المستبصر ألفا عمر باه
  • عنوان المقال: المستبصر ألفا عمر باه
  • الکاتب: مركز الابحاث العقائدية
  • مصدر: مركز الابحاث العقائدية
  • تاريخ النشر: 21:51:56 1-10-1403

ولد عام 1971م بمدينة "مامو" في غينيا(1) ، واصل دراسته الأكاديمية حتى حصل على شهادة الليسانس في العلوم الاجتماعية ، يجيد اللغة العربية ، والانجليزية ، والفرنسية ، إضافة إلى لغاته المحلية كالفولانية ، والسوسو .

كان مالكي المذهب في بدء أمره ، ثم تتلمذ في مدرسة نصر الإسلام الوهابية مدّة أربع سنوات ، فتأثر بها جملةً ، واعتنق بعض آراء هذا التيار الفكري ، حتى تبيّنت له الحقيقة بعد دراسة مكثفه أجراها بنفسه ، وجهد بحث بذله في مجال العقيدة ، فكانت ثمرته أن استبصر .
اعتنق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عام 1991م في " كوناكري " العاصمة .

 

المحفّز لتغيير الانتماء الفكري:

كان الدافع له في تغيير انتمائه الفكري ، هو شدّة إعجابه بالدراسات التاريخية ، مضافاً لاهتمامه بالمسار الإسلامي والمنعطفات الحساسة التي غيّرت مجراه ، ونشوء الفرق الإسلامية .
وهذان الأمران فتحا له آفاقاً رحبة في مجال العقيدة ، فانطلق منهما في البحث حتى تفتّحت رؤيته على واقع التاريخ الإسلامي ، وتعرّف على أمور جعلته يجدّد النظر في معتقداته الموروثة السابقة .

 

مطالعة أوّل كتاب شيعي:

يقول الأخ آلفا : " كان أوّل كتاب شيعي يقع بيدي كتاب ( عقائد الإمامية ) للعلامة الشيخ محمّد رضا المظفر (2) ، طالعته فوجدت فيه أطروحة فكرية لم أعهدها من قبل ، وأكثر مالفت انتباهي في هذا الكتاب هو أمر الإمامة والخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ! ، كما تبيّن لي أنّ الاختلاف في هذه المسألة هو منشأ معظم الاختلافات التي وقعت بين المسلمين بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) .

 

أهمّية مسألة الإمامة:

وعرفت من ذلك الحين أنّ المسألة الوحيدة التي لابد من الإلمام والإحاطة بها هي مسألة الإمامة ، لأنّها مسألة أساسية في قاموس الفكر الإسلامي ، وينبغي للباحث أن يحدّد موقفه منها ، لأنّ البحث العقائدي في غيرها من المسائل بدون تحديد المعتقد في هذه المسألة الأساسية لايوصل الباحث إلى النتائج المطلوبة ، وأنّ الباحث سيبقى في المسائل الجزئية في حيّرة ما لم يعرف الخليفة الحقيقي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، باعتباره الحافظ للشريعة الإسلامية التي جاء بها النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ومن دون ذلك لا يستطيع الإنسان الوثوق بالسلطة الحاكمة التي هيمنت على الحكم مع عدم امتلاكها الشرعية في ذلك ، ولايمكنه أخذ معالم دينه منها ، لأنّها لاشك تخفي الكثير من الحقائق الشرعية التي تصطدم مع مصالحها .
ومن هذا المنطلق بدأت بحثي في هذا المجال ، وأعانني على ذلك رغم مشاغلي الجانبية هوايتي وتلهّفي للدراسات التاريخية ، فقد كانت لي الدافع للبحث والتتبع ، كما أنني كنت أنظر إلى هذه المسألة كحجر أساس لمعتقدي ، وفكري وانتمائي ، ولابد من الاهتمام بها ، لأنّها تبلور كافة اتجاهاتي وسلوكي ، وتحدّد مصيري ، وبهذا التوجه انطلقت في البحث .
وكانت أوّل مسألة سلّطت الضوء عليها ، هي معرفة الموقف الذي اتخذه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمستقبل أمته من بعده في أمر الخلافة ، فبادرت إلى معرفة الأطروحة التي قدّمها الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لأمته في هذا المجال ، لأنّها تبيّن لي حقيقة الأمر ، ودون ذلك لا أستطيع الانطلاق مما حدث من بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فإنّه قد لايمثل الحقّ والصواب ، وعلى الإنسان أن يعرف الحقّ ليعرف أهله ".

 

لابد من التحرّر عن التعصّب:

إنّ انطلاق الباحث لمعرفة الحقائق عبر الوثوق بعلماء مذهبه ، وكبار شخصيات معتقدة غالباً ما يصحبه التعصب ! وبذلك تحجب بصيرته عن معرفة الحقّ ، وسوف يتجه إلى محاولات التبرير لسلوك هؤلاء الذين يمثلون القدوة في مذهبه ، وبذلك يبقى في حلقة مغلقة لايمكنه الخروج منها .
أمّا لو انطلق في البحث بروح موضوعية وبعيدة عن حالة التعصب ، فإنّ ذلك سيوصله إلى الحقائق ومعرفة الأخطاء المحتملة التي ارتكبها هؤلاء ، وسار على نهجهم الآخرون تقليداً من دون تتبع وتأمّل ، لأنّ المجتمع قد يؤمن بأمور على أنّها لاغبار عليها ولاشبهة فيها ، في حين أنّها في الواقع أموراً ومسائل لا تطابق الحقيقة والواقع .
ومن هذه الرؤية المنفتحة بدأ الأخ آلفا بحثه في أمر الإمامة والخلافة ، ليعرف ما حدّدته الرسالة للأمة في ذلك .
 

 

حديث الثقلين ودلالته:

إنّ لهذا الحديث شهرة فائقة بين الفريقين ، وقد اعترف به الخاصة والعامة ، وتناقلته الأفواه والأقلام حتى كاد أن يتجاوز حدّ التواتر .
وقد تعدّد رواة هذا الحديث ، بحيث زاد على الثلاثين صحابي ، كما تعدّدت طرق رواته ، وذلك لأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد ذكره في مواقف ومواطن عديدة ، كان منها: حجة الوداع ، ويوم عرفة عند جمع غفير من الناس ، ويوم الغدير في خطبته ، وأيام مرض وفاته .

 

نصوص الحديث:

1 ـ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( يا أيّها الناس إنّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي )) (3) .
2 ـ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما )) (4) .
3 ـ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( إنّي تارك فيكم خليفتين ، كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض ، أو ما بين السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض )) (5) .
4 ـ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( إنّي تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وأهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا علىّ الحوض )) (6) .
5 ـ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( إنّي أوشك أن أُدعى فأجيب ، ألا إنّي تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله عزّوجلّ وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود ... )) (7) .
6 ـ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خطبة له في غدير خم : (( كأنّي قد دعيت فأجبت ، إنّي قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله وعترتي )) (8) .
7 ـ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه : (( ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : فإنّي سائلكم عن اثنين ; القرآن وعترتي )) (9) .
8 ـ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( يا أيّها الناس يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً ، فينطلق بي ، وقد قدمت اليكم القول معذرة اليكم ، ألا إنّي مخلّف فيكم كتاب ربّي وعترتي أهل بيتي ، ثم أخذ بيد عليّ فرفعها فقال : هذا عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ ، لا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض... )) (10) .
9 ـ عن زيد بن أرقم قال : قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خمّاً بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكّر ، ثم قال : (( أمّا بعد ... ألا أيّها الناس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين ، أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغّب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي )) (11) .
10 ـ عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( ألا وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عزّوجلّ )) ، إلى أن قال : فقلنا لزيد : من أهل بيته ؟ نساؤه ؟
قال : لا وأيم الله ، إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها... )) (12) .

 

دلالة الحديث:

إنّ حديث الثقلين بدلالاته يرشد الباحث ليرتقي البناء الشامخ للحقّ والحقيقة ، ويصعد قمّة الإيمان التي لايمكن ارتقاؤها إلاّ بسلّم متين ، لأنّ قدمه سوف تزل في الخطوة الأولى دون ذلك ، ويسقط في وادي الهلكة وهاوية الضلالة .
ومن خلال حديث الثقلين يمكن الإشارة إلى الأمور التالية :

أوّلاً : عصمة العترة من الخطأ ، لأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) صرّح بعدم افتراقهم عن القرآن ، حتى يردا عليه الحوض ، فتجويز الافتراق بالمخالفة وصدور الذنب منهم تجويز للكذب على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، الذي أخبر عن الله عزّوجلّ بعدم افتراقهم عن القرآن .

ثانياً : إنّ العترة عندهم علم القرآن الذي فيه تبيان لكل شيء ، وقد صرّح الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بأعلميتهم في أحد نصوص هذا الحديث قائلا : (( ولاتقدموهما فتهلكوا ، ولاتقصروا عنهما فتهلكوا ، ولاتعلّموهم فإنّهم أعلم منكم )) (13) .

ثالثاً : عدم صحه التمسك بأحدهما دون الآخر ، لأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) رتّب الضلال على تركهما معاً ، ومعنى الحديث أنّه لاهدى لمن يتمسك بالقرآن وحده ، أو يقول : " حسبنا كتاب الله " (14) ، كما أنّ المتمسك بالعترة فقط دون القرآن أيضاً لانجاة ولاسبيل له للهدى .

رابعا ً: عدم خلوّ كل زمان من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو دليل على وجود إمام من العترة في كل زمان إلى يوم القيامة .
ولذا نرى أنّ ابن حجر قال : " وفي أحاديث الحثّ على التمسك بأهل البيت ، إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة ، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك ... ويشهد لذلك الخبر السابق " في كل خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي " (15) .
كما أذعن بهذه الحقيقة أيضاً ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة (16) ، والشبلنجي في نور الأبصار (17) ، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة (18) .

خامسا ً: وجوب إتّباع أهل البيت (عليهم السلام) ، إذ لاسبيل لتلقّي الأحكام الإلهية بكل إطمئنان ، وإدراك معاني القرآن ومعرفة متشابهة إلاّ بالاستعانة بالعترة ، لأنّهم المفسرون الحقيقيون للكتاب ، وكل من لايتمسك بهم يتيه في أودية الضلالة من غير دليل .
فالسبيل الوحيد لبقاء المسلمين في مأمن من الانحراف والزيغ ، هو معرفتهم لكتاب الله والتمسك به ، والتوجه إلى من عنده علم الكتاب ، الذين هم عدل القرآن وذوي الكرامات الباهرة التي شرّفهم الباري عزّوجلّ بها .
وبصورة عامة فهذا الحديث يحدّد معالم الإمامة الكبرى التي تركها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أُمته لحفظ الدين ، وائتلاف الأُمة ووحدتها ، وعدم ضلالها في متاهات الأهواء والأغراض والمصالح الشخصية .
ولذا نرى عندما تُركت العترة ورُفض التمسك بها ، آل الأمر إلى ما آل من الاختلاف والتفرقة والشقاق في أوساط الأُمة الإسلامية ، وبعدها ابتلت الأُمة بالفتن والمحن ، كان من أشدّها الإبتلاء بالدين ، حيث وضعت الأحاديث المكذوبة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليحجبوا الحقّ ، ومن مصاديق ذلك ما وضعوه في قبال (حديث الثقلين) ، وهو حديث : " كتاب الله وسنتي " ! .

 

حديث " كتاب الله وسنتي ":

ولو تتبع الباحث هذا الحديث يجد أنّه لم يرد في صحاحهم الست ، وإنّما أخرجه مالك بن أنس بهذا اللفظ في موطأه (19) ، بصورة مرسلة .
وقد أوصل إسناده ابن عبد البر (20) ، وفيه : كثير بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جدّه ، وهو متروك ، ومن أركان الكذب (21) .
وفيه أيضاً : سلمة بن الفضل الأبرش قاضي ري ، وهو من قال فيه البخاري : عنده مناكير ، وقال النسائي : هو ضعيف ، وقال أبو حاتم الرازي : لايحتج بحديثه ، ووصفه أبو زرعة فقال : كذّاب (22) .
وفيه أيضاً : ابن حميد ، وهو محمّد بن حميد الرازي ، وقال عنه يعقوب بن شيبة : كثير المناكير ، وقال البخاري : في حديثه نظر ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال الجوزجاني : رديء المذهب غير ثقة(23) .

وأخرجه الحاكم والبيهقي (24) ، من طريقين :
الأوّل : فيه إسماعيل بن أبي أويس وعكرمة ، وإسماعيل ضعيف مخلّط يكذب (25) ، وعكرمة هو الخارجي المعروف بكذبه على ابن عباس (26) .
والثاني : فيه صالح بن موسى الطلحي ، وهو ضعيف ، جداً كثير المناكير لا يكتب حديثه (27) .
اضافة إلى أنّ هذا الحديث يخالف مباني أبناء العامة ! لادعائهم بأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) منع من كتابة أحاديثه ، فعليه كيف يصح أن يأمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الأُمة بالتمسك بالسنّة وقد نهى عن تدوينها .
وإنّ هذا الحديث يخالف قول عمر : " حسبنا كتاب الله " ! لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لو أمر الأُمة بالتمسك بالقرآن والسنّة ، فلا يحق لعمر الرد على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ورفض السنّة .
وعلى أي حال ، إنّ حديث الثقلين ووصيّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتمسك بالقرآن والعترة ، حديث مشهور متفق عليه بين العامة والخاصة ، ولايمكن تركه والتمسك بحديث ضعيف غير صحيح .
هذا ولو سلّم بصحة الحديث ، فإنّ العترة أحقّ من غيرهم لأخذ السنّة منهم ، باعتبارهم أعلم من غيرهم بالسنّة والأحكام الشرعية ، وقد أرشد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الأمّة بالرجوع إليهم في مواقف وأحاديث متعدّدة .

 

مصداق عترة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم):

إنّ عترة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هم أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وهم ولد فاطمة البتول ، قد اصطفاهم الله كما اصطفى آل إبراهيم (28) .
فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( إنّ لكل بني أب عصبة ينتمون إليها ؛ إلاّ ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم ، وهم عترتي خلقوا من طينتي ، ويل للمكذبين بفضلهم ، من أحبّهم أحبّه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله )) (29) .
وورد في صحيح مسلم وغيره ، بإسناده عن سعد بن أبي وقاص ، قال : دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً وفاطمة وحسناً وحسينا ً، فقال : (( اللهم هؤلاء أهلي )) (30) .
فهؤلاء العترة هم أحد الثقلين ، والثقل كل نفيس خطير مصون ، قال النووي : " سميا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما ، وقيل : لثقل العمل بها " (31) ، فالعترة هي أحد الثقلين ، لأنّها معدن للعلوم الدينية والأسرار والحكم العليّة ، ولهذا حثّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على الإقتداء والتمسك بها.

 

وأخيراً تمسّكت بالعترة (عليهم السلام) :

يقول الأخ آلفا : " كانت النتائج التي توصلت إليها واضحة ولاغبار عليها ، وقد بحثت في هذا المجال كثيراً لمعرفة الحقيقة في أمر خلافة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإن كان حديث الثقلين لوحده كافياً في تعيين خلفاء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة المسلمين .
والأمر الذي قرّبني للتشيع ، هو أنني وجدت الشيعة وحدهم هم الذين اتبعوا الثقلين ، بينما اتّبع أبناء العامه قول عمر : " حسبنا كتاب الله " ! ، فدفعني ذلك للتعمّق في مباني وآراء مذهب أهل البيت (عليهم السلام) .
وقد ناظرت جملة من الإخوة - أهل العامة - في هذا المجال ، فقابلني بعضهم بأسلوب حاد ومنفعل ، مما جعلني أتجنب الحوار معهم ، وواصلت البحث بنفسي حتى اكتملت عندي صورة التشيع ، فاقتنعت بها وتشيّعت عام 1991م في العاصمة كوناكري ، وقد استبصر على يدي العديد من الإخوة الذين عرضت عليهم أدلتي ، في اعتناقي لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، لأنّني بعد الاستبصار لفتُّ إنتباه من يحيط بي ، وهذه الحالة دفعت الكثير للاستفسار مني ، فكان ذلك سبباً لوقوع مناظرات عديدة بيني وبينهم ، وكانت الثمرة استبصار الكثير من أخواني وأصدقائي الذين سلكوا درب البحث والتتبع للوصول إلى العقيدة الصحيحة ".

(*) مراجعة وضبط النص شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي .  المصدر موقع مركز الأبحاث العقائدية .

--------------------

1- غينيا كوناكري : تقع في غرب افريقيا، وتطل على المحيط الأطلسي، ومحاطة بالسنغال ومالي وسيراليون وليبريا، عدد سكانها حوالي (9) ملايين نسمة، الغالبية العظمى من المسلمين باستثناء 5% من المسيح والوثنيين، وغالبية المسلمين من المالكية، أما الشيعة فنسبتهم 5% من السكان.
2- الشيخ محمّد رضا المظفّر ابن الشيخ محمّد الفقيه المجتهد من سلالة الشيخ المظفّر الفقيه الفاضل المستوطن في النجف في حدود المائة الحادية عشر للهجرة، ولد عام 1322هـ في النجف الأشرف وتوفي عام 1383هـ فيها، له تأليفات كثيرة إضافة إلى كونه شاعراً، وكتابه هذا يوضّح معتقدات الشعية الإمامية وتثبيتها من العقل والنقل مع ردّ الشبهات المثارة على معتقدات الشيعة.
3- أنظر: سنن الترمذي: 6 / 124 (3786)، درر السمطين للزرندي: 232، ينابيع المودة للقندوزي: 1 / 99، تفسير ابن كثير: 4 / 110، مصابيح السنة للبغوي: 2 / 457 (2726)، المعجم الكبير للطبراني: 3 / 66 (2680)، مشكاة المصابيح للتبريزي: 3 / 371 (6152)، نيل الأوطار للشوكاني: 2 / 303 (783).
4- أنظر: سنن الترمذي: 6 / 125 (3788)، درر السمطين للزرندي: 231، الدر المنثور للسيوطي: 6 / 7، ذخائر العقبى للطبري: 16، الصواعق المحرقة للهيتمي: 2 / 652 ـ 438، المعجم الكبير للطبراني: 3 / 65 (2678)، تفسير ابن كثير 4 / 109، مصابيح السنة للبغوي: 2 / 457 (2727)، جامع الأصول لابن الأثير: 1 / 200 (66)، مشكاة المصابيح (للتبريزي: 3 / 371 (6153)، وغيرها.
5- أنظر: ينابيع المودة للقندوزي: 1 / 119، مجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 162، كنز العمال: 1 / 173 (873 ـ 948)، مسند أحمد: 3 / 17 (11147)، وغيرها.
6- أنظر: مناقب عليّ لابن المغازلي: 234 (281)، المناقب للخوارزمي: 154 (122)، فرائد السمطين للجويني: 2 / 143 (436).
7- أنظر: كنز العمال: 1 / 186 (944)، مناقب عليّ لابن المغازلي: 235 (283)، الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي: 2 / 438، إسعاف الراغبين للصبان بهامش نور الأبصار: 103، مسند أبي يعلى: 2 / 297 (1021)، فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 779 (1383)، الطبقات الكبرى لابن سعد: 2 / 150، وغيرها.
8- أنظر: المستدرك للحاكم: 3 / 118 (4576)، فضائل الصحابة للنسائي: 1 / 15 (45)، سنن البيهقي: 5 / 45 (8148)، المعجم الكبير للطبراني: 5 / 166 (4969).
9- أنظر: مجمع الزوائد للهيثمي: 5 / 195، أسد الغابة لابن الاثير: 3 / 147، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 627 (1465).
10- أنظر: الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي: 2 / 368، وقال ابن حجر: اعلم أن لحديث الثقلين طرقاً كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابياً، أنظر: 2 / 440.
11- أنظر: صحيح مسلم: 4 / 1873 (2408)، صحيح ابن خزيمة: 4 / 62 (2357)، سنن الدارمي: 2 / 524 (3316)، سنن البيهقي: 7 / 30 (13017)، مسند أحمد: 4 / 366.
12- أنظر: صحيح مسلم: 4 / 1875 (2408)، الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي: 2 / 439، المعجم الكبير للطبراني: 5 / 182 (5026).
13- أنظر: الصواعق المحرقة لابن حجر: 2 / 439، مجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 164، المعجم الكبير للطبراني: 5 / 166 (4971)، كنز العمال: 1 / 168 (947).
14- وهو إشارة إلى قول عمر بن الخطاب في رزية الخميس وجرأته على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: إن النبي ليهجر!!، أنظر: صحيح البخاري: 4 / 1612 (4168)، 5 / 2146 (5345).
15- أنظر: الصواعق المحرقة: 2 / 442.
16- الفصول المهمة: 299.
17- نور الأبصار: 33.
18- ينابيع المودة: 2 / 438.
19- الموطأ، كتاب القدر: 2 / 320.
20- أنظر: التمهيد لابن عبد البر: 10 / 252 (824).
21- أنظر: ميزان الإعتدال للذهبي: 5 / 492 (6949).
22- أنظر: تهذيب التهذيب للعسقلاني: 4 / 153، الترجمة رقم 265.
23- أنظر: تهذيب التهذيب للعسقلاني: 9 / 129 ـ 131، ترجمة (180).
24- أنظر: المستدرك للحاكم: 1 / 172 (318)، السنن الكبرى للبيهقي: 10 / 194 (20336 ـ 20337).
25- أنظر: تهذيب التهذيب للعسقلاني: 5 / 280، ترجمة (477).
26- أنظر: ميزان الاعتدال للذهبي: 5 / 116 (5722).
27- أنظر: تهذيب التهذيب للعسقلاني: 4 / 404، ترج