في شرائط الصوم
وتنقسم الشروط إلى قسمين:
الأوّل: شرائط وجوب الصوم.
الثاني: شرائط صحة الصوم.
القسم الأوّل: شرائط وجوب الصوم:
1 ـ البلوغ.
2 ـ العقل.
3 ـ الحضر.
4 ـ عدم الإغماء.
5 ـ عدم المرض.
6 ـ الخلو من الحيض والنفاس.
الشرط الأوّل: البلوغ:
البلوغ في اللغة: يقال بلغ بلوغاً الثمر: نضج، والغلام: أدرك، والبالغ المدرك، ويقال غلام بالغ، وجارية بالغة.
وفي الاصطلاح: هو بلوغ الإنسان عمراً يكون به موضوعاً للأحكام التكليفية والوضعية، أي: من لم يبلغ فهو غير مكلّف ومن بلغ فهو مكلّف.
لقد جعل الشارع المقدّس ضوابط وعلامات كي يرفع بها الإبهام عن الناس، وهي: 1 ـ الاحتلام. 2 ـ الإنبات. 3 ـ السن.
العلامة الاُولى: الاحتلام:
الاحتلام لغةً: من احتلم أي: رأى في منامه رؤيا، وحلم الصبي واحتلم، أي: أدرك وبلغ مبالغ الرجال فهو حالم ومحتلم(1)، وقيل: أنّ الاحتلام هو: رؤية اللّذة في النوم أنزل أم لم ينزل، وفيه: احتلمت المرأة، أي: رأت في النوم أنّها تجامع.
واصطلاحاً: قال العلاّمة الحلّي: «الحلم هو خروج المني من الذكر أو قُبل المرأة مطلقاً، سواء كان بشهوة أو غير شهوة، وسواء كان بجماع أو غير جماع، وسواء كان في نوم أو يقظة»(2).
فغلب لفظ الاحتلام في هذا المعنى دون غيره من أنواع المنام لكثرة الاستعمال للفظ في هذا المعنى.
وقد اُشير إليه في الكتاب العزيز والسنّة الشريفة، أمّا الكتاب: فقوله تعالى:
{ لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} (3).
وقوله تعالى: { وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} (4).
وأمّا السنّة: فقد تضافرت الروايات على أنَّ الاحتلام من أمارات البلوغ، فعن أبي عبدالله(ع): «فإذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيئات»(5).
إلاّ أنّ السؤال هو: هل أنّ الاحتلام هذا للرجال فقط أم للنساء أيضاً؟
قال السيّد الطباطبائي في العروة: «المرأة تحتلم كالرجل، ولو خرج منها المني حينئذ وجب عليها الغسل والقول بعدم احتلامهن ضعيف»(6).
وفي صحيح الحلبي عن أبي عبدالله(ع) قال: سألته عن المرأة ترى في المنام مايرى الرجل؟ قال: «إذا أنزلت فعليها الغسل، وإن لم تنزل فليس عليها الغسل»(7).
العلامة الثانية: الإنبات
والمراد إنبات الشعر الخشن على العانة، من دون فرق بين الذكر والاُنثى.
قال أبو الهيثم: «العانة منبت الشعر فوق قُبُل المرأة، وفوق الذَّكر من الرَجل»(8).
قال الشيخ في الخلاف: «الإنبات دلالة على بلوغ المسلمين والمشركين»(9). خلافاً لبعض العامّة، حيث قالوا: بأنّ هذا علامة البلوغ في الكفّار فقط.
وفي شرائع الإسلام: «ويعلم بلوغه بإنبات الشعر الخشن على العانة»(10)، قال الشهيد الثاني في المسالك: واحترز بالخشن عن الشعر الضعيف الذي ينبت قبل الخشن ثم يزول ويعبَّر عنه بالزغب، وبشعر العانة عن غيره، كشعر الإبط والشارب واللحية، فلا عبرة بها عندنا، وإن كا ن الأغلب تأخرها عن البلوغ، إذ لم يثبت كون ذلك دليلاً شرعاً خلافاً لبعض العامّة...»(11).
وقال العلاّمة الحلّي: انبات هذا الشعر دليل على البلوغ في حقِّ المسلمين والكفَّار عند علمائنا أجمع»(12).
العلامة الثالثة: السن:
وهو يختلف بين الذكر والاُنثى.
أولاً: سن البلوغ في الذكر: وهو بلوغه سن الخامسة عشر سنة كما هو مشهور ومعروف عند علماء الشيعة.
قال الشيخ في الخلاف «يُراعى في حدّ البلوغ في الذَكور بالسن خمس عشرة سنة»(13).
قال العلاّمة: «الذكر والمرأة مختلفان في السن، فالذكر يعلم بلوغه بمضي خمس عشرة سنة، والاُنثى بمضي تسع سنين عند علمائنا»(14).
قال ابن إدريس: «والاعتماد عند اصحابنا على البلوغ في الرجال، وهو إمّا الاحتلام، أو الإنبات في العانة، أو خمس عشرة سنة»(15).
وقال ابن زهرة: «وحدّ السن في الغلام خمس عشرة سنة، وفي الجارية تسع سنين، بدليل الاجماع»(16).
وقد كان ذلك منهم تبعاً للأخبار الواردة في ذلك، فروي حمران قال: سألت أبا جعفر(ع) قلت له: متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التامّة، وتقام عليه ويؤخذ بها؟ فقال: «إذا خرج عنه اليتم وأدرك».
قلت: فلذلك حدّ يعرف به؟
فقال: «إذا احتلم، أو بلغ خمسة عشر سنة، أو أشعر أو أنبت قبل ذلك...»(17).
ثانياً: سن البلوغ في الاُنثى: أجمع فقهاء الإمامية على أنّ حدّ البلوغ للاُنثى تسع سنين.
قال الشيخ في الخلاف: «يراعى في حدّ البلوغ... وفي الإناث إلى تسع سنين»( ).
وقال في النهاية: «وحدّ الجارية التي يجوز لها العقد على نفسها، أو يجوز لها أن تُولّي من يعقد عليها تسع سنين فصاعداً»(18).
وقال ابن إدريس في السرائر: «والمرأة تعرف بلوغها من خمس طرائق: إمّا الاحتلام، أو الإنبات، أو البلوغ تسع سنين»(19).
وكان ذلك منهم (رحمهم الله) تبعاً لما جاء في السنّة الشريفة، فقد وردت في هذا المعنى أخبار كثيرة فقد روى الصدوق في «الخصال» عن ابن أبي عمير عن غير واحد ... عن أبي عبدالله(ع) قال: «حد بلوغ المرأة تسع سنين»(20).
وهذه العلامات والأقوال هي المجمع عليها عند علماء الشيعة والمشهورة بينهم.
فيشترط في وجوب الصوم البلوغ، فلا يجب على الطفل والصبي غير البالغ. أمّا عبادات الصبي من حيث الصحّة تصحّ، ولكن لايجب عليه.
_________________________
(1) تذكرة الفقهاء: 14/191 .
(2) النور: 58 .
(3) النور: 59 .
(4) الكافي: 6/3/8 ، عنه: وسائل الشيعة: 1/42/1 .
(5) العروة الوثقى: 1/504/ فصل في غسل الجنابة/ المسألة: 6 .
(6) الكافي: 3/48/5 .
(7) لسان العرب: 13/300 .
(8) الخلاف: 3/281 .
(9) شرائع الإسلام: 2/351 .
(10) مسالك الأفهام: 4/141 .
(11) تذكرة الفقهاء: 14/187 .
(12) الخلاف: 3/282 .
(13) تذكرة الفقهاء: 14/197 .
(14) السرائر: 2/199.
(15) غنية النزوع: 215 .
(16) الكافي: 7/197 ، عنه: وسائل الشيعة: 1/43/2 .
(17) الخلاف: 3/282 .
(18) النهاية : 468 .
(19) السرائر : 1/367 .
(20) الخصال: 421 .