صوم الأنبياء
صوم عاشوراء في روايات أهل البيت(عليهم السلام):
وعن أبان، عن عبدالملك قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن صوم تاسوعاء وعاشوراء من شهر المحرّم فقال(ع): «تاسوعا يوم حوصر فيه الحسين(عليه السلام) وأصحابه رضي الله عنهم بكربلاء، واجتمع عليه خيل أهل الشام وأناخوا عليه، وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها واستضعفوا فيه الحسين صلوات الله عليه وأصحابه رضي الله عنهم وأيقنوا أن لايأتي الحسين(عليه السلام) ناصر و لا يمدّه أهل العراق «بأبي المستضعف الغريب» ثم قال: وأمّا يوم عاشوراء فيوم اُصيب فيه الحسين(صلوات الله عليه) صريعاً بين أصحابه، وأصحابه صرعى حوله [عُراة]، أفصوم يكون في ذلك اليوم؟! كلا وربِّ البيت الحرام ماهو يوم صوم وماهو إلاّ يوم حزن ومصيبة دخلت على أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين ويوم فرح وسرور لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشام غضب الله عليهم وعلى ذريّاتهم، وذلك يوم بكت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام، فمن صامه أو تبرّك به حشره الله مع آل زياد ممسوخ القلب مسخوط عليه...(19).
وعن جعفر بن عيسى بن عبيد، قال: سألت الرضا(عليه السلام) عن صوم عاشوراء وما يقول الناس فيه، فقال(ع): «عن صوم ابن مرجانة تسألني؟ ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسين(عليه السلام)، وهو يوم يتشائم به آل محمد(ص) ويتشائم به أهل الإسلام، واليوم الذي يتشائم به أهل الإسلام لايصام ولايتبرّك به، ويوم الاثنين يوم نحس قبض الله عزّوجلّ فيه نبيّه(ص) وما أصيب آل محمد إلاّ في يوم الاثنين فتشائمنا به وتبرّك به عدوُّنا. ويوم عاشوراء قتل الحسين صلوات الله عليه وتبرَّك به إبن مرجانة وتشائم به آل محمد صلى الله عليهم، فمن صامهما أو تبرّك بهما لقى الله تبارك وتعالى ممسوخ القلب وكان حشره مع الذين سنّوا صومهما والتبرُّك بهما»(20).
وعن أبي غندر عن أبيه، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: سألته عن صوم يوم عرفة؟ فقال: «عيد من أعياد المسلمين ويوم دعاء ومسألة قلت: فصوم يوم عاشوراء؟ قال: ذاك يوم قتل فيه الحسين(عليه السلام) فإن كنت شامتاً فصم» ثم قال: «إنّ آل اُمية عليهم لعنة الله ومن أعانهم على قتل الحسين من أهل الشام، نذروا نذراً إن قتل الحسين(عليه السلام) وسلم من خرج الى الحسين(عليه السلام) وصارت الخلافة في آل أبي سفيان، أن يتخذوا ذلك اليوم عيداً لهم، وأن يصوموا فيه شكراً، ويفرِّحون أولادهم فصارت في آل أبي سفيان سنَّة إلى اليوم في الناس، واقتدى بهم الناس جميعاً، فلذلك يصومونه ويدخلون على عيالاتهم وأهاليهم الفرح في ذلك اليوم»(21).
عن زيد النرسي قال: سمعت عبيد بن زرارة يسأل أبا عبدالله(عليه السلام) عن صوم يوم عاشوراء فقال: «من صامه كان حظّه من صيام ذلك اليوم حظُّ ابن مرجانة وآل زياد قال: قلت: وما كان حظّهم من ذلك اليوم؟ قال: النار أعاذنا الله من النار، ومن عمل يقرِّب من النار»(22).
وفي قبال هذه الروايات الواردة عن طريق أهل البيت(عليهم السلام): توجد روايات اُخرى تحبّب صيام يوم عاشوراء وتثبت استحبابه. منها: ماروي عن أبي جعفر عن أبيه(عليهما السلام) قال: «صيام يوم عاشوراء كفارة سنة»(23).
فمن هنا اختلفت الروايات، وصار الفقهاء بصدد توجيه الروايات المتعارضة، وايجاد طريق للجمع بينها.
ومن هنا قال الشيخ الطوسي في الاستبصار: فالوجه في الجمع بين هذه الأخبار ماكان يقوله شيخنا رحمه الله، وهو أنّ من صام يوم عاشوراء على طريق الحزن بمصائب آل محمد(ص) والجزع لما حلّ بعترته فقد أصاب، ومن صامه على ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه والتبرُّك به والاعتقاد لبركته و سعادته فقد أثم وأخطأ(24) .
وقال الشهيد الأوّل: وفي صوم عاشوراء حزناً كلّه أو إلى العصر أو تركه روايات، وروي صمه من غير تثبيت وأفطره من غير تشميت، ويفهم منه استحباب ترك المفطّرات لا على أنّه صوم حقيقي، وهو حسن(25).
وقال السيّد الخوئي(رحمة الله عليه): فالأقوى استحباب الصوم في هذا اليوم من حيث هو... نعم لا إشكال في حرمة صوم هذا اليوم بعنوان التيمّن والتبرّك والفرح والسرور كما يفعله أجلاف آل زياد والطغاة من بني اُمية(26).
_____________________________________
(19) الكافي: 4/147/7 .
(20) الكافي: 4/146/5 .
(21) أمالي الطوسي: 667/ ح 4 ]1397[، مجلس 36.
(22) الكافي: 4/147/6 .
(23) الاستبصار: 2/134/3 .
(24) الاستبصار: 2/136 .
(25) الدروس: 1/282 .
(26) مستند العروة الوثقى/ كتاب الصوم: 2/302 .