلك، فعن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» قال: (لا طاعة لأحد في معصية الله، إنّما الطاعة في المعروف)19.
وفي رواية عنه «صلى الله عليه وآله»: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)20.
أمّا في غير ذلك، فهل يجب على الأبناء طاعة الوالدين طاعة مطلقة أم أنّ لطاعتهما حدود؟
إنّ وجوب الطاعة للوالدين على أبنائهم إنّما يكون في خصوص ما يعرف بالأوامر الإشفاقيّة، فلو أمر الأب أو الأم ابنهما أمراً سببه إشفاقهما وخوفهما عليه، فلا يجوز له مخالفتهما، ومثال ذلك ما لو أنّهما منعاه من السفر إلى مكان ما شفقة عليه، خوفاً عليه من الضرر، فتجب عليه طاعتهما في ذلك، ولا يجوز له مخالفتهما في منعهما هذا، وأمّا في غير الأوامر الإشفاقيّة فلا تجب عليه طاعتهما، ومثال ذلك ما لو اختار الولد فتاة ليقترن بها كزوجة، وكانت مقبولة لديه من جهة دينها وأخلاقها ومستواها الفكري والتعليمي، وكذلك من ناحية شرفها ونسبها، ومنعه أحد والديه من الزّواج منها لمجرّد عدم رغبته في زواج ابنه من العائلة الفلانيّة، أو من ابنة فلان، أو ابنة فلانة، فإنّه لا يجب شرعاً على الولد أن ينصاع إلى هذا المنع، وله أن يتزوّج من هذه الفتاة، أو لو أنّ البنت اختارت رجلاً معيناً لتقترن به كزوج، وعارض الأبوان أو أحدهما ذلك، لا لأنّه غير كفوء لها، وإنّما لعدم رغبتهما في زواج ابنتهما من هذا الرجل، لأنّه ابن العائلة التي لا يتفاعل معها الأبوان أو أحدهما، فلا يجب شرعاً على البنت الطاعة لهما في مثل هذا المورد، نعم موافقة الأب بالنّسبة لزواج البنت البكر مطلوب شرعاً.. ومن الجيّد والمفيد أن تراعي البنت نصائح الوالدين وتأخذها بنظر الاعتبار، لكنّه في حال ما إذا وقع الخلاف بين البنت ووالديها في اختيار الزّوج، فالقرار هو قرار البنت، ولا يجب عليها الطاعة لهما إذا لم يكن هناك سبب لهذا الرّفض يعود إلى شفقتهما عليها، (نعم الأفضل بل الأحوط إطاعتهما مهما أمكن، والاجتناب عن معصيتهما خصوصاً في الموارد التي يكون الأمر والنّهي في مصلحة الولد، لا من جهة مصلحتهما)21.
من آثار بر الوالدين والإحسان إليهما
وبغضّ النظر عن ما لبر الوالدين والإحسان إليهما من ثواب جزيل عند الله سبحانه وتعالى، لكونه فرض من الله امتثله الأبناء، فلهم ثواب هذا الامتثال، وأنّ برّهما والإحسان إليهما موجب لرضا الله عزّ وجل على عبده كما في الحديث عن النبي «صلى الله عليه وآله»: (رضى الله في رضى الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين)22 ، وأنّه سبيل إلى الجنّة، كما في الحديث الشريف عنه «صلى الله عليه وآله»: (كن باراً واقتصر على الجنة، وإن كنت عاقاً فظّاً فاقتصر على النار)23، فإنّ له آثاراً وضعيّة من زيادة عمر البّار، والزيادة في رزقه والبركة فيه، وغير ذلك، فعن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: (من سرّه أن يمدّ له في عمره، ويزاد في رزقه، فليبر والديه، وليصل رحمه)24.
وعنه «صلى الله عليه وآله» أيضاً: (من برّ والديه طوبى له، زاد الله في عمره)25.
ومن آثاره أيضاً أنّ الله عزّ وجل يخفف عن البار سكرات الموت، فعن الإمام الصادق «عليه السلام» قال: (من أحب أن يخفف الله عز وجل عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولاً، وبوالديه باراً، فإذا كان كذلك، هون الله عليه سكرات الموت، ولم يصبه في حياته فقر أبداً)26.
ومن آثار برّ الوالدين أنّ من برّ والديه برّه أبناؤه، فعن الإمام الصادق «عليه السلام» قال: (برّوا آباءكم يبرّكم أبناؤكم)27.
فليحرص الأبناء على بر والديهم، وليحذروا من عقوقهما، وهو الإساءة إليهما بأي وجه يعدّ تنكراً لجميلهما على الولد، فهو من الكبائر، كما هو صريح العديد من الرّوايات، فعن الإمام الصادق «عليه السلام» أنّه قال: (عقوق الوالدين من الكبائر؛ لأنّ الله تعالى جعل العاق عصيّاً شقيّاً)28.
وكما أنّ من محاسن بر الوالدين أن البارّ لوالديه يبرّه أبناؤه، فكذلك من عقّ والديه يعقّه أبناؤه، فكما تدين تدان.
ينقل عن الأصمعي أنّه قال: (حدثني رجل من الأعراب قال: خرجت من الحي أطلب أعق الناس وأبرّ الناس. فكنت أطوف بالأحياء، حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل، يستقي بدلو لا تطيقه الإبل في الهاجر والحرّ الشديد، وخلفه شاب في يده رشاء من قدّ ملوي، يضربه به، قد شق ظهره بذلك الحبل.
فقلت له: أما تتقي اللّه في هذا الشيخ الضعيف، أما يكفيه ما هو فيه من هذا الحبل حتى تضربه؟
قال: انه مع هذا أبي.
قلت: فلا جزاك اللّه خيراً.
قال: اسكت، فهكذا كان يصنع هو بأبيه، وكذا كان يصنع أبوه بجده.
فقلت: هذا أعق الناس.
ثم جلت أيضاً حتى انتهيت إلى شاب في عنقه زبيل، فيه شيخ كأنه فرخ، فيضعه بين يديه في كل ساعة، فيزقه كما يزق الفرخ.
فقلت له: ما هذا؟
فقال: أبي، وقد خرف، فأنا أكفله.
قلت: فهذا أبرّ العرب. فرجعت وقد رأيت أعقّهم وأبرهم)29.
ومن آثار عقوق الوالدين أيضاً، أنّ العقوق يؤدّي إلى سوء الخاتمة، فيخرج العاقُّ من الدنيا فاقداً لإيمانه، ويرى ساعة احتضاره أهوالاً مرعبة مريعة، فعن الإمام الصادق «عليه السلام» أنّه قال: (إنّ رسول الله «صلى الله عليه وآله» حضر شاباً عند وفاته، فقال له: قل، لا إله إلا الله. قال: فاعتقل لسانه مراراً.
فقال لامرأة عند رأسه: هل لهذا أم؟ قالت: نعم، انا أمه، قال «صلى الله عليه وآله»: أفساخطة أنت عليه؟ قالت: نعم، ما كلمته منذ ستة حجج، قال «صلى الله عليه وآله» لها: أرضي عنه، قالت: رضي الله عنه يا رسول الله برضاك عنه. فقال له رسول الله «صلى الله عليه وآله»: قل لا إله إلا الله، قال: فقالها، فقال له النبي «صلى الله عليه وآله»: ما ترى؟ قال: أرى رجلاً أسود الوجه قبيح المنظر وسخ الثياب منتن الريح، قد وليني الساعة وأخذ بكظمي، فقال له النبي «صلى الله عليه وآله»: قل يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير، أقبل مني اليسير واعف عني الكثير، إنك أنت الغفور الرحيم، فقالها الشاب، فقال له النبي «صلى الله عليه وآله»: انظر ما ذا ترى؟
قال: أرى رجلاً أبيض اللون حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب قد وليني، وأرى الأسود قد تولى عني، فقال له: أعد فأعاد، فقال له: ما ترى؟ قال: لست أرى الأسود، وأرى الأبيض قد وليني، ثم طفا على تلك الحال)30.
فلولا وجود النبي «صلى الله عليه وآله» عند هذا الشاب ساعة موته، ولولا طلبه من أمّه أن ترضى عنه، وتكراره لتلك الكلمات التي طلب النبي «صلى الله عليه وآله» منه تكرارها الأمر الذي أدّى إلى عفو الله سبحانه وغفرانه له عقوقه لأمّه لكان خرج من الدّنيا - والعياذ بالله - بلا إيمان31.
________________
1. الكافي 2 /348.
2. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 23، الصفحة: 284.
3. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 83، الصفحة: 12.
4. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 151، الصفحة: 148.
5. الكافي 2 /157.
6. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 23 و 24، الصفحة: 284.
7. الكافي 2/162.
8. بحار الأنوار 71/71.
9. القران الكريم: سورة الشورى (42)، الآية: 52، الصفحة: 489.
10. الكافي 2/161.
11. الكافي 2/160.
12. صحيح مسلم 8/2.
13. الكافي 2/163.
14. ميزان الحكمة 9/568، برقم: 22659.
15. الكافي 2/159.
16. أي: الدعاء لهما.
17. أي: تنفيذ وصيتهما.
18. المستدرك على الصحيحين 4/155.
19. مسند أحمد 1/94.
20. من لا يحضره الفقيه 4/381.
21. الذنوب الكبيرة 1/149 - 150.
22. الكبائر للذهبي، صفحة 66.
23. الكافي 2/348.
24. ميزان الحكمة 9/567، برقم: 22643.
25. ميزان الحكمة 9/567، برقم: 22646.
26. بحار الأنوار 71/66.
27. ميزان الحكمة 9/567، برقم: 22653.
28. ميزان الحكمة 9/572، برقم: 22686.
29. أخلاق أهل البيت، صفحة 245.
30. مستدرك الوسائل 2/129.
31. المصدر كتاب "بحوث ومقالات من هدي الإسلام" للشيخ حسن عبد الله العجمي.