حقيقة المهدي (عليه السلام) عند الإمامية
  • عنوان المقال: حقيقة المهدي (عليه السلام) عند الإمامية
  • الکاتب: الأستاذ مروان خليفات
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 5:42:6 7-10-1403

حقيقة المهدي (عليه السلام) عند الإمامية

 

الأستاذ مروان خليفات

 

عالمية الفكرة:

الاعتقاد بظهور مصلح في آخر الزمان ليس من معتقدات المسلمين وبالأخصّ الشيعة، تكاد الديانات كلها تتفق على ظهور رجل في آخر الزمان يملأ الأرض عدلاً ويخلص الإنسانية من آلامها، وهذا الاعتقاد موجود لدى المسيحية واليهودية والبوذية والزرداشتية...

 البشائر النبوية:

هناك أحاديث كثيرة جداً في كتب السنن والصحاح تبشّر بالمهدي (عليه السلام) وبلغ عدد الأحاديث عند الإمامية أكثر من ستة آلاف رواية.

وبلغ عدد رواة أحاديث المهدي (عليه السلام) من الصحابة خمسة وثلاثون صحابياً، وقال بتواتر هذه الأحاديث ثلاثة وثلاثون عالماً من علماء أهل السنة.

 ومن أحاديث المهدي (عليه السلام):

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم) (صحيح مسلم: ج 1 ص 373).

وقال (صلى الله عليه وآله): (المهدي من عترتي من ولد فاطمة) (سنن أبو داوود: ج 2 ص 207) .

وقال (صلى الله عليه وآله): (لم تنقض الأيام والليالي حتى يبعث الله رجلاً من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً) (سنن أبو داوود: ج 4 ص 104) .

 أقوال بعض العلماء:

قال الحافظ أبو الحسن الآبري: (وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذكر المهدي وأنّه من أهل بيته) (راجع كلامه في: المنار المنيف لابن القيم).

قال ابن تيمية: (إنّ الأحاديث التي يحتجّ بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة، رواها أبو داوود والترمذي وأحمد وغيرهم...) (منهاج السنة: ج 4 ص 211).

وقال ابن حجر العسقلاني: (تواترت الأخبار بأنّ المهدي من هذه الأمّة وأنّ عيسى بن مريم سينزل ويصلي خلفه) (فتح الباري: ج 5 ص 362).

 من ولد الحسن أم الحسين؟:

ذهب أهل السنة إلى أنّ المهدي من ولد الحسن (عليه السلام) وذهب الشيعة إلى أنّه من ولد الحسين (عليه السلام)..

وكلّ الروايات في كتبهم تذهب لهذا وهناك روايات في كتب السنة مدعّمة لهذا الاعتقاد منها قوله (صلى الله عليه وآله) :(لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله عزّ وجلّ ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من ولدي اسمه اسمي، فقام سلمان الفارسي فقال: يا رسول الله، من أي ولدك؟ قال: من ولدي هذا، وضرب بيده على الحسين) (المعجم الكبير للطبراني: ج 10 ص 166، الصواعق المحرقة: ص 249).

وقال (صلى الله عليه وآله): (يخرج المهدي من ولد الحسين من قبل المشرق لو استقبلته الجبال لهدمها واتخذ فيها طرقاً) (راجع عقد الدرر في أخبار المنتظر: ص 282 نقله عن الطبراني).

وأمّا من قال من العلماء بأنّ المهدي من ولد الحسين فهم كثيرون منهم:

البيهقي (ت 458 هـ).

ابن عربي صاحب الفتوحات (ت 638هـ).

الصفدي صاحب الوافي في الوفيات (ت 764 هـ).

السيوطي (ت 911 هـ).

ابن حجر المكي (ت 973).

 الاعتقاد بولادته:

يعتقد الإمامية بأنّ المهدي (عليه السلام) هو الإمام الثاني من أئمة أهل البيت ابن الإمام الحسن العسكري ولد سنة 255 هـ وغيّبه الله خوفاً عليه من الحكام الذين أرادوا قتله، وللإمامية أدلتهم على ولادته (عليه السلام) ويمكن الاستدلال على ضرورة وجوده بأدلة منها:

قول الرسول (صلى الله عليه وآله): (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية) (شرح المقاصد: التفقازاني: ج 5 ص 239، وبألفاظ أخرى في: مسند أحمد: ج 5 ص 61، المعجم الكبير للطبراني: ج 19 ص 388).

إنّ عدم معرفة أي حاكم يحكم المسلمين لا يؤدّي هذا إلى الميتة الجاهلية، ولكنّ عدم معرفة الإمام في هذا الحديث تؤدي إلى الممات على الجاهلية، فالمعرفة هذه واجبة ولا يمكن القول إنّ حاكم كلّ بلد هو إمام الزمان لأنّ إمام الزمان واحد ويجب أن يتصفّ بالعدل.

إذا كان عدم معرفة الإمام سبباً لدخول النار - الميتة الجاهلية - فهو إذن إمام حقّ يجب معرفته وطاعته والاعتقاد بإمامته، ولم يفسّر الحديث بما يليق به إلاّ الإمامية فجعلوا الأئمة الاثني عشر وآخرهم المهدي (عليه السلام) أئمة كلّ واحد لزمانه وإمام الزمان الحالي هو المهدي (عليه السلام).

من الأحاديث التي يُستدلّ بها على وجود المهدي (عليه السلام) حديث الثقلين: (إنّي تارك فيكم... كتاب الله... وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض) (سنن الترمذي الألباني، كتاب المناقب).

فعبارة (لن يتفرقا) أي الكتاب والعترة دليل على وجود إمام ملازم للقرآن وعدم وجوده تكذيب لقول النبي هذا - والعياذ بالله -.

ويستدل بحديث وروايات تدلّ على أنّ الأئمة اثنا عشر كلهم من قريش (موجودة في البخاري ومسلم...).

وبعضهم يعدّ هؤلاء الخلفاء ويجعل آخرهم المهدي (عليه السلام).

هذه بعض الأدلة التي تؤيد حياة الإمام المهدي (عليه السلام) وأرى هذه الفكرة صحيحة، فمن المعلوم أنّ المهدي (عليه السلام) يأتي بالإسلام المحمدي الأصيل، وولادته في آخر الزمان بعد انقطاع الوحي لا تمكنه من استحضار الإسلام كما أنزل، لهذا فولادته في الأزمنة المتقدّمة وأخذه الإسلام عن أبيه بسند يوصله إلى النبي (صلى الله عليه وآله) تتفق وحقيقة إتيانه بالإسلام كما أنزل.

وقد قال بولادته جمع من علماء أهل السنة منهم:

1 - ابن عربي صاحب الفتوحات (ت 638 هـ).

2 - محمد بن طلحة الشافعي في: مطالب السؤول (ت 652).

3 - سبط ابن الجوزي في: تذكرة الخواص (ت 654 هـ).

4 - محمد بن يوسف الكنجي في: البيان في أخبار صاحب الزمان (ت 658 هـ).

5 - الجويني الشافعي في فرائد السمطين (ت 732 هـ).

6 - الشعراني في: اليواقيت والجواهر (ت 973 هـ).

 طول العمر:

يعتقد الإمامية أنّ الإمام غاب عن الأنظار سنة 260 هـ ولا يزال إلى أن يظهره الله.

والذي يسأل، كيف يعيش هذه المدّة؟ يقال له: ليس على الله ببعيد! كيف يعيش الخضر الذي يعتقد المسلمون بوجوده؟ كيف يعيش إبليس وهو من أعداء الله؟ كيف يعيش عيسى (عليه السلام)؟! فكلّ هؤلاء أحياء.

يقول مصطفى الرافعي: (... ومن هنا يكون الأولى بكلّ مسلم والأحوط لدينه أن يعتقد وجود المهدي حيّاً إلى حين ظهوره ثانية...

ولا نقبل الاعتراض بأنّ المهدي من المستحيل بقاؤه حياً ما ينيف على ألف سنة، لأنّ طول العمر هذا جرى لغيره من قبله، كنبي الله نوح (عليه السلام) الذي لبث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً...) (إسلامنا: ص 192).