تنقسم حياة الإمام العسكري (عليه السلام) الى مرحلتين متميزتين :
المرحلة الاُولى : هي الأيام التي قضاها الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في ظلال إمامة أبيه الإمام الهادي (عليه السلام) والتي تقرب من (22 سنة) حيث تنتهي باستشهاد أبيه سنة (254هـ ) .
ولا نملك صورة تفصيلية عن هذين العقدين من الزمن فيما يخص حياة الإمام الحسن العسكري سوى بضعة حوادث تتلخص في صور من خشيته لله منذ صباه وعلاقته الحميمة بأخويه محمد والحسين ثم رزؤه بأخيه محمد، ثم زواجه ونصّ الإمام الهادي على إمامته، ثم تجهيزه لأبيه حين وفاته صلوات الله عليه .
ولا بد لنا أن نلمّ بأحداث عصر الإمام الهادي(عليه السلام) ومواقفه منها كي نستطيع أن نخرج بصورة واضحة عن الظروف التي أحاطت بالامام العسكري(عليه السلام) في المرحلة الثانية من حياته كي يتسنى لنا تقويمها ودراسة نشاطاته (عليه السلام) في عصر إمامته الذي لا نجد عصراً أقصر منه ولا أشد حراجة بالنسبة للامام نفسه ولشيعته ولأهدافه .
المرحلة الثانية : هي أيام إمامته حتى استشهاده والتي تبدأ من سنة (254هـ) وحتى سنة استشهاده (260هـ) وهي مرحلة حافلة بأحداث مهمة على الرغم من قصرها .
وقد عاصر فيها كُلاًّ من المعتزّ (255 هـ ) والمهتدي (256 هـ ) والمعتمد (279 هـ )
وتبرز مدى أهميتها حينما نتصوّر أهمية مرحلة الغيبة التي كان لا بد للامام الحسن العسكري(عليه السلام) أن يقوم بالتمهيدات اللازمة فيها لنقل شيعة أهل البيت (عليهم السلام) من مرحلة الحضور الى مرحلة الغيبة التي يُراد من خلالها حفظ الإمام المعصوم وحفظ شيعته وحفظ خطّهم الرسالي من الضياع والانهيار والاضمحلال، حتّى تتهيّأ الظروف الملائمة لثورة أهل البيت الربّانية على كل صروح الظلم والطغيان وتحقيق جميع أغراض الرسالة الالهية الخالدة على وجه الأرض من خلال دولة العدالة العالمية لأهل البيت (عليهم السلام) .