الشرائط المعنوية في الصيام
  • عنوان المقال: الشرائط المعنوية في الصيام
  • الکاتب: الشيخ حسين المصطفى
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 12:56:25 14-9-1403

يتجه كثير من المسلمين إلى أن تكون علاقته بالصيام من خلال الإمساك عن المفطرات الحسية كالأكل، والشرب، والجماع.. وغيرها. متجاهلاً أو غافلاً عن وجود مفطرات معنوية ينبغي للمسلم أن يمسك عنها لأنّها تمثل الخط الموصل إلى الكمال المعنوي في الفرد الملتزم.

وقد حرص أئمة أهل البيت(عليهم السلام) على تأكيد هذا الجانب المهم في العبادات الإسلامية لتبعد بالإنسان عن ممارسة حرفية العبادة دون أن تكون له دراية بعمقها الحركي في الحياة الإنسانية.

يقول الرسول الأكرم : “لو صلّيتم حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار، لم يقبل الله منكم إلا بورع”. ويقول أمير المؤمنين : “ليس الصوم الإمساك عن المأكل والمشرب، الصوم الإمساك عن كل ما يكرهه الله سبحانه”.

ويقول أيضاً – مناظراً بين صوم الجسد وصوم النفس “صوم الجسد الإمساك عن الأغذية بإرادة واختيار خوفاً من العقاب ورغبة في الثواب والأجر”. “صوم النفس إمساك الحواس الخمس من سائر المآثم وخلو القلب من أسباب الشر”.

ويقول زين العابدين : “وأعنا على صيامه بكفّ الجوارح عن معاصيك واستعمالها فيه بما يرضيك”.

فعلى المسلمين أن ينهجوا منهج أوليائهم في الإمساك عن تلك المفطرات المعنوية بالتزامهم بخصائص ذلك المنهج والتي منها:

 

۱ – الورع عن محارم الله:

ففي جملة من خطبة الرسول الأكرم قال أمير المؤمنين(ع) : “فقمت، فقلت: يا رسول الله، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟

فقال: يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله”.

 

۲ – عفة اللسان وغض البصر:

يقول الإمام الصادق : “إنّ الصيام ليس من الطعام والشراب وحده، – ثم قال -: قالت مريم: ﴿إنِّي نَذَرْتُ لِلرحْمَنِ صَوْمَاً﴾ أي صمتاً، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم، وغضّوا أبصاركم، ولا تنازعوا، ولا تحاسدوا.

قال: وسمع رسول الله امرأ ة تسبّ جارية لها وهي صائمة، فدعا رسول الله بطعام، فقال لها: “كلي”. فقالت: إنّي صائمة! فقال: “كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك، إنّ الصوم ليس من الطعام والشراب فقط”.

 

۳ – الامتناع عن الغيبة:

قال رسول الله : “ومن اغتاب أخاه المسلم بطل صومه وانتقض وضؤه، فإن مات وهو كذلك مات وهو مستحل لما حرّم الله”.

 

۴ – حفظ الجوارح عن القبائح:

يقول الإمام الصادق : “إذا أصبحت صائماً فليصم سمعك وبصرك من الحرام، وجارحتك وجميع أعضائك من القبيح، ودع عنك الهذي وأذى الخادم، وليكن عليك وقار الصائم، والزم ما استطعت من الصمت والسكوت إلاّ عن ذكر الله، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك…”.

 

۵ – كراهة القُبلة والملامسة بشهوة:

عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين فقال: يا أمير المؤمنين، اُقبّل وأنا صائم؟

فقال له: “عفّ صومك، فإنّ بدو القتال اللطام”. فعلى ذوي البصائر أن يقفوا على هذه الشرائط – وغيرها – وقفة تأمل، حيث لا وصول إلى الغايات السامية في العبادة إلا بتلمس حقائقها، وبدون ذلك لا يرتقي الإنسان إلى روح العبادة الصحيحة، ويكون حظه كمن يقول في حقه أمير المؤمنين : “كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والظمأ”.