كلام الإمام الجواد ( عليه السلام ) في توحيد الله
أُثيرت في عصر
الإمام الجواد ( عليه السلام ) كثير من الشكوك والأوهام حول قضايا التوحيد .
وأثَارها من لا حريجة له في الدين من الحاقدين على الإسلام ، لِزَعزَعَة العقيدة
الإسلامية في نفوس المسلمين ، وتشكيكهم في مبادئ دينهم العظيم .
وقد أجاب الإمام الجواد ( عليه السلام ) عن كثير من تلك الشُبَه وفَنَّدها ، ومن
بينها :
الشُبهة الأولى :
سأل محمد بن عيسى الإمام ( عليه السلام ) عن التوحيد قائلاً : إني أتوهم شيئاً .
فأجابه الإمام ( عليه السلام ) : ( نَعم ، غيرُ معقولٍ ، ولا محدودٍ ، فما وقع
وَهمُك عليهِ من شيءٍ فهو خَلافُه ، لا يشبهُهُ شيء ، ولا تدركُهُ الأوهام ، وهو
خلافُ ما يُتَصوَّر في الأوهام ، إنما يتصور شيء غير معقولٍ ولا محدود ) .
فإن وهم الإنسان إنما يتعلق بالأمور الخاضعة للوهم والتصور ، أما الأمور التي لا
تخضع لذلك فإنه من المستحيل أن يتعلق بها الوهم والخيال حسب ما قُرر في علم الفلسفة
.
فالله تعالى في ذاته وصفاته لا يصلُ لهُ الوهم ولا الخيال ، لأنهما إنما يدركان
الأمور الممكنة دون واجب الوجود .
الشُبهة الثانية :
روى الحسين بن سعيد قال : سُئل الإمام الجواد ( عليه السلام ) : يجوز أن يقال لله
إنه شيء ؟
فقال ( عليه السلام ) : ( نَعم ، يُخرجُهُ مِن الحَدَّينِ : حَدُّ التعطيلِ ،
وَحَدُّ التشبِيه ) .
فإن الشيئية التي تطلق على الممكنات لا تطلق عليه تعالى ، إلا بشرط تجريده مِن
حَدِّ التعطيل وَحَدِّ التشبيه الذين هما من أبرز صفات الممكن .
الشُبهة الثالثة :
سأل أبو هاشم الجعفري عن قوله تعالى : ( لاَ تُدرِكُهُ
الأبصَارُ وَهُوَ يُدرِكُ الأَبصَارَ ) الأنعام :
103 .
فقال ( عليه السلام ) : ( يَا أبَا هاشم ، أوهامُ القلوبِ أَدَقُّ مِن أبصارِ
العُيون ، أنتَ قد تُدرك بوهمِكَ السند والهِند ، والبُلدان التي لم تدخلها وَلم
تُدرِكها بِبَصَرِكَ ، فأوهام القلوب لا تدركه ، فَكيف أبصَار العُيون ) .
فإن ذات الله تعالى لا تدركها أوهام القلوب ، على مَدَى ما تحمِلُه من سِعَة الخيال
، فضلاً عن إدراكها بِالعَينِ الباصرة ، فإن كُلاًّ منهما محدود بحسب الزمان
والمكان ، وذات الله تعالى لا يجري عليها الزمان والمكان ، فإنه تعالى هو الذي
خلقهما .
الشُبهة الرابعة :
سأل أبو هاشم الجعفري الإِمام الجواد ( عليه السلام ) قال : ما معنى الواحد ؟
فأجابه ( عليه السلام ) : ( الذي اجتَمَعَت الأَلْسُن عليه بالتوحيد ، كما قال الله
عزَّ وجلَّ :
( ولَئِنِ سَأَلْتَهُم مَن خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ لَيقُولُنَّ اللهُ ) لقمان : 25
.