عاشوراء
  • عنوان المقال: عاشوراء
  • الکاتب: محمد مهدي الجواهري
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 14:43:54 1-9-1403

عاشــــوراء *

للشاعر الكبير : محمد مهدي الجواهري

هـي الـنفس تـأبى أن تـذِلَّ iiوتُـقهَرا ترَىَ  الموتَ من صبرٍ على الضيم أيسَرا وتـختارُ مـحموداً مـن الـذِكرِ iiخـالداً عـلى الـعيش مـذمومَ الـمغَبَة iiمُنكَرا مـشى ابـنُ عـليٍ مِشيةَ الليث iiمُخدِراً تـحدَّته فـي الغاب الذئابُ  فأصحَرا(1) ومـا كـان كـالمعطي قِـياداً iiمـحاولاً عـلى  حـينَ عـضّ الـقيدُ أن iiيتحررا ولـكـنْ أنـوفا أبـصَرَ الـذُّلَّ iiفـانثنى لأذيـالـهِ عــن أن تُــلاثَ iiمُـشمِّرا تـسامىَ سـموَّ الـنجم يـأبى iiلـنفسه عـلـى رغـبـة الأدنَـينَ أن iiتـتحدَّرا وقـد حـلفتْ بـيضُ الـظُبا أن iiتنوَشه وسـمـرُ  الـقَنا الـخطيِّ أن iiتـتكسَرا حـدا الـموتُ ظـعنَ الـهاشميينَ iiنابياً بـهـمْ عــن مـقرٍّ هـاشميٍ iiمُـنَفِّرا وغُـيِّـبَ  عـن بـطحاء مـكة أزهَـرٌ أطـلَّ  عـلى الـطَفّ الـحزينِ فـأقمَرا وآذَنَ نــورُ " الـبيت " عـنه iiبـرِحلة وغـاصَ الـنَدى مـنه فـجفَّ iiوأقـفرا وطــاف بـأرجـاء الـجزيرة iiطـائفٌ مـن الـحزن يـوحي خِـيفةً iiوتـطيُّرا ومـرّ عـلى وادي الـقُرى ظِلُّ iiعارضٍ مـن الـشُؤْم لم يلبث بها أن iiتَمطَّرا(2) وســاءَلَ  كـلٌّ نـفسَهُ عـن iiذُهـوله أفـي  يـقَظةٍ قـد كانَ أم كان في iiكَرى ومـا انـتفضوا إلا وركـبُ ابـنِ هاشمٍ عـن  الحج " يومَ الحج " يُعجله iiالسُرى أبــت سَــورةُ الأعـراب إلا iiوقـيعةً بـها انـتكَصَ الإسـلام رَجْعاً إلى iiالوَرَا ونُـكِّـسَ  يـومَ الـطفّ تـاريخُ iiأُمـة مـشـى قـبـلَها ذا صـولةٍ iiمـتبخِترا فـما  كـان سـهلاً قـبلَها أخـذُ iiموثق عـلـى عَـرَبـيّ أن يـقـولَ iiفـيغدِرا ومــا زالـت الأضـغانُ بـابن iiأُمـيَّةٍ تـراجِعُ  مـنه الـقَلبَ حـتى iiتـحجَّرا وحـتى  انـبرى فـاجتَثّ دوحـةَ iiأحمدٍ مـفـرَّعةَ  الأغـصان وارفـةَ iiالـذُّرى وغـطَّى  عـلى الأبـصار حقدٌ فلم iiتكن لـتَـجهَدَ عـيـنٌ أن تَـمُـدَّ iiوتُـبصِرا ومـا  كـنتُ بـالتفكير فـي أمـر قتلهِ لأزدادَ إلا دهـــشــةً iiوتــحـيُّـرا فـما  كـان بـين الـقوم تنصبٌّ iiكتبُهمُ عـليه انـصبابَ الـسيل لـما iiتـحدَّرا تـكـشَّفُ عــن أيــدٍ تُـمَدُّ iiلـبيعةٍ وأفـئـدَةٍ قــد أوشـكَـت أن iiتَـقَطَّرا وبـينَ  الـتخلَّي عـنه شِـلواً iiمـمزَّقا سوى أن تجيءَ الماءَ خِمسٌ وتَصدرا(3) تـولـى يـزيدٌ دَفَّـةَ الـحكم iiفـانطوى عـلى الـجمر من قد كانَ بالحكم iiأجَدرا بـنـو  هـاشمٍ رهـطُ الـنبيِّ iiوفـيهُمُ تـرَعرَع هـذا الـدينُ غَـرساً iiفـأثمَرا ومـا  طـال عـهدٌ مـن رسـالة iiأحَمدٍ ومـا زالَ عـودُ الـملك رّيـانَ iiأخضَرا وفـيهِمْ حـسينٌ قِـبلةُ الـناس iiأصـيدٌ إذا  مـا مَـشَى والـصِيدَ فـاتَ iiوغبَّرا وغـاض  الـزُّبَيريَّينِ أن يبصِروا iiالفتَى قـليلَ  الـحِجى فـيهم أمـيراً iiمُـؤمَّرا فـفـي  كــل دارٍ نَــدوة iiوتـجـمُّعٌ لأمــر يُـهـم الـقـومَ أن iiيُـتـدَّبرا وقـد بُـثَّت الأرصـادُ فـي كـلِّ iiوِجهةٍ تـخـوَّف  مـنـها ان تُـسَرَّ وتُـجهَرا وخَـفُّـوا لـبيت الـمال iiيـستنهضونَهُ وكـان  عـلى فـضِّ الـمشاكل iiأقـدَرا وقـد أدرك الـعُقْبى مُـعاويَ iiوانـجلَتْ لـعينيه  أعـقابُ الاُمـور iiتَـبصُرّا(4) وقــد  كـان أدرىَ بـابنه iiوخـصومِه وأدرى بـأنَ الـصَيدَ أجمعُ في iiالفرا(5) وكــان يـزيـدٌ بـالخمور iiوعـصرِها مـن  الـحكم مـلتَفَّ الـوشائج iiأبصَرا وكــانَ  عـلـيه أن يـشُـدَّ iiبـعَزمه قُـوَى  الأمـر مـنها أن يَـجدَّ iiويسْهَرا فـشـمَّر  لـلأمرِ الـجليلِ ولـم iiيـكن كـثيراً  عـلى مـا رامَـه أن iiيـشمِّرا ولـكـنَّه الـشـيءُ الـذي لا مـعوِّض يـعـوِّضُ  عـنـه إن تـولَّى iiوأدبَـرا وقـلَّـبها مــن كــل وجـه iiفـسرَّه بــأن راءَهــا مـما تـوَّقع iiأيـسَرا فـريـقينِ ديـنـياً ضـعـيفاً iiومُـحنَقاً يـنفِّسُ عـنه الـمالُ مـا الحِقد iiأوغرا وبـينهما صِـنفٌ هـو الـموتُ iiعـينُهُ وإن كــانَ مـعـدوداً أقــلَّ iiوأنـزَرا ومـاماتَ  حـتى بـيَّن الـحزمَ iiلابـنه كـتابٌ  حـوى رأسـاً حـكيماً iiمـفكِّرا وأبـلَـغَه  أنْ قــد تَـتَـبَّع iiجـهـدَه مـواطـنَ ضَـعـفِ الـناقمين iiفـخدَّرا وإنَّ  حـسـيناً عـثـرةٌ فـي iiطـريقه فـمـا  اسـطاعَ فـليستغنِ أن iiيـتعثَّرا وأوصــاه شــرّاً بـالزبيريِّ iiمـنذرِا وأوصــاه  خـيراً بـالحسَين iiفـأعذَرا لــوَ انَّ ابــن مـيسونٍ أرادَ iiهـدايةً ولـكـن  غَــوِيٌّ راقَــهُ أن iiيُـغرِّرا وراح " عـبـيدُ الله " يـغـتلُّ iiضـعفَه وصُـحـبَتَهُ  ، حـتى امـتطاه iiفـسيَّرا نـشـا  نـشأةَ الـمستضعفينَ iiمـرجيِّا مـن الـدهر أن يُـعطيه خَمراً iiوميسِرا وأن يــتـراءى قـــرده iiمـتـقدِّماً يـجـيءُ عـلى الـفُرسان أم iiمـتأخِّرا وأغــراه حُـبّـاً بـالأُخـيطلِ iiشـعرُهُ لــو اسـطـاعَ نَـصـرانيةً iiلـتنصَّرا وقـد  كـان بـين الحزنِ والبِشر iiوجهُه عـشـيّةَ  وافــاه الـبـشيرُ iiفـبشَّرا تــردَّى عـلـى كــره رداءَ iiخِـلافةٍ ولـم  يُـلقِ عـنه بـعدُ لـلخمرِ مِئزرا وشــقَّ عـلـيه أن يـصـوِّر iiنـفسَه عـلى غـير مـا قـد عُوِّدَت أن تُصوَّرا وأن  يُـبتَلى بـالأمرِ والـنهيِ iiمُـكرَها وأن  يَـجمع الـضِدَّين سُـكراً ومِـنبَرا إذا  سَـلِـمت كــأسٌ يـروحُ iiمُـغبِّقاً عـليه  بـها الـساقي ويـغدو iiمـبكِّرا وغـنَّتهُ مـن شـعر " الاُخـيطلِ " iiقَينَةٌ وطـارَحَـها  فـيـها الـمُغنّي iiفـأبهَرا فـكـلُّ أُمــور الـمـسلمينَ iiبـساعةٍ مـن الـمجلِسِ الـزاهي تُباع iiوتُشتَرى وشـاعَتْ  لـه فـي مجلِس الخمر iiفَلْتَةٌ مـن  الـشِعر لـم تَستَثْنِ بَعثا ومَحشَرا وقـد  كـانَ سَـهلاً عـندَه أن iiيـقولَها وقــد كـانَ سـهلاً عـنده أن iiيُـكفَّرا عـلـى  أنـه بـالرَغم مـن iiسَـقَطاته وقــد  جـاءه نَـعيُ الـحسين iiتـأثَّرا فـمـا  كــان إلا مـثلَ قـاطعِ iiكـفِّة بـأُخرى  ، ولـما ثَـابَ رشْـدٌ iiتَحسَّرا وأحـسَـبُ لــولا أنَّ بُـعـدَ iiمـسافة زَوَت  عـنه مـا لاقَـى الـحسين iiتأثَّرا فـمـا  كــان إلا مـثلَ قـاطعِ iiكـفِّة بـأُخرى  ، ولـما ثـابَ رشْـدٌ iiتَحسَّرا وأحـسَـب لــولا أنَّ بُـعـدَ iiمـسافة زَوَت عـنه مـا لاقَى الحسينُ وما iiجرَىَ ولــولا ذُحـولٌ قـدمت فـي iiمـعاشِرٍ تـقاضَوا  بـها في الطَفِّ ديناً تأخَّرا(6) لـزُعزِع يـومُ الـطف عـن iiمُـستقَرِّه وغُـيِّـرَ مــن تـاريـخه iiفـتَـطَوَّرا أقــول لأقـوامٍ مـضَوا فـي iiمُـصابه يـسـومونه  الـتحريفَ حـتى iiتـغيَّرا دعـوا  رَوعـةَ الـتاريخ تـأخذْ iiمَحَلَّها ولا تـجـهـدوا آيـاتِـه أن iiتُـحـوَّرا وخـلُّـوا لـسانَ الـدهر يـنطقْ فـإنّه بـلـيغٌ إذا مـا حـاولَ الـنطقَ iiعَـبَّرا

ـــــــــــــــــــــ

* ديوان محمّد مهدي الجواهري

(1) أخدر الليث : قرّ في عرينه.

(2) العارض:السحاب.

(3) الخمس بالكسر: أن ترعى الإبل ثلاثة أيام وترد اليوم الرابع.

(4) رخِّم معاوية في غير النداء، وفي كلام العرب من هذا كثير.

(5) إشارة إلى المثل :( كل الصيد في جوف الفرا) ويضرب لمن يفضل  على غيره.

(6) الذُّحول: جمع ذحل وهو الثأر.