اعتاد الباحثون في كتاباتهم تعريف الشيء الذي هم في صدد البحث عنه، فبالنسبة إلى من تعريف الصوم، ويمكن لنا أن نعرفه تعريفين في كل واحد منهما نأخذ الصوم من بُعد معين، فالأول بحسب البُعد اللغوي، والثاني بحسب البُعد الاصطلاحي
أولاً: الصوم لغة: ذكر إبن فارس في كتابه مقاييس اللغة: «الصاد، والواو، و الميم، أصل يدل على إمساك وركود في مكان، من ذلك صوم الصائم، هو إمساكه عن مطعمه ومشربه وسائر الممنوعات، ويكون الإمساك عن الكلام صوماً، قالوا في قوله تعالى: (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا...)(1) إنّه الإمساك عن الكلام والصمت»(2).
وجاء في لسان العرب لإبن منظور: «الصوم في اللغة: الإمساك عن الشيء والترك له، وقيل للصائم: صائم لإمساكه عن المطعم، والمشرب، والمنكح، وقيل للصامت: صائم لإمساكه عن الكلام، وقيل: للفرس صائم لإمساكه عن العلف مع قيامه، والصوم: ترك الأكل»(3).
وفي الصحاح: قال الخليل: الصَوْمُ : قيامٌ بلا عمل.
والصْومُ: الإمساكُ عن الطعام.
وقد صَامَ الرجل صَوَماً وصياماً، وقومٌ صُوَّم بالتشديد، وصيّم أيضاً. ورجل صومان، أي صائم.
وصَامَ الفَرَسُ صوماً، أي قام على غير اعتلاف.
قال النابغة الذبياني:
خيلٌ صيام وخيل غير صائمةٍ تـحت العجاج واُخرى تعلك اللُجُما(4)
فتحصّل من كل هذه التعاريف اللغويّة أنّ الصوم هو الإمساك والامتناع بقول مطلق.
ثانياً: الصوم اصطلاحاً: والمراد بالصوم هنا الصوم الشرعي الذي هو من ضروريّات الدين الإسلامي. فالصوم في الشريعة الإسلامية، هو: الإمساك عن أشياء خاصّة نهى الشارع عنها، كالأكل والشرب وبقيَّة المفطّرات المذكورة في أحكام الصوم(5). ولقد عرّفه جملة من العلماء بألفاظ مختلفة، منها: تعريف الشيخ الطوسي(رحمه الله)، حيث قال في تعريفه بأنّه: «الإمساك عن أشياء مخصوصة في زمان مخصوص على وجه مخصوص، ممّن هو على صفات خاصة»(6).
وتبعه على هذا التعريف الشيخ ابن إدريس(7).
ومنها: تعريف السيّد الخوئي(رحمه الله): هو الإمساك عن المفطّرات بقصد القربة(8).
وسوف تتّضح كل هذه التعاريف عندما نتعرّض لشرائط الصوم وأحكامه.
__________________________
(1) مريم: الآية 26 .
(2) مقاييس اللغة: 3/323 (مادة صوم)، والآية 26 من سورة مريم.
(3) لسان العرب: 12/351 (مادة صوم) .
(4) الصحاح: 5/1970 .
(5) ذكرها الشيخ الحر العاملي (قدس سره) في كتابه، وسائل الشيعة في: أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت امساكه، ج 10، ص 30، ح 12753، عن التهذيب 4 : 189/535، 202/584، 318/971 والاستبصار 2 : 80/244، 84/261، وأورده بأسناده آخر في الحديث 14 من الباب 11 من أبواب آداب الصائم. وعن من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق، ج 2، ص 120، ح 1855 .
(6) الاقتصاد: 285 .
(7) السرائر: 1/364 .
(8) مستند العروة الوثقى: كتاب الصوم / 1 / 9 .