الله يدعو إلى دار السلام
  • عنوان المقال: الله يدعو إلى دار السلام
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 17:11:17 3-9-1403

ما هي ـ يا أخي ـ دار السلام ؟
ما هي دار السلام التي يدعو إليها اللهُ ربُّ العالَمين ؟
وربُّنا الرحيم.. يدعو مَن إلى دار السلام ؟
مَن ينبغي أن يدخل هذه الدار وتُفَتَّح له أبوابُها للدخول ؟

* * *

الإجابة نفوز بها في آية شريفة من آيات سورة يونس عليه السّلام. وهي آية تفيض بالأمل المنوَّر، وبالمستقبل الإنساني الرائع الجميل:
واللهُ يَدعُو إلى دارِ السَّلامِ، ويَهدي مَن يَشاءُ إلى صِراطٍ مُستَقيم .. إنها إذَن من الربّ الرحيم إلى الناس.. إلى الناس جميعاً.
الله الغنيُّ المُغْني يدعو مخلوقاته من البشر ـ بعدما أخرجَتْهم يدُ التكوين ـ يدعوهم إلى دار السلام!
والله جلّ جلاله ـ يا أخي ـ هو « السلام »؛ لأنّ السلام اسم من أسمائه الحُسنى التي ما بعد حُسْنها حُسن، ولا بَعد جمالها من جمال.
الله ربُّنا يدعو مخلوقاته من البشر أن تدخل في دار السلام، والسلام من أسمائه الحسنى.. فهو يدعوها أن تدخل في داره هو عزّ وجلّ؛ فهي دعوة لا أكرمَ منها في الوجود ولا أسخى.
الله تبارك وتعالى يدعو الإنسانَ المخلوقَ الأرضي الضعيف المحتاج، أن يخطو متقدِّماً تلقاء ( دار الله ).. ليدخل.
وبابُ دار الله مفتوح للداخلين. المضيّف الكريم يدعونا أن ندخل، والأبواب مُفتَّحة للاستقبال.

* * *

ستكون ـ يا أخي ـ في دار السلام ضيفاً على الله.. في تجلّيات اسم من أسمائه الجميلة، إذ السلام يتضمن الجمال والخير والرحمة والطمأنينة والأمان.
لن تلتقي في دار السلام بمظاهر الجلال والقهر والجبروت. لن تلتقي باسم ( الجبّار )، ولا باسم ( الشديد )، ولا باسم ( المنتقم ).
في دار الله هذه التي يدعوك بكرمه إليها باسم ( السلام ). وتُسعَد فيها بالأمن الإلهي في ظاهر حياتك، وفي أعماق ضميرك وكينونتك.
لن تجد ـ إذا دخلتَ دار الله السلام ـ غير نور الطمأنينة، وسعادة العيش الآمن القرير المطمئن.
.. فأيّ كرم هذا الذي يدعوك إليه ربُّك ؟! وأيّ سخاء هذا السخاء ؟!

* * *

ولكن.. أين هي دار السلام التي دُعينا للدخول فيها ؟
أين هي البوّابة الموعودة التي يَموج خلفها السلام الحقيقي والأمن المُسعِد ؟
مفاتيح بوّابة دار السلام.. حاضرة مُعَدّة مُهيّأة.
المفاتيح ـ يا أخي ـ هي ذي تتلألأ بأيدي الأنبياء وأوصياء الأنبياء عليهم السّلام.
مفاتيح دار السلام.. يسلّمها الأنبياء والأوصياء إليك، ويضعونها في يديك. ورسالتهم الإلهيّة لحياة الإنسان.. هي المفاتيح.
الإسلام لله.. أن تُسْلِم قيادَك لله.. هو دار السلام.. هو دار الله. سَلِّم في حياتك كلِّها لله.. تَسْلَم وتطمئن وتأمَن وتَهنأ في دار السلام.. بكلّ ما في الدار من معاني السَّكَن، والأمن، والحماية، والستر الجميل.

* * *

البشرية كلها ـ هذه الساكنة في هذه الأرض العريضة.. يدعوها خالقها بكرمه الذي لا يتناهى أن تأتي مُقبِلةً على دار السلام.
البشرية كلّها.. يدعوها الله ـ السلام أن تدخل داره، فتتذوّق حقيقة السلام الذي لا يَفنى ولا يزول.

* * *

وماذا بعد ؟
ما الذي ينتظرك ـ يا أخي ـ بعد أن تفوز بدخول دار السلام ؟
في دار السلام سوف يَحظى من الناس مَن يحظى، بالدخول في بوّابة أخصّ. سوف يهتدي مَن يَمُنّ الله عليه بالمزيد.. إلى باب الصراط المستقيم:
واللهُ يَدعُو إلى دارِ السلامِ، ويَهدي مَن يَشاءُ إلى صراطٍ مُستَقيم ..
حين تكون داخلاً في الصراط.. يتضاعف لك السلام. تدخل في الهداية الخاصة، فتلتقي بولاية الله.
الولاية.. هي الصراط، هي استقامة الصراط.
بعد صدق الاستقامة في السلام.. تدخل من الإسلام العام إلى الإيمان الخاص.
ومن يدخل في الصراط.. اكتنفه الصراط وطواه وغيّبه في داخله، وبعبارة أخرى: صَرَطه وابتلعه. ومن هنا اسمُه.
عندئذ.. ينغمر الإنسان بموج النور.. فيطوي الطريق إلى الله سبحانه ويجد نفسَه في حضرة الحيّ القيّوم.
ومَن فاز بدخول الحضرة الإلهية.. دخل في الولاية العظمى، والهداية الخاصة.. فإذا العذوبة في كل شيء، وإذا السعادة الروحية تتحدّر رَقراقةً من كلّ ذرّات الوجود، وإذا المعرفة والبصيرة مفتوحةٌ عيونُها على الآزال والآباد.

* * *

هُو ذا إذَن ـ يا أخي ـ باب السلام.
ثمّ هي ذي بوّابة الصراط المستقيم.. تحتاج إلى كدح منّا وصدق في الطلب ومعاناة.
فما الذي ننتظر يا أخي ؟!
هيّا إذَن نهرب من عذابات البُعد عن دار السلام.
هيا.. نفرّ من عذابات النأي عن صراط الله.. قبل أن تمرّ الفرصة، ويفوتنا الوقت!