مواقف جيش علي عليه السلام مع أميره
  • عنوان المقال: مواقف جيش علي عليه السلام مع أميره
  • الکاتب: الشيخ باقر شريف القرشي رحمه الله
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 18:30:50 24-7-1403

وقال (عليه السلام) في الخطبة رقم [٢٩] بترقيم المعجم: «أيها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، كلامكم يوهي الصم الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم الأعداء».(الفتوح لابن أعثم:4/100)

وقال (عليه السلام) في الخطبة رقم [٣٩] من نهج البلاغة بترقيم المعجم: «منيت بمن لا يطيع إذا أمرت، ولا يجيب إذا دعوت لا أبا لكم ما تنتظرون بنصركم ربكم؟! أما دين يجمعكم؟ ولا حمية تحمشكم؟ أقوم فيكم مستصرخاً، أناديكم متغوثاً، فلا تسمعون لي قولاً، ولا تطيعون لي أمراً، حتى تكشف الأمور عن عواقب المساءة…».(نهج البلاغة:1/86)

وقال (عليه السلام) في الخطبة رقم [١٠٦] بترقيم المعجم: «وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تغضبون وأنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون؛ وكانت أمور الله عليكم ترد، وعنكم تصدر، وإليكم ترجع….».

وقال (عليه السلام): «إنكم – والله – لكثير في الباحات، قليل تحت الرايات؛ وإني لعالم بما يصلحكم ويقيم أودكم، ولكني والله لا أرى إصلاحكم بإفساد نفسي؛ أضرع الله خدودكم، وأتعس جدودكم؛ لا تعرفون الحق كمعرفتكم الباطل، ولا تبطلون الباطل كإبطالكم الحق».(شرح نهج البلاغة للمعتزلي:6/102)

وقال (عليه السلام) في الخطبة رقم [٩٧] بترقيم المعجم: «أيها القوم الشاهدة أبدانهم، الغائبة عنهم عقولهم، المختلفة أهواؤهم، المبتلى بهم أمراؤهم، صاحبكم يطيع الله وأنتم تعصونه، وصاحب أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه، لوددت والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم، فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني واحداً منهم».

قال (عليه السلام) في نهج البلاغة الخطبة رقم [٢٥] بترقيم المعجم المفهرس للدشتي: «.. إني والله، لأظن: أن هؤلاء القوم سيدالون منكم، باجتماعهم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم، وبمعصيتكم إمامكم في الحق، وطاعتهم إمامهم في الباطل، وبأدائهم الأمانة إلى صاحبهم، وخيانتكم، وبصلاحهم في بلادهم وفسادكم؛ فلو ائتمنت أحدكم على قعب لخشيت أن يذهب بعلاقته. اللهم إني قد مللتهم وملوني؛ وسئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شراً مني».(شرح نهج البلاغة للمعتزلي:1/332)

وقال (عليه السلام): «إذا دعوتكم إلى جهاد عدوكم دارت أعينكم، كأنكم من الموت في غمرة، ومن الذهول في سكرة؛ يرتج عليكم حواري فتعمهون؛ فكأن قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون؛ ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي، وما أنتم بركن يمال بكم، ولا زوافر عز يفتقر إليكم؛ ما أنتم إلا كإبل ضل رعاتها، فكلما جمعت من جانب انتشرت من آخر».(نهج البلاغة:1/78)

وقال (عليه السلام) في نهج البلاغة الخطبة [١٠٨] بترقيم المعجم المفهرس للدشتي: «ما لي أرى أشباحاً بلا أرواح، وأرواحاً بلا أشباح، ونسّاكاً بلا صلاح، وتجاراً بلا أرباح، وأيقاظاً نوماً، وشهوداً غيباً، وناظرة عمياء، وسامعة صماء، وناطقة بكماء».

نستخلص من كلمات أمير المؤمنين علي عليه السلام المتقدمة أموراً كثيرة، ونستطيع أن نجملها على النحو التالي:

    أولاً: بالنسبة إلى إمامهم، وتعاملهم معه

    إنهم يعصونه في الحق، ولا يطيعونه إذا أمرهم أو دعاهم، ولا يسمعون قوله، ولا يجيبون صرخته، واستغاثته… حسب التعبيرات المختلفة التي وردت عنه (عليه السلام) في مواقف كثيرة.
    إنهم قد ملوا قائدهم، وإمامهم وسئموه.
    إنهم يصدرون الأوامر والنواهي لأميرهم.

    ثانياً: بالنسبة لأمر الجهاد

    قد أصبحوا غرضاً يرمى، يغار عليهم، ولا يغيرون، ويُغزَونَ، ولا يغزون، كثير في الباحات قليل تحت الرايات.
    إذا أمروا بالجهاد، يتعللون بالمعاذير، بالحر تارة، وبالبرد أخرى.
    إنهم يصابون ـ إذا أمروا بالنفر إلى الجهاد ـ بالذعر والخوف.
    كلامهم يوهي الصم الصلاب، وفعلهم يطمع فيهم الأعداء.
    يؤثرون البقاء على لقاء الله والجهاد في سبيله.
    إن حوربوا خاروا وإن أمهلوا خاضوا.

    ثالثاً: بالنسبة إلى حالتهم مع بعضهم البعض

    متفرقون عن حقهم.
    إن أمهلوا خاضوا.
    أهواؤهم مختلفة.
    هم كإبل ضل رعاتها، كلما جمعت من جانب انتشرت من آخر.
    صاروا بعد الموالاة أحزاباً، حيث يظهر: أن المقصود هو أنهم أصبحوا شيعاً وأحزاباً متدابرين، بعد أن كانوا يداً واحدة يوالي ويحب بعضهم بعضاً.

    رابعاً: بالنسبة للدين والتدين

    يرضون بمعصية الله سبحانه ويرون عهود الله منقوضة ولا يأنفون، ولكنهم يأنفون لنقض ذمم آبائهم.
    لا يعرفون الحق كمعرفتهم الباطل، ولا يعرفون من الإيمان إلا اسمه.
    لا يبطلون الباطل كإبطالهم الحق.
    هم نساك بلا صلاح.
    قد ثلموا حصن الله المضروب عليهم بأحكام الجاهلية.
    قد قطعوا قيد الإسلام، وعطلوا حدوده، وأماتوا أحكامه.
    ما يتعلقون من الإسلام إلا باسمه.

    خامساً: حول مقدار وعيهم، وإدراكهم لمقتضيات الحكمة

    أيقاظ نوّم، وشهود غيب، وناظرون عمي، وسامعون صم، وناطقون بكم، أبدانهم شاهدة، وعقولهم غائبة عنهم.
    هم أشباح بلا أرواح، وأرواح بلا أشباح.
    كأن عقولهم مألوسة، فهم لا يعقلون.
    ليسوا برجال، بل لهم عقول ربات الحجال.
    لهم حلوم الأطفال.

ثم إنه بقيت لهم أوصاف أخرى، نجملها على النحو التالي:

    إنهم يخونون أمانة صاحبهم، حتى لو أؤتمن أحدهم على قعب لخشي (عليه السلام) أن يذهب بعلاقته.
    إنهم يفسدون في بلادهم.

٣. ما هم بركن يمال إليه.

٤. ليسوا زوافر عز يفتقر إليهم.

٥. تجار بلا أرباح.

٦. صاروا بعد الهجرة أعراباً.

ولعل مراجعة وافية لكلماته صلوات الله وسلامه عليه تعطينا المزيد مما يوضح حقيقة حالهم، وما آل إليه أمرهم.