أثر الاستماع إلى القرآن
  • عنوان المقال: أثر الاستماع إلى القرآن
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 16:43:57 3-9-1403

 ألَمْ يَأْنِ للّذينَ آمَنوا أن تَخشعَ قلوبُهم لِذِكرِ الله (1) ؟!
إنه أمر محضر العزّة وخطاب الحضرة الإلهيّة، لساكني منزل البشرية ومغروري عالَم الإنسانية: أمَا آنَ أنْ يَدَعوا الغرور والتكبّر، ويَطرحوا أنفسهم بمذلّة على عَتَبة العبودية ويعترفوا بحقّنا ؟!
ألم يعلموا أن أهل التكبر والغرور، وعَبَدة العادات.. لا شأن لهم عندنا ولا وجاهة، ولا نصيب لهم من ألطاف الكرم ؟!

ابتَعِدْ عن مرافقة نفسك التي ترعرعت على عبادة العادة
أُقبِّلُ التراب الذي تطؤه قدمك.. فقط انفُرْ مِن نفسِك

ألَم يَأنِ للذينَ آمَنوا... .
يقال: إنّ سبب توبة فُضَيل بن عِياض سماعه هذه الآية:
في بدء أمره.. كان قاطع طريق، متورّطاً فيما يَشين من العمل. ولمّا وقع على رأسه ظِلُّ صاحبِ الجمال، ضَرَب له موعداً.. وكان الموعد في قلب الليل.
كان فُضَيل يتسلقّ جداراً لمّا سمع هاتفاً يقول: ألَم يَأنِ للذينَ آمَنوا أن تَخشَعَ قلوبُهم لذِكر الله ؟! هذه الآية كانت سهماً أصاب قلبه ونَشب فيه، فتدفّق الداء من داخله.
كانت الرعاية الإلهية قد نَصَبت له كميناً، فإذا هو مُكبَّل بحبل التوفيق. عندها رجع، وقال: بلى واللهِ قد آن، بلى واللهِ قد آن!
رجع.. حتّى أتى خَرِبة. كان في الخربة أفراد قافلة من المسافرين. كانوا يتحدّثون:
ـ فُضَيل على الطريق، متّى سِرنا فإنّه يقطع علينا الطريق ويسلبنا بضاعتنا.
أمّا فُضَيل.. فقد لامَ نفسه، قال:
ـ ما أسوأني من إنسان! ما هذا الشقاء الذي أنا فيه ؟! في ظلمة منتصف الليل خرجتُ من داري قاصداً المعصية، وخوفاً منّي فَرّ أناس مسلمون إلى تلك الخَرِبة!
عندها.. رفع بصره إلى السماء، وتاب إلى الله ـ بقلبٍ نقيّ ـ توبةً نَصوحاً.. قائلاً:
ـ اللهمّ إنّي تُبتُ إليك، وجعلتُ توبتي إليك جوارَ بيتك الحرام. إنّي لأتعذّب من سوء ما صَدرَ مني، وأنوح ممّا أنا عليه من الضَّعة والهوان، فداوِني من دائي يا دواء كلّ داء، يا مُنزَّهاً من العيب، يا عالي الصفات بغير شَوب، يا مَن لا يحتاج إلى خدمتي، يا غنيّاً عن محاسبتي، أنا أهلٌ لأن أُرحَم فاعفُ عنّي.. أنا أسيرٌ بقَيدِ هواي فأطلِقْني من قَيدي.
واستجاب الله تعالى دعاءه وأكرمه بكرامات. عندها.. رجع ويَمَّم وجهه شطر الكعبة، فجاوَرَ هناك سنين، وغدا من جملة الأولياء (505:9 ـ 506).

-------
1 ـ الحديد، من الآية 16.