يدل على إمامته عليه السلام – بعد طريقة الاعتبار وطريقة التواتر اللتين تقدم ذكرهما في إمامة آبائه عليهم السلام – ما ثبت من إشارة أبيه إليه بالإمامة .
ورواه الثقات من أصحابه وأهل بيته عنه ، مثل عمه علي بن جعفر الصادق عليه السلام ، وصفوان بن يحيى ، ومعمر بن خلاد ، وابن أبي نصر البزنطي ، والحسين بن بشار ، وغيرهم .
فروى محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن زكريا بن يحيى قال : سمعت علي بن جعفر يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين فقال في حديثه : لقد نصر الله أبا الحسن الرضا عليه السلام لما بغى عليه إخوته وعمومته . وذكر حديثا طويلا حتى انتهى إلى قوله : فقمت ( وقبضت على يد ) ( 1 ) أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام وقلت : أشهد أنك إمامي عند الله ، فبكى الرضا عليه السلام ثم قال : ( يا عم ، ألم تسمع أبي وهو يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : بأبي ابن خيرة الإماء النوبية الطيبة يكون من ولده الطريد الشريد الموتور بأبيه وجده صاحب الغيبة يقال : مات أو هلك أي واد سلك ؟ )
فقلت : صدقت جعلت فداك ( 2 ) .
عنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان بن يحيى قال : قلت للرضا عليه السلام : قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر فكنت تقول : ( يهب الله لي غلاما ) فقد وهبه الله لك ، فأقر عيوننا ، فلا أرانا الله يومك ، فإن كان كون فإلى من ؟
فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام وهو قائم بين يديه ، فقلت له :
جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين ؟ !
قال : ( وما يضره من ذلك ، قد قام عيسى بالحجة وهو ابن أقل من ثلاث سنين ) ( 3 ) .
وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن معمر بن خلاد قال : سمعت الرضا عليه السلام – وذكر شيئا – فقال : ( ما حاجتكم إلى ذلك ، هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي ، وصيرته مكاني ) .
وقال : ( إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذة بالقذة ( 4 ) ( 5 ) .
وعنه ، عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن علي ، عن معاوية بن حكيم ، عن ابن أبي نصر البزنطي قال : قال لي ابن النجاشي : من الامام من بعد صاحبك ؟ – ولم يكن رزق أبا جعفر – فدخلت على الرضا عليه السلام فأخبرته بما سألني عنه ابن النجاشي فقال : ( الإمام بعدي ابني ) ثم قال : ( وهل يجترئ أحد أن يقول ابني وليس له ولده ؟ ! ) ( 6 ) .
وعنه ، عن عدة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد ، عن جعفر بن يحيى ، عن مالك بن أشيم ، عن الحسين بن يسار قال : كتب ابن قياما إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام كتابا يقول فيه : كيف تكون إماما وليس لك ولد ؟
فأجابه أبو الحسن عليه السلام : ” وما علمك أنه لا يكون لي ولد ، والله لا تمضي الأيام والليالي حتى يرزقني الله ذكرا يفرق بين الحق والباطل ) ( 7 ) .
وعنه ، عن الحسين بن محمد ، عن الخيراني ، عن أبيه قال : كنت واقفا بين يدي أبي الحسن عليه السلام بخراسان فقال له قائل : يا سيدي إن كان كون فإلى من ؟
قال : ( إلى أبي جعفر ابني ) .
فكأن القائل استصغر سن أبي جعفر ، فقال أبو الحسن عليه السلام :
( إن الله بعث عيسى بن مريم رسولا نبيا صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السن الذي هو فيه ) ( 8 ) .
وعنه ، عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الوليد ، عن يحيى بن حبيب الزيات قال : أخبرني من كان عند الرضا عليه السلام جالسا ، فلما نهضوا قال لهم : ( ألقوا أبا جعفر فسلموا عليه وأحدثوا به عهدا ) .
فلما نهض القوم التفت إلي فقال : ( رحم الله المفضل ، إنه كان ليقنع بدون هذا ) ( 9 ) .
وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن الحسن بن الجهم قال : كنت مع أبي الحسن الرضا عليه السلام جالسا فدعا بابنه وهو صغير ، فأجلسه في حجري وقال لي : ( جرده ) أي انزع قميصه .
فنزعته ، فقال : ( انظر بين كتفيه ) فنظرت فإذا في إحدى كتفيه شبيه بالخاتم داخل في اللحم ، فقال لي : ( أترى هذا ؟ كان مثله في هذا الموضع من أبي عليه السلام ) ( 10 ) .
وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن أبي يحيى الصنعاني قال : كنت عند أبي الحسن الرضا عليه السلام فجئ بابنه أبي جعفر ؟ هو صغير فقال : ( هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه ) ( 11 ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) في الكافي : فمصصت ريق .
( 2 ) الكافي 1 : 259 / 14 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 275 ، كشف الغمة 2 : 351 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 21 / 7 .
( 3 ) الكافي 1 : 258 / 10 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 276 ، اثبات الوصية : 185 ، كفاية الأثر : 279 ، روضة الواعظين : 237 ، الفصول المهمة : 265 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 21 / 8 .
( 4 ) القذذ : ريش السهم ، واحدتها قذة .
ومنه الحديث : ( لتركبن سنن من كان من قبلكم حذو القذة بالقذة ، اي كما تقدر كل واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع . يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان . ( النهاية ( 3 ) الكافي 1 : 256 / 2 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 276 ، كشف الغمة 2 : 351 ، الفصول المهمة 265 ، ونقله المجلسي في لبحار الأنوار 50 : 21 / 9 .
( 5 ) الكافي 1 : 257 / 5 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 277 ، الغيبة للطوسي : 72 / 78 ، كشف الغمة 2 : 352 .
( 6 ) الكافي 1 : 257 / 4 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 277 ، اثبات الوصية : 683 ، كشف الغمة 2 : 352 ، ونحوه في : رجال الكشي : 553 / 1044 ، دلائل الإمامة : 183 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 22 / 10 .
( 7 ) الكافي 1 : 258 / 13 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 279 ، كفاية الأثر : 277 ، روضة الواعظين : 237 ، كشف الغمة 2 : 353 ، وباختلاف يسير في : اثبات الوصية : 186 ، دلائل الإمامة : 204 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 23 / 15
( 8 ) الكافي 1 : 256 / 1 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 280 ، رجال الكشي : 2 : 620 / 593 ، في روضة الواعظين ) 237 ، كشف الغمة 2 : 353 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 24 / 16 .
( 9 ) الكافي 1 : 257 / 8 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 278 ، كشف الغمة 2 : 352 ، ونحوه في : اثبات الوصية : 185 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 23 / 13 .
( 10 ) الكافي 1 : 258 / 8 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 279 ، روضة الواعظين : 237 ، وباختلاف يسير في : اثبات الوصية ، 184 ، ودلائل الإمامة : 184 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 23 / 14 .
( 11 ) الكافي 1 . 411 / 1 ، وكذا في : بصائر الدرجات : 422 / 1 ، ارشاد المفيد 2 : 289 ، الاختصاص : 320 ، ونحوه في : دلائل الإمامة : 214 ، روضة الواعظين : 242 ، الخرائج : الجرائح 1 : 380 / 10 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 393 ، الفصول المهمة : 271 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 40 .