المهدي هل هو حي أم سيولد بعد ذلك؟
  • عنوان المقال: المهدي هل هو حي أم سيولد بعد ذلك؟
  • الکاتب: السيد كمال الحيدري
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 5:3:2 7-10-1403

المهدي هل هو حي أم سيولد بعد ذلك؟

 السيد كمال الحيدري

  تعتبر مسألة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من المسائل الأساسيّة في بحث الإمامة الخاصّة، من هنا ورد التركيز عليها في التراث الشيعي، بما يناسب موقعها المهم هذا. كما إنّ فكرة مجيء المصلح في آخر الزمان، فكرة لا خلاف عليها بين علماء المسلمين عامّة، حيث اتفقت كلمتهم إلاّ من شذّ منهم، على إنّه لابدّ أن يأتي في آخر الزمان من يصلح الأرض، ويملأها قسطاً وعدلاً، بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً. وممن صرّح بأحاديث المهدي، الترمذي في السنن، والنيسابوري في المستدرك، والبغوي في مصابيح السنّة، وابن الأثير في النهاية، وابن تيميّة في منهاج السنّة، والذهبي في تلخيص المستدرك، والتفتازاني في شرح المقاصد، والهيثمي في مجمع الزوائد، والجزري الدمشقي في أسنى المطالب، والصبّان في إسعاف الراغبين، والشوكاني وعشرات غيرهم.

وصحح النيسابوري كثيراً من روايات المهدي، وعبّر عن طائفة منها بأنّها صحيحة على شرط الشيخين ولم يخرّجاه، كحديث أم سلمه حول خسف البيداء الذي يكون في زمن المهدي، وحديث ابن مسعود :(لا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي)، وحديث ثوبان حول الرايات التي توطّئ للمهدي سلطانه، وحديث أبي سعيد: (المهدي منّي أجلى الجبهة)، وحديث أبي سعيد أيضاً: (لا تقوم الساعة حتّى تُملأ الأرض ظلماً وجوراً وعدواناً، ثمّ يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطاً وعدلاً)، وحديث محمّد ابن الحنفيّة عن أبيه علي(عليه السلام) إنّه قال، وقد سأله رجل عن المهدي: (ذاك يخـرج في آخر الزمان). وعبّر عن طائفة ثانية منها، بأنّها صحيحة على شرط مسلم ولم يخرّجه، كحديث أبي سعيد الخدري: (المهدي منّا أهل البيت)، وحديثه الآخر أيضاً: (تملأ الأرض جوراً وظلماً فيخرج رجل من عترتي).

وعبّر عن طائفة ثالثة بأنّها صحيحة الإسناد ولم يخرّجاه، كحديث أبي سعيد: (ينزل باُمّتي في آخر الزمان بلاء شديد، فيبعث الله عزّ وجلّ من عترتي، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً)، وحديث أبي سعيد أيضاً: (يخرج في آخر أمّتي المهدي). بل صرّح بعض الأعلام بتواتر هذه الأحاديث، كالأبري في مناقب الشافعي، كما نقل ذلك المزّي في تهذيبه، والقرطبي في التذكرة، والعسقلاني في تهذيب التهذيب، والسخاوي في فتح المغيث، والسيوطي في مصباح الزجاجة، والمتقي الهندي في البرهان في علامات مهدي آخر الزمان، والبرزنجي في الإشاعة لأشراط الساعة، وعشرات غير هؤلاء لا مجال لذكرهم في هذه العجالة.

فمثلاً، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب، نقلاً عن الأبري في ترجمة محمّد بن خالد الجندي: (وقد تواترت الأخبار، واستفاضت بكثرة رواتها، عن المصطفى(صلى الله عليه وآله) في المهدي، وأنّه من أهل بيته، وأنّه يملك سبع سنين، ويملأ الأرض عدلاً، وأنّ عيسى (عليه السلام) يخرج فيساعده على قتل الدجّال، وأنّه يؤمّ هذه الأمّة، وعيسى خلفه).

وقال أيضاً:(وفي صلاة عيسى (عليه السلام) خلف رجل من هذه الأمّة، مع كونه في آخر الزمان، وقرب قيام الساعة، دلالة للصحيح من الأقوال (أنّ الأرض لا تخلو من قائم لله بحجّة) والله العالم.

ولم يقتصر الأمر على المتقدّمين من علماء المسلمين، بل نجد ذلك واضحاً في كتابات المتأخّرين أيضاً، حيث صرّح أهل التحقيق منهم، بصحّة أحاديث المهدي، بل بتواترها، كالشيخ محمّد الخضر المصري، والشيخ محمّد فؤاد عبد الباقي، وأبو الأعلى المودودي، وناصر الدين الألباني، والشيخ حمود التويجري، والشيخ عبد العزيز بن باز، وغيرهم.

وقال الشيخ منصور علي ناصف في كتابه (التاج الجامع للأصول): (اشتهر بين العلماء سلفاً وخلفاً، إنّه في آخر الزمان، لابدّ من ظهور رجل من أهل البيت، يسمّى المهدي، يستولي على الممالك الإسلاميّة، ويتبعه المسلمون، ويعدل بينهم، ويؤيّد الدين، وبعده يظهر الدجّال، وينزل عيسى (عليه السلام) فيقتله، أو يتعاون عيسى مع المهدي على قتله. وقد روى أحاديث المهدي، جماعة من خيار الصحابة، وخرّجها أكابر المحدّثين، كأبي داود والترمذي، وابن ماجة...، ولقد أخطأ من ضعّف أحاديث المهدي كلّها، كابن خلدون وغيره ) .

وقال ابن باز: (فأمر المهدي معلوم، والأحاديث فيه مستفيضة، بل متواترة متعاضدة، وقد حكى غير واحد من أهل العلم تواترها... وهي متواترة تواتراً معنويّاً، لكثرة طرقها واختلاف مخارجها، وصحابتها، ورواتها، وألفاظها، فهي تدلّ على أنّ هذا الشخص الموعود به، أمره حقّ ثابت وخروجه حقّ).

وقال أيضاً: (ولقد تأمّلت ما ورد في هذا الباب من أحاديث، فاتضح لي صحّة كثير منها، كما بيّن ذلك العلماء الموثوق بعلمهم ودرايتهم، كأبي داود، والترمذي، والخطّابي، ومحمّد بن الحسين الآبري، وشيخ الإسلام ابن تيميّة، والعلاّمة ابن القيّم، والشوكاني وغيرهم). وقد ورد في معجم أحاديث الإمام المهدي ما يقرب من (2000 رواية) عن رسول الله وأهل بيته تعرّضت لمختلف شؤون المهدي، كالأبحاث المتعلّقة بمرحلة ما قبل ظهور المهدي (عجّل الله فرجه)، ثمّ ما يتعلّق بشخصيّته، وحركة ظهوره، وأحداثها، ثمّ ما يكون بعده.

إذن، فمسألة ظهور المهدي في آخر الزمان، وأنّه من أهل بيته (صلى الله عليه وآله) وعترته، وأنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ممّا لا ريب فيها، ولا مجال للتشكيك والتردّد إزاءها، وبتعبير الشيخ محمود التويجري: (إنّه لا ينكر خروجه إلاّ جاهل أو مكابر). ولقد أجاد بعض الكتّاب المعاصرين حيث قال: (إنّ في عالم الدجل، الكثير من الذين يدّعون العلم ويتاجرون بالورع، يريدون أن يجعلون تراثنا خالياً من الهواء...، لقد رفض فكرة المهدي رجال هناك، أمثال (غولد سابهر) و(فلهوزن) فاتبعهم رجال هنا، من منطلق أنّهم يأكلون كُلّ طعام يأتي من هناك).

نعم، الذي وقع الخلاف فيه بين علماء المسلمين، إنّما هو في جهة أخرى من البحث، هي: هل المهدي حي؟ ولكنّه غائب مستور، كما ذهب إلى ذلك أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) تبعاً للروايات الصحيحة الواردة عن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، أمّ سيولد بعد ذلك؟ كما هو الاتجاه العام عند مدرسة الخلفاء. من هنا لابدّ أن ينصبّ الحديث على إثبات أنّ المهدي المنتظر حي أم لا؟ ويمكن ذكر طريقين في هذه العجالة لإثبات حياته:

الطريق الأوّل: وهو الطريق غير المباشر، إن صحّ التعبير، وذلك بأن يقال: بعد أن ثبتت ضرورة استمرار وجود معصوم، لا يفارق الكتاب ولا يفارقه الكتاب، كما هو نص حديث الثقلين، وأنّ هؤلاء المعصومين لا يتجاوز عددهم (12) كما هو مقتضى أحاديث (خلفائي من بعدي اثنا عشر) وأنّ هؤلاء هم علي والحسن والحسين وتسعة من صلب الحسين (عليهم السلام) ينتهون بالمهدي المنتظر، كما هو نصّ عشرات الروايات من الفريقين، إذن يثبت بالدلالة الإلتزاميّة العقليّة، أنّ الإمام الثاني عشر حيٌّ يُرزق لكنّه غائب مستور عن الخلق لحكمة إلهيّة في ذلك. ومن الواضح أنّ هذا الطريق يثبت لنا وجود إمام معصوم غائب ، هو المهدي المنتظر ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) الذي ينتهي نسبه إلى الإمام الحسين بن علي(عليهما السلام).

ولكنّه لا يتعرّض لتفاصيل سنة ولادته، وكيفيّة ذلك، ومن هي أمّه، ومتى غاب، وهل له غيبة واحدة أم أكثر. إلاّ أنّ هذا لا يؤثّر في أصل فكرة إثبات وجوده وأنّه حيٌّ غائب، لأنّ الضرورة النقليّة وما يلزمها عقلاً تثبت هذه الحقيقة. وهنا أود الإشارة إلى أن دعوى ضرورة وجود معصوم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بل عدم خلو كُلّ زمان من معصوم، ليست من مختصات مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) كما يتهم بعضٌ الشيعة الإمامية بذلك، بل هناك جملة من أعلام المسلمين، ذهبوا إلى ضرورة وجود معصوم في كُلّ زمان.

قال الفخر الرازي في تفسيره، ذيل قوله تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة: 119): إنّه تعالى أمر المؤمنين بالكون مع الصادقين. ومتى وجب الكون مع الصادقين فلا بدّ من وجود الصادقين في كُلّ وقت.

فإن قيل: لِم لا يجوز أن يقال: إنّ المراد بقوله: (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) أي كونوا على طريقة الصادقين، كما أنّ الرجل إذا قال لولده: كن معه الصالحين، لا يفيد إلاّ ذلك. سلمنا ذلك، لكن نقول: إنّ هذا الأمر كان موجوداً في زمان الرسول فقط، فكان هذا أمراً بالكون مع الرسول، فلا يدلّ على وجود صادق في سائر الأزمنة.

والجواب عن الأول: إنّ قوله: (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) أمر بموافقة الصادقين، ونهي عن مفارقتهم، وذلك مشروط بوجود الصادقين. وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب. فدلّت هذه الآية على وجود الصادقين. وقوله: إنّه محمول على أن يكونوا على طريقة الصادقين، فنقول: إنّه عدول عن الظاهر من غير دليل.

قوله: هذا الأمر مختص بزمان رسول الله عليه الصلاة والسلام:

قلنا: هذا باطل لوجوه:

الأول: إنّه ثبت بالتواتر الظاهر من دين محمد (عليه الصلاة والسلام) أنّ التكاليف المذكورة في القرآن متوجهة إلى المكلفين إلى قيام القيامة، فكان الأمر في هذا التكليف كذلك.

الثاني: أنّ الصيغة تتناول الأوقات كلها بدليل صحة الاستثناء.

الثالث: لما لم يكن الوقت المعيَّن مذكوراً في لفظ الآية، لم يكن حمل الآية على البعض أولى من حمله على الباقي، فإما أن لا يحمل على شيء من الأوقات، فيفضي إلى التعطيل وهو باطل، أو على الكلّ وهو المطلوب.

الرابع: وهو أنّ قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ) أمر لهم بالتقوى، وهذا الأمر إنما يتناول من يصحّ منه أن لا يكون متقياً، وإنما يكون كذلك لو كان جائز الخطأ فكانت الآية دالة على أنّ من كان جائز الخطأ، وجب كونه مقتدياً بمن كان واجب العصمة، وهم الذين حكم الله بكونهم صادقين. فهذا يدلّ على إنّه واجب على جائز الخطأ، كونه مع المعصوم عن الخطأ، حتى يكون المعصوم عن الخطأ مانعاً لجائز الخطأ عن الخطأ. وهذا المعنى قائم في جميع الأزمان، فوجب حصوله في كُلّ الأزمان.

وقال أيضاً في ذيل قوله تعالى :(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنكُمْ) (النساء: 59): إنّ الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية، ومَن أمَر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع، لا بد أن يكون معصوماً عن الخطأ، إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ، كان بتقدير إقدامه على الخطأ، يكون قد أمر الله بمتابعته، فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ. والخطأ لكونه خطأ منهيٌ عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد، بالاعتبار الواحد، وإنه محال.

فثبت أنّ الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر علي سبيل الجزم، وثبت أنّ كُلّ من أمَر الله بطاعته على سبيل الجزم، وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ. فثبت قطعاً أنّ أولي الأمر المذكور في هذه الآية لا بدّ وأن يكون معصوماً.

نعم وقع الاختلاف في مصداق المعصوم وأنه مَن هو؟ حيث ذهب أتباع أهل البيت، تبعاً للآيات والروايات المتواترة، كما تقدمت الإشارة إليها، أنّ المقصود به هم أئمة أهل البيت (عليهم السلام). عن عبد الله بن عباس قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:(أنا، وعلي، والحسن، والحسين وتسعة من ولد الحسين، مطهّرون معصومون). وذهب أتباع الخلفاء إلى أنّ المعصوم هو (إجماع الأمّة).

قال الرازي: لِم لا يجوز أن يكون الصادق هو المعصوم الذي يمتنع خلو زمان التكليف عنه، كما تقوله الشيعة.

قلنا: نحن نعترف بأنّه لابدّ من معصوم في كُلّ زمان، إلاّ أنّا نقول: ذلك المعصوم هو مجموع الأمّة. ثم قال: (ولا معنى لقولنا الإجماع حجة إلاّ ذلك). وقد أوضح مراده من الإجماع بقوله: (مذهبنا أنّ الإجماع لا ينعقد إلاّ بقول العلماء الذين يمكنهم استنباط أحكام الله من نصوص الكتاب والسنة، وهؤلاء هم المسمون بأهل الحلّ والعقد في كتب أصول الفقه). وتبعه في ذلك محمد عبده في تفسير المنار، جيث قال محمد رشيد رضا إن أستاذه (فكّر في هذه المسألة من زمن بعيد، فانتهى به الفكر إلى أنّ المراد بأولي الأمر، جماعة أهل الحلّ والعقد من المسلمين . . . فأهل الحلّ والعقد من المؤمنين، إذا أجمعوا على أمر من مصالح الأمّة، ليس فيه نصّ عن الشارع، مختارين في ذلك غير مكرهين عليه بقوة أحد ولا نفوذه، فطاعتهم واجبة، ويصحّ أن يقال هم معصومون في هذا الإجماع، ولذلك أطلق الأمر بطاعتهم، بلا شرط مع اعتبار الوصف والإتباع المفهـوم من الآيـة).

الطريق الثاني: وهو الطريق المباشر، ولكي يتضح ذلك جيّداً لابدّ من الإشارة إلى التسلسل الوارد في الروايات، لإثبات هذه الظاهرة الإلهيّة، وهذا ما أحصاه بعض المحقّقين المعاصرين:

1: الروايات التي تبشّر بظهوره (عجّل الله فرجه) : 657 رواية.

2: الروايات التي تبيّن إنّه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً : 123 رواية.

3: الروايات التي تثبّت أنّ المهدي المنتظر من أهل البيت : 389 رواية.

4: الروايات التي تبيّن إنّه من ولد أمير المؤمنين (عليه السلام) : 214 رواية.

5: الروايات التي تثبّت إنّه من ولد فاطمة الزهراء (عليهما السلام): 192 رواية.

6: الروايات التي تقول إنّه من ولد الإمام الحسين (عليه السلام) : 185 رواية.

7: الروايات التي تقول إنّه التاسع من ولد الإمام الحسين (عليه السلام) : 148 رواية.

8: الروايات التي تقول إنّه من ولد علي بن الحسين(عليهما السلام): 185 رواية.

9: الروايات التي تقول إنّه من ولد محمّد الباقر (عليه السلام) : 103 رواية.

10: الروايات التي تقول إنّه من ولد الصادق (عليه السلام) : 103 رواية.

11: الروايات التي تقول إنّه السادس من ولد الصادق (عليه السلام): 99 رواية.

12: الروايات التي تقول إنّه من ولد موسى بن جعفر (عليهما السلام):101 رواية.

13: الروايات التي تقول إنّه الخامس من ولد موسى بن جعفر (عليهما السلام): 98 رواية.

14: الروايات التي تقول إنّه الرابع من ولد علي بن موسى الرضا (عليه السلام): 95 رواية.

15: الروايات التي تقول إنّه الثالث من ولد محمّد بن علي التقي (عليه السلام): 90 رواية.

16: الروايات التي تقول إنّه من ولد علي الهادي (عليه السلام) : 90 رواية.

17: الروايات التي تقول إنّه ابن أبي محمّد الحسن العسكري (عليه السلام) :146 رواية.

18: الروايات التي تقول إنّه الثاني عشر من الأئمّة وخاتمهم: 136 رواية.

19: في ولادته (عليه السلام) وتأريخها وبعض حالات أمّه: 214 رواية.

20: في أنّ له غيبتين : 10 روايات.

21: في أنّ له غيبة طويلة : 91 رواية.

22: في إنّه طويل العمر جدّاً : 318 رواية.

ولا شكّ أنّ روايات بعض هذه العناوين، قد تتداخل مع بعضها الآخر، كما هو واضح.

لا يقال: بأنّ الاستدلال بروايات أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) لإثبات إمامة أنفسهم وبيان خصائصها، وعدد الأئمّة، وأنّ الثاني عشر حيّ، ونحو ذلك، إنّما يلزم منه الدور، لأنّ حجيّة أقوالهم موقوفة على إمامتهم وعصمتهم، والمفروض أنّ إمامتهم متوقّفة على حجيّة أقوالهم. لأنّه يقال: إنّ هذا الإشكال مدفوع ببيانين:

الأوّل: أننا بعد أن أثبتنا عصمتهم بإحدى الطرق المتقدّمة في المحور الثالث، يمكن الاحتجاج والاستناد إلى أقوالهم لإثبات خصائص إمامة المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، ولا يلزم محذور في المقام، لاختلاف الموقوف عن الموقوف عليه، فيرتفع الدور.

الثاني: إنّه حتّى لو لم تثبت عصمة أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) في الرتبة السابقة، إلاّ إنّه يمكن الاعتماد على رواياتهم، وذلك من خلال أنّهم رواة ثقات عن الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، فتكون حجيّة قولهم على حدّ حجيّة قول أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذين قبل المسلمون عامّة، الاعتماد على ما ينقلونه عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ولا أظن أنّ أحداً من المسلمين يتوقّف في قبول مثل هذا الأمر بشأن أهل البيت (عليهم السلام) سواء فيما صرّحوا فيه من الروايات، بأنّهم ينقلونه عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، أو التي لم يصرّحوا فيها بذلك، بل اكتفوا بالقاعدة الكليّة التي بيّنوا فيها، أنّ حديثهم هو حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كما يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدّي، وحديث جدّي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله). وعلى هذا، لم نجد أحداً من المسلمين، شكك فيما نقل الإمام الباقر أو الإمام الصادق(عليهما السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع علمنا أنّ كثيراً من هؤلاء الذين سمعوا هذه الأحاديث من الأئمّة (عليهم السلام) وقبلوها، ورووها، لم يكونوا يعتقدون بعصمة الأئمّة (عليهم السلام) كاعتقاد الشيعة بهم، غير أنّهم كانوا يعتقدون بأنّ هؤلاء في أعلى درجات التقى والعلم والوثاقة والصدق. ولا يخفى أنّ هناك طرقاً أخرى لإثبات حياته (عجّل الله فرجه) كشهادة من رآه، وهم جمٌّ غفير، وفيهم الثقات والعلماء، فقد أحصى البعض (عدد مَنْ شاهد الإمام المهدي، فبلغوا زهاء 304 شخص). ولعلّ ما فاته أكثر ممّا ذكره. من هنا جاءت اعترافات عدد كبير من علماء السنّة، تبيّن ولادة المهدي (عجّل الله فرجه)، وقد صرّح بعضهم، إنّه هو الإمام الموعود بظهوره في آخر الزمان. وقد أحصى الشيخ مهدي فقيه إيماني في كتابه (المهدي في نهج البلاغة) ما يزيد عن 100 شخصيّة، صرّحت بولادته (عجّل الله فرجه).

وكنموذج على ذلك، ما ذكره العلاّمة الشعراني الحنفي في كتابه القيّم (اليواقيت والجواهر) حيث قال: (فهناك يترقّب خروج المهدي (عليه السلام) وهو من أولاد الإمام الحسن العسكري، ومولده (عليه السلام) ليلة النصف من شعبان سنة خمسة وخمسين ومائتين، وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم (عليه السلام) _ إلى أن يقول _ وعبارة الشيخ محي الدين في الباب السادس والستين وثلاثمائة من (الفتوحات): واعلموا إنّه لابدّ من خروج المهدي (عليه السلام)، لكن لا يخرج حتّى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً، فيملأها قسطاً وعدلاً، ولو لم يكن من الدنيا إلاّ يوم واحد، طوّل الله تعالى ذلك اليوم، حتّى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ولد فاطمة (رضي الله عنها) جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده الحسن العسكري، ابن الإمام علي النقي بالنون، ابن الإمام محمّد التقي بالتاء، ابن الإمام علي الرضا، ابن الإمام موسى الكاظم، ابن الإمام جعفر الصادق، ابن الإمام محمّد الباقر، ابن الإمام زين العابدين علي، ابن الإمام الحسين، ابن الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، اسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يبايعه المسلمون بين الركن والمقام...).

كانت هذه عبارة صاحب الفتوحات المكيّة، كما ينقلها أحد أعلام القرن العاشر الهجري، ولكن ممّا يؤسف له، أنّ الأيادي غير الأمينة عبثت بهذا النصّ، عندما طبعت الفتوحات، فجاء النصّ بنحو آخر: (اعلم أيّدنا الله، أنّ لله خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض ظلماً وجوراً، فيملأها قسطاً وعدلاً، لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد، طوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي هذا الخليفة من عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، من ولد فاطمة، يواطئ أسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، جدّه الحسن بن علي بن أبي طالب، يبايع بين الركن والمقام...). وبهذا تخرج مسألة الإيمان بالمهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، وأنّه حيٌّ يُرزق، عن دائرة اتهام الشيعة باختلاقها وإيجادها في الفكر الإسلامي.