ينبغي أن تكون قلوبنا قرآنية
  • عنوان المقال: ينبغي أن تكون قلوبنا قرآنية
  • الکاتب:
  • مصدر: موقع دار الولاية للثقافة والاعلام
  • تاريخ النشر: 6:33:17 3-10-1403

الحقيقة هي أننا لا زلنا بعيدين جداً وتفصلنا مسافة طويلة عن القرآن. إذ ينبغي أن تكون قلوبنا قرآنية. وينبغي أن تأنس أرواحنا بالقرآن. ولو استطعنا أن نأنس بالقرآن، وأن نجعل لمعارف القرآن نفوذاً في قلوبنا وأرواحنا فإنّ حياتنا ومجتمعنا سيصبحان قرآنيين.‏

أوصي شبابنا الأعزاء أن يقرؤوا القرآن، ويأنسوا به ويجالسوه: «ما جالس هذا القرآن أحدٌ إلا قام عنه بزيادةٍ أو نقصان، زيادة في هدى أو نقصان من عمى». فكلما جالستم القرآن ونهضتم فإن حجاباً من حجب الجهالة يرتفع عنكم، وينفتح في قلوبكم منبع من منابع النورانية. لذا فإن الأنس بالقرآن ومجالسته وفهمه والتدبّر فيه كلّها أمورٌ ضروريّة.‏

 

حفظ القرآن فرصة وتوفيق‏

أمّا مقدّمة هذا العمل فهي أن نتمكن من قراءة القرآن، وأن نتمكّن من حفظه؛ فحفظ القرآن مؤثّر جداً. فليقدّر الشباب مرحلة الشباب وقدرة الحفظ. ولتشجّع الأُسر أبناءها على حفظ القرآن، وليحملوهم على ذلك. فحفظ القرآن له قيمة كبيرة. وهو يمنح حافظه فرصة التدبر فيه من خلال تكرار الآيات. وهذه فرصة وتوفيق؛ فلا تضيّعوا هذا الأمر.‏

كما ينبغي قراءة القرآن من البداية حتى النهاية، ثم تكرار الأمر حتى يتعرّف ذهن الإنسان إلى جميع المعارف القرآنية. ناهيك عن أهميّة وجود المعلّمين كي يفسّروا لنا ما يُشكل علينا من الآيات ويبيّنوا معارف الآيات الإلهية وبُطونها؛ وهذا من الأمور الضرورية.‏

إذا كنّا نعتقد ـ ونحن كذلك ـ بأن العمل بالقرآن هو أساس ومحور إحيائه، وأن المسألة ليست مجرد تلاوة وقراءة، فإننا نؤمن أيضاً بأنه لا بد من تطبيق تعاليم القرآن الكريم والعمل بآياته، وأنّ علينا أن نجعل من مجتمعنا مجتمعاً قرآنياً، وأن يكون فكرنا قرآنياً، وسلوكنا قرآنياً، وأن نثق بالقرآن ونعتمد عليه ونصدّق بحقيقة الوعد الإلهي الواردة في القرآن الكريم، حيث يقول تعالى في كتابه المحكم: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ (الأنعام: ۱۱۵). كما يجب علينا أن نتعامل بنفس القرآن وروحه مع أنفسنا، ومع أفراد عائلتنا، ومع زملائنا في العمل، ومع أفراد المجتمع، ومع مسلمي البلدان الأخرى وما إلى ذلك من أمور.‏

إنّ علينا أن نُقبل على تلاوة القرآن الكريم، وأن نفهم معانيه، لأننا إذا ما فهمنا معاني القرآن استطعنا تلاوته بصورة أفضل.‏

إذاً، لا بدّ من الالتزام بعدة أمور‏

أولاً: تجويد القراءة وتحسين التلاوة،‏

ثانياً: فهم معاني ما نقرأ،‏

ثالثاً: علينا حفظ القرآن الكريم؛ فإنّ حفظه من الأمور المهمة.‏

 

نظّفوا مرآة القلب‏

إنّكم أيّها الشباب تحتاجون إلى ذلك وتقدرون عليه. وعندما تحفظون القرآن وتكرّرون آياته وتأنسون بتلاوته فإن هذا سيمنحكم فرصة التدبّر في القرآن.‏

إنّ التدبّر في القرآن لا يتأتى من القراءة السريعة، بل من خلال التكرار والإعادة المتواصلة والشعور بالأنس مع الآيات القرآنية، فكم من دقائق وعِبَر في القرآن الكريم لا يمكن التوصّل إليها إلا بالتدبّر؛ ولهذا فإنه من الضروري حفظ وفَهْم معاني القرآن مع تلاوته.‏

ليكن تعاملنا مع القرآن كتعاملنا مع المرآة، فجمال ولطافة الصور التي تنطبع في المرآة تكون أشدّ بعد تنظيفها، وكذا الحال بالنسبة للقرآن، فعندما تطهّر القلوب بإزالة المتعلقات المادية عنها نشاهد الأثر الروحي والمعنوي للقرآن قد انعكس في تمام وجودنا، وهذا يحصل مع الذي تمكّنوا من تطهير بواطنهم من الأدران المادية، فعاشوا مع القرآن بكل وجودهم.‏

وإلا فإن أصحاب القلوب المعاندة مبدؤهم عدم الاستماع والفهم أصلاً، فنداء وكلام القرآن ورسالته لا يجد طريقاً لقلوبهم ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَ أَنْ يَشَاء اللهُ﴾ (الأنعام: ۱۱۱).‏

 

حكمة القرآن‏

بعض الأشخاص لو انطبقت السماء على الأرض فإنّ قلوبهم الصدئة لا تذعن ولا تؤمن، لذا تراهم يقرؤون القرآن ولكنهم بعيدون عن روحه ومعانيه.‏

يجب علينا الاقتراب من القرآن. اعلموا أن في القرآن حكمة ونوراً وشفاءً، وأن الحكمة القرآنية تستطيع أن تحل جميع العقد التي منشؤها الصراعات الموجودة في عالم المادة: في قلب الإنسان وروحه، وهذه حقيقة. الحكمة القرآنية تفتح القلوب وتشرح الصدر وتبعث على الأمل وتهب النور وتولّد العقيدة الثابتة التي تسير بالإنسان نحو الصراط المستقيم، فعلينا تلقّي القرآن والتمسك به.‏

إننا عندما ننغمس في ملذات الدنيا، ونحرم أنفسنا من القرآن، نكون كمن شوّه المرآة التي لا يمكن لها أن تعكس صور الأشياء أو تظهر جمالها؛ لذا علينا أن لا نحرم أنفسنا من القرآن.‏

إن العالم الإسلامي اليوم للأسف قام بحرمان نفسه من القرآن، والأمة الإسلامية قد حرمت نفسها أيضاً.‏

لذا، فإنّ عدم تحرك العالم الإسلامي وتوجّهه نحو السمو مرجعه الإعراض عن القرآن.‏

اللهم أحينا بالقرآن، وأمتنا مع القرآن، واحشرنا مع القرآن.‏

اللّهم اجعل قولنا قرآنياً وعملنا قرآنياً.‏

اللّهم اكتب الهزيمة والنكسة على أعداء القرآن. اللّهم ارزقنا روحاً قرآنية ومعرفةً حقّة بالقرآن واجعلنا من خدّام القرآن.‏