لو قال أحد موظفي الخدمة في أحد المطارات لنا: أريد أن أقول لكم أمراً مهماً: هنالك طائرتان سوف تنطلقان في نفس الوقت بالتعاقب، إلى نفس البلد الذي نحن متوجهون إليه.. الأولى قديمة الطراز، ومحالة عن الخدمة تقريباً، فمعظم الأجهزة فيها عاطلة!! ولا تعطي عدّاداتها قراءات صحيحة!!
أما الطائرة الثانية فحديثة، وفيها كل وسائل الراحة والأمان، وقائدها قدير وخبير بالطيران!!
ففي أيهما سوف تركبون؟!
نحن نعلم أن الجواب بديهي ومنطقي سيكون الطائرة الثانية.
فمن غير المعقول أن يجازف المرء ولو بنسبة واحد بالمائة في أمر خطير كهذا!!!
سؤالي هو: ماذا سيفعل المرء برحلته المصيرية؟ وسفره الأبدي (سفر الآخرة)، فهل سيجازف ويغامر فيها؟!
إن كل عمل يؤديه الإنسان لابد أن تكون هناك استعدادات مسبقة له، فالطالب إذا أراد أن ينجح أو يكون ذا مكانة اجتماعية مرموقة، عليه أن يقرأ ويدرس ويثابر، ليكون كذلك.
والمرء إذا أراد أن يصلي فهناك استعدادات تسبق الصلاة؛ كالطهارة ودخول الوقت ومعرفة القبلة…
والإنسان إذا أراد أن يأكل أكلة معينة، فعليه أن يهيئ لوازم الطهي، من طعامها إلى إدامها.
وإذا أراد شخص ما أن يسافر فعليه أن يستعد لذلك السفر، داخلياً كان أم خارجياً، قريباً أو بعيداً، فعليه أن يجهّز نفسه ويهيئ الوسائل التي يحتاجها في السفر، وفي المسكن الذي سيسكنه عند وصوله إلى المقصد.
فعليه أن يهيئ الواسطة من نقودها إلى وقودها، والثاني من جواز السفر إلى مصاحبة النفر، ناهيك عن الملبس والمأكل والمتاع!!
فكيف إذا كان مكان السفر بعيداً جداً، ولم نسافر له من قبل ولا رجعة منه!
والعقبة كؤود، والمكان مجهول (العالم الآخر)، ولم يأتنا أحد منه ليخبرنا بما لاقاه وشاهده!!
يقول المتنبي:
الموت تعرف بالصفات طباعه
لم نلق خلقاً ذاق موتاً آيبا
فالحال هنا عسير والأمر خطير، والقضية ليست قضية مركبة (سيارة)، حدثت مشكلة في أحد إطاراتها!!
ومن الممكن أن نقف لنستبدله بالاحتياطي، أو الوقود شارف على النفاد، فنتوقف عند أول محطة للتزود به.
لا وألف لا.. فالأمر أشد وأصعب من ذلك، لذا فلتكن استعداداتك متكاملة، وجاهزاً لذلك السفر المفاجئ.
يقول إمامنا الحسن بن علي عليهما السلام: «استعد لسفرك وحصّل زادك قبل حلول أجلك».(بحار الأنوار:24/139)
فلا تغادر إلا ومعك صلاتك وصومك وحجك وبرك بوالديك وإحسانك، فكل ذلك ستحتاجه في سفرك هذا، فكن مستعداً!!