الإمامة الإثنا عشرية جوهر مفهوم المهدويّة 1
  • عنوان المقال: الإمامة الإثنا عشرية جوهر مفهوم المهدويّة 1
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 10:5:26 21-9-1403

إن أصل الاعتقاد بفكرة ظهور المنقذ الذي يمثل جوهر الفكرة المهدوية في الإسلام يعتبر ظاهرة إنسانية عامة وليس خاصاً بدين معين أو مذهب معين، وهذه الحقيقة من شأنها أن تساعد على اسقاط أربع شبهات في المسألة المهدوية في آن واحد.
فهي توضح أولاً: بطلان الشبهة القائلة باختصاص الشيعة بالقول بالمهدوية، خاصة مع ثبوت اجماع المسلمين عليه.
وتوضح ثانياً: بطلان شبهة الاُسطورة القائلة بأن المهدوية فكرة اُسطورية منتزعة من الخيال، فإن الاُسطورة خيال ساذج منتزع من واقع قبلي أو قومي أو فئوي محدود، وليست هناك اُسطورة تحضى بإجماع الأديان السماوية وغير السماوية ، وتُعبّر عن ضمير إنساني عام، ويتبناها العلماء والمفكرون والفلاسفة.
وتوضح ثالثاً: بطلان الشبهة القائلة بدور اليهود في إيجاد الفكرة المهدوية، فإذا كان مضمون الفكرة المهدوية موجوداً في كل دين حتى الأديان غير السماوية، فلماذا نستكثر على الإسلام وجوده فيه؟ فإن مقتضى العقل والمنطق أن يكون الإسلام مشتملاً على هذه الفكرة بمفهوم أوضح وأكمل، كما هو المتجسد في مدرسة أهل البيت(عليهم السلام).
وحينئذ ، فمن مؤشرات الكمال في هذا الدين، وهذه المدرسة بالذات، احتواؤهما على الفكرة المهدوية، أليست الأديان تشترك في محاور عقائدية وتشريعية كثيرة كالحج، والصوم، والصلاة... إلخ، فهل أن تصريح اليهودية ـ وغيرها ـ بمثل هذه المحاور يقتضي ابتعاد الإسلام عنها؟ أم يقتضي تأكيد الإسلام عليها، وطرحها بمفهوم أكمل وأرقى؟ فهذه الشبهة تعود على أصحابها بالنقص وعلى الإسلام والتشيع بالكمال.
كما توضح رابعاً: بطلان الشبهة القائلة بأن الفكرة المهدوية وليدة ظروف الضغط السياسي التي عاشها أتباع الائمة(عليهم السلام)، فإن الخوارج واجهوا ضغطاً لا يقل عما واجهه أتباع الأئمة(عليهم السلام)ولو كانت هناك قاعدة مطردة فما أكثر المظلومين والمضطهدين الذين لم يُعرف عنهم اعتقاد بمضمون الفكرة المهدوية، وما أكثر الأفراد والجماعات التي آمنت بهذا المضمون بدون معاناة لظلم واضطهاد، ولو كان هذا الاعتقاد ناشئاً من الظلم والاضطهاد فما باله يظهر في الأجيال التالية غير المضطهدة؟
نعم، الشيء الذي يمكن الاعتقاد به هو أن عوامل الضغط والاضطهاد من شأنها أن تدفع باتجاه التمسك بالفكرة المهدوية أكثر، لا أنها تنشئ هذه الفكرة وتوجدها من حيث الأساس.
إن الدين هو التعبير الأكمل عن الحقائق الإنسانية، والإسلام هو التعبير الأكمل عن الحقائق الدينية، ومدرسة أهل البيت(عليهم السلام) هي التعبير الأكمل عن الحقائق الإسلامية.
وحينما تصرح الأديان بفكرة المنقذ العالمي فإنما تكشف ـ فضلاً عن الحقيقة الغيبية ـ عن ضمير إنساني أكيد وبنحو أكمل، وحينما يصرح الإسلام بهذه الفكرة، إنما يصرح بحقيقة دينية أكيدة وبنحو أكمل مما طرحته الأديان السابقة، وحينما يصرح أهل البيت(عليهم السلام) بهذه الفكرة فإنما يقدمون البيان الأكمل عن الحقيقة الإسلامية في هذا المضمار.
وحينئذ ، فالفرق بين المسألة المهدوية في مفهوم مدرسة الخلفاء ومدرسة أهل البيت(عليهم السلام)هو الفرق بين مدرسة تبيّن الحد الأدنى من الحقيقة ومدرسة تتصدى لبيان الحقيقة الإسلامية بحدها الأعلى، فتتصور الاُولى أن الثانية قد سلكت سبيل الغلو والتطرف، ولعل السرّ في اشتهار التشيع بالمهدوية حتى كأنها من خصائصه وليست من العقائد المجمع عليها بين المسلمين يعود الى اختصاصه بحد الكمال، وتمتع المفهوم المهدوي لديه بخصائص فريدة بها يتحقق المعنى المطلوب من المهدوية.
وهذه الخصائص تتشعب من محور واحد هو أن المهدوية في مفهوم أهل البيت(عليهم السلام)ليست نظرة مستقبلية صرفة، وليست مجرد إخبار عن مستقبل سعيد للبشرية سيكون في نهاية المطاف، كماترى ذلك مدرسة الخلفاء، وإنما هي قبل ذلك جزء لا يتجزء من عقيدة الإمامة الاثني عشرية التي قدّر لها سماوياً أن تستوعب التاريخ من لحظة وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) الى اللحظة الأخيرة من حياة البشرية، أو بتعبير آخر، هي مسألة الإمام الثاني عشر الذي بدأت إمامته منذ عام (260 هـ ) وتواصلت حتى الآن، وستتواصل حتى ظهوره في خاتمة التاريخ.
ونحن حينما نبحث في المسألة المهدوية في مفهوم أهل البيت(عليهم السلام) لابد وأن نركّز على هذا المحور العقائدي وننظر إليه تارة من زاوية الدليل والبرهان بقصد الإثبات، واُخرى من زاوية الخصائص المترتبة عليه، وثالثة من زاوية القيمة العقائدية التي ينطوي عليها، فهنا ثلاث مراحل من البحث نجعل كل مرحلة في فصل.

الإثبات العقائدي لمفهوم المهدويّة عند أهل البيت (عليهم السلام)

الدليل العقائدي على هذا المفهوم يتمثل في مئات الروايات الواردة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) [1] التي تدل على تعيين المهدي وكونه من أهل البيت [2] ... ومن ولد فاطمة [3] .. ومن ذرية الحسين [4] ... وأنه التاسع من ولد الحسين [5] ... وأنّ الخلفاء اثنا عشر [6] .
فهذه خمس طوائف من الروايات تتظافر فيما بينها على تبيين مفهوم المهدوية وتشخيص الإمام المهدي، والذي ينظر فيها يلاحظ ما فيها من التدرج من العنوان الكبير الى العنوان الأصغر حتى تصل الى التحديد الشخصي.
وقد لاحظ السيد الشهيد محمد باقر الصدر(رضي الله عنه) أن هذه الروايات: «بلغت درجة كبيرة من الكثرة والانتشار على الرغم من تحفّظ الأئمة(عليهم السلام) واحتياطهم في طرح ذلك على المستوى العام، وقاية للخلف الصالح من الاغتيال أو الإجهاز السريع على حياته [7] . وليست الكثرة العددية للروايات هي الأساس الوحيد لقبولها، بل هناك ـ إضافة الى ذلك ـ مزايا وقرائن تبرهن على صحتها، فالحديث النبوي الشريف عن الأئمة أو الخلفاء أو الاُمراء بعده وأنهم اثنا عشر إماماً أو خليفةً أو أميراً ـ على اختلاف متن الحديث في طرقه المختلفة ـ قد أحصى بعض المؤلفين رواياته فبلغت أكثر من مائتين وسبعين رواية [8] مأخوذة من أشهر كتب الحديث عند الشيعة والسنّة بما في ذلك البخاري [9] ومسلم [10] والترمذي [11] وأبي داود [12] ومسند أحمد [13] ومستدرك الحاكم على الصحيحين [14] ، ويلاحظ هنا أن البخاري الذي نقل هذا الحديث كان معاصراً للإمام الجواد والإمامين الهادي والعسكري، وفي ذلك مغزىً كبيراً; لأنه يبرهن على أن هذا الحديث قد سُجّل عن النبي(صلى الله عليه وآله) قبل أن يتحقق مضمونه وتكتمل فكرة الأئمة الاثني عشر فعلاً، وهذا يعني أنه لا يوجد أي مجال للشك في أن يكون نقل الحديث متأثراً بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعكاساً له; لأن الأحاديث المزيفة التي تنسب الى النبي(صلى الله عليه وآله)هي انعكاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنياً لا تسبق في ظهورها وتسجيلها في كتب الحديث ذلك الواقع الذي تشكل انعكاساً له، فما دمنا قد ملكنا الدليل المادي على أن الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمة الاثني عشر، وضُبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الاثني عشري، أمكننا أن نتأكد من أنّ هذا الحديث ليس انعكاساً لواقع ، وإنما هو تعبير عن حقيقة ربّانية نطق بها من لا ينطق عن هوى [15] ، فقال: «إنّ الخلفاء بعدي اثنا عشر» [16] . وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري ابتداءً من الإمام علي وانتهاءً بالمهدي(عليهما السلام); ليكون التطبيق الوحيد المعقول [17] لذلك الحديث النبوي الشريف» [18] .
لقد أخرج مسلم في صحيحه من طريق قتيبة بن سعيد، عن جابر ابن سمرة، قال: «دخلت مع أبي على النبي(صلى الله عليه وآله)، فسمعته يقول: «إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة».
قال: ثمّ تكلم بكلام خَفيَ علَيَّ، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: «كلّهم من قريش» [19] .
ثمّ أخرجه عن ابن أبي عمر، عنه، وعن هداب بن خالد، عنه، وعن نصر بن عليّ الجهضمي، عنه، وعن محمد بن رافع، عنه، كلّ من طريق.
وأخرجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عنه، من طريقين. وعن قتيبة بن سعيد، عنه، من طريقين آخرين.
فهذه تسعة طرق للحديث في صحيح مسلم فقط، ناهيك عن كثرة طرقه الاُخرى في كتب الحديث لدى السُنّة والشيعة [20] .

اضطراب مدرسة الخلفاء في تفسير الحديث
والسؤال هنا، من هم هؤلاء الخلفاء؟

قبل أن نختار اجابة محدّدة على هذا السؤال لابد من طرح الاحتمالات المتصورة في معنى هذا الحديث، ومقصود النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) منه، وهنا احتمالان لا ثالث لهما، وهما:
1 ـ أن يكون مقصود النبي(صلى الله عليه وآله) هو بيان ما سيجري عليه الواقع السياسي للاُمة من بعده، بنحو من التنبؤ والكشف عن المستقبل، على غرار تنبؤات كثيرة صدرت منه(صلى الله عليه وآله) في شؤون مختلفة. فيكون مفاد الحديث هو الإخبار عن الواقع المستقبلي للاُمة. ولنطلق على هذا الاحتمال اسم «التفسير المستقبلي».
2 ـ أن يكون مقصوده(صلى الله عليه وآله) اصدار قرار بتعيين اثني عشر إماماً وخليفة من بعده، فيكون مفاده الإنشاء والتنصيب بلحاظ مقتضيات الشريعة، لا الاخبار بلحاظ الواقع المستقبلي. ولنطلق على هذا الاحتمال اسم «التفسير العقائدي».
ومقتضى البحث العلمي أن ننظر في هذين الاحتمالين ونختار ما تؤيده الشواهد والأدلّة والبراهين العقلية والنقلية، إلاّ أن مدرسة الخلفاء لما آمنت منذ البدء بشرعية نظام الخلافة ورفضت نظرية التعيين، وأقامت تراثها الكلامي والفقهي على هذا الأساس، وجدت نفسها أمام احتمال واحد لا مفرّ لها عنه، وهو الاحتمال الأول، واضطرت الى تأويل كل ما يعارضه، والأخذ بهذه التأويلات مهما كانت تعسفية وبعيدة عن القواعد العقلية والعرفية، باعتبارها أمراً لا بديل عندها عنه.
وكان عليها أن تنظر الى الحديث نظرة علمية متحررة من أي فكرة مُسبقة لتتأكد بنفسها من سقم التفسير المستقبلي للحديث، فإن كان النبي ينظر الى ما سيجري عليه الواقع فما الداعي الى التحديد باثني عشر خليفة مع امتداد المستقبل أكثر من هذا؟ وإن كان النبي ينظر الى الخلافة الصحيحة المطابقة للموازين الشرعية فإن مدرسة الخلفاء لم تقطع ولم تجمع على شرعية غير الخلفاء الأربعة، ومن هنا اضطربت آراؤها في تحديد اشخاص الخلفاء الاثني عشر.
فالخلفاء الاثنا عشر عند ابن كثير: الخلفاء الأربعة، وعمر بن عبدالعزيز، وبعض بني العباس، واستظهر أنّ المهديّ منهم [21] .
وعند القاضي الدمشقي: الخلفاء الأربعة، ومعاوية، ويزيد بن معاوية، وعبدالملك بن مروان وأولاده الأربعة (الوليد، وسليمان، ويزيد، وهشام)، وأخيراً عمر بن عبدالعزيز [22] .
وعند ولي الله المحدِّث في قرة العينين ـ كما جاء في عون المعبود: ـ الخلفاء الأربعة، ومعاوية، وعبدالملك بن مروان، وأولاده الأربعة، وعمر بن عبدالعزيز، ووليد بن يزيد بن عبدالملك، ثمّ نقل عن مالك بن أنس أنّه أدخل عبدالله بن الزبير فيهم. ولكنه رفض قول مالك، مستدلاً بما روي عن عمر وعثمان; عن النبي(صلى الله عليه وآله) ما يدل على أنّ تسلط ابن الزبير كان مصيبة من مصائب هذه الاُمة، ثم ردّ من أدخل يزيد بينهم، مصرحاً بأنّه كان سيّئ السيرة [23] .
وقال ابن قيم الجوزية: «وأمّا الخلفاء: اثنا عشر، فقد قال جماعة منهم أبوحاتم وابن حبّان وغيره: انّ آخرهم عمر بن عبدالعزيز، فذكروا الخلفاء الأربعة، ثم معاوية، ثمّ يزيد ابنه، ثمّ معاوية بن يزيد، ثمّ مروان بن الحكم، ثم عبدالملك ابنه، ثمّ الوليد ابن عبدالملك. ثمّ سليمان بن عبدالملك. ثم عمر بن عبدالعزيز، وكانت وفاته على رأس المائة، وهو القرن المفضل الذي هو خير القرون، وكان الدين في هذا القرن في غاية العزّة، ثم وقع ما وقع» [24] .
وقال النوربشتي: «السبيل في هذا الحديث وما يتعقبه في هذا المعنى أنه يحمل على المقسطين منهم، فإنّهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة، ولا يلزم أن يكونوا على الولاء، وإن قُدّر أنهم على الولاء فإنّ المراد منه المسمون بها على المجاز، كذا في المرقاة» [25] .
وعند المقريزي: الخلفاء الأربعة، ثمّ الإمام الحسن(عليه السلام)قال: «وبه تمّت أيام الخلفاء الراشدين»، ولم يُدخِل أحداً من بني اُمية حيث صرّح بأنَّ الخلافة صارت بعد الإمام الحسن(عليه السلام)ملكاً عضوضاً، قال: «أيّ فيه عسف وعنف!!»، كما لم يُدخل أحداً من بني العباس، مصرّحاً أنّ في خلافتهم «افترقت كلمة الإسلام وسقط اسم العرب من الديوان، واُدخل الأتراك في الديوان، واستولت الديلم، ثمّ الأتراك، وصارت لهم دول عظيمة جداً، وانقسمت ممالك الأرض عدة أقسام، وصار بكلّ قطر قائم يأخذ الناس بالعسف، ويملكهم بالقهر» [26] .
وهكذا يلاحظ بوضوح اضطراب مدرسة الخلفاء في تفسيرها لهذا الحديث، ووقوعها في مطبّات يتعذّر عليها الخروج منها ما دامت تصر على التفسير المستقبلي له.
وقد قال السيوطي في الحاوي: «لم يقع الى الآن وجود اثني عشر اجتمعت الاُمة على كلّ منهم» [27] .
ولو كان التفسير المستقبلي في نفسه صحيحاً ومقبولاً لآمن به صحابة النبي(صلى الله عليه وآله) قبل غيرهم، ولظهر آثار ذلك على لسان الخلفاء أنفسهم، ولقال أولهم: أنا أول الخلفاء الاثني عشر، ولقال الثاني والثالث الى الثاني عشر مثل ذلك، ولكان مثل هذا الادّعاء افتخاراً وشاهداً يساعد على إثبات شرعية كل منهم، بينما لم يسجّل التاريخ ادعاءً لأي من الأسماء المذكورة في سلسلة الخلفاء الاثني عشر الافتراضية بمثل ذلك.
ثم إن الحديث يدل على أن فترة إمامة الأئمة الاثني عشر تستوعب التاريخ الإسلامي الى نهايته بحيث تموج الأرض بأهلها من بعدهم. فقد روى أهل السنّة عن النبي(صلى الله عليه وآله) أ نّه قال: «لا يزال هذا الدين قائماً الى اثني عشر من قريش، فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها» [28] . ولم تمج الأرض بعد موت عمر بن عبدالعزيز بأهلها، بل كان انتشار علوم الدين كالفقه والحديث والتفسير في القرنين الثالث والرابع الهجريين، حتى بلغت علوم الدين قمتها في الاتساع والشمول بعد موت هؤلاء الخلفاء الاثني عشر عند أهل السنّة، والمفروض أن تموج الأرض بأهلها!
ورووا أيضاً، عن جابر بن سمرة: «لا تزال هذه الاُمة مستقيماً أمرها، ظاهرة على عدوّها، حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش، ثم يكون المرج» [29] .
وإذا كان المراد بالمرج هو القلق، والاضطراب، والالتباس، فيقتضي أن لا يكون شيء منه الى عهد عمر بن عبدالعزيز، ولكن التاريخ لا يعرف فتنة عظم بها القلق، واشتد بها الاضطراب، وكثر فيها التباس الحق بالباطل من فتنة معاوية وخروجه على خليفة المسلمين، وهذا يدل على أن المراد بالمرج هو أعظم من القلق والاضطراب والالتباس، ولعل المراد ترك الدين بالكلّية، وهذا ما لم يحصل إلاّ عند اقتراب الساعة، التي يسبقها ظهور الإمام المهدي(عليه السلام)، وما يعقب انتقاله الى الرفيق الأعلى من أحداث.
ثم ما معنى ادخال الملوك في عداد الخلفاء، فقد روى أهل السُنّة، عن سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة، ومن رجال الشورى الذين عينهم عمر ، أنه دخل على معاوية وقد تخلف عن بيعته، فقال: «السلام عليك أيها الملك، فقال له: فهلا غير ذلك؟ أنتم المؤمنون وأنا أميركم. قال: نعم، إن كنّا أ مّرناك، وفي لفظ: نحن المؤمنون ولم نؤمّرك» وقد أنكرت عائشة على معاوية دعواه الخلافة، كما أنكرها ابن عباس، والإمام الحسن(عليه السلام) حتى بعد الصلح [30] ، فهو من البغاة بالاتفاق; لحديث: «يا عمار تقتلك الفئة الباغية». ولست أدري كيف يصحُّ أن يكون الباغي على الخليفة الشرعي خليفة لرسول الله(صلى الله عليه وآله) على المؤمنين!!
وما معنى ادخال يزيد الفاجر، المعلن فجوره وانتهاكه لحرمات الله تعالى ـ وهذا من أعجب العجب حقاً ! إذ كيف يصحُّ للمسلم أن يجعل من يسفك دماء أهل بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ويغزو جنده المدينة المنورة ويقتلوا عشرة آلاف من أهلها حتى أنه لم يبق بدرياً بعد موقعة الحرّة، ـ خليفة لرسول الله(صلى الله عليه وآله)، وكذلك الحال مع ملوك الشجرة الملعونة بنصّ القرآن الكريم، ولقد رآهم النبيّ في منامه ـ ورؤيا الأنبياء صادقة كفلق الصبح ـ بأنّهم ينزون على منبره نزو القرود، باتفاق معظم المفسرين من أهل السنّة، وذلك عند تفسيرهم الآية الستين من سورة الإسراء، بما لا حاجة الى تتبع كلماتهم.
وهكذا يظهر بوضوح ثلاث نتائج حاسمة هي:
1 ـ فشل التفسير الاخباري المستقبلي لحديث الخلافة الاثني عشرية.
2 ـ دور العامل السياسي في إلجاء مدرسة الخلفاء إلى ذلك التفسير.
3 ـ انحصار الحقيقة الشرعية بالتفسير العقائدي الإنشائي القائل بدلالة الحديث المذكور على نصب اثني عشر إماماً للمسلمين، وهو التفسير الذي قامت عليه أدلة عقلية وقرآنية ونبوية كثيرة جداً نجدها مبسوطة في التراث الإمامي القديم والحديث، في مجالات التفسير والحديث وعلم الكلام والتاريخ.
ويبدو أن التاريخ قد أبى إلاّ أن يبقى الأئمة الاثنا عشر من أهل البيت(عليهم السلام)مصداقاً وحيداً للحديث المذكور لاينازعون في ذلك حتى على مستوى الادّعاء، أولهم أمير المؤمنين(عليه السلام)وآخرهم الإمام المهدي بن الحسن العسكري(عليه السلام) وفي ذلك ما لا يحصى كثرة من الأحاديث الشريفة الدالة عليه، ونشير هنا الى أحدها، وهو ما أخرجه الجويني الشافعي في فرائد السمطين، عن ابن عباس، عن النبي(صلى الله عليه وآله)أ نّه قال: «أنا سيد النبيين، وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين، وإنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر أولهم عليّ بن أبي طالب، وآخرهم المهديّ» [31] .
ومن هنا احتمل بعض المحققين [32] أن ما ذكرته كتب الحديث من أن جابر بن سمرة حينما خفي عليه بعض كلام النبي(صلى الله عليه وآله) فسأل أباه عما خفي عليه من كلامه(صلى الله عليه وآله) أجابه أبوه بأنه(صلى الله عليه وآله)قال: «كلهم من قريش»، احتمل أن جواب الأب فيه تحريف، ذلك أن الروايات علّلت خفاء الجواب بـ «ثم لغط القوم وتكلموا» و «ضجّ الناس» «فقال كلمة أصمّنيها الناس» «فصرخ الناس فلم أسمع ما قال» «فكبّر الناس وضجّوا» «فجعل الناس يقومون ويقعدون». فكل هذه التعليلات لا تتناسب مع العبارة التي لم يسمعها الراوي، لأن جعل الخلافة في قريش أمر يسرّهم ولا يوجب اللغط والضجيج، والمتناسب مع هذه الحالات الموصوفة في الروايات أن تكون الإمامة في جماعة خاصة دون قريش، وهذا ما ذكره القندوزي في ينابيع المودّة حيث ذكر أن العبارة التي قالها النبي(صلى الله عليه وآله) هي: «كلهم من بني هاشم» [33] .
وحينما يتّضح فشل التفسير الاخباري المستقبلي لحديث الإمامة الاثني عشرية من جهة وحقانية التفسير العقائدي له من جهة ثانية، وثبوت اسم الإمام المهدي(عليه السلام) في سلسلة أئمة أهل البيت(عليهم السلام) وكونه هو الإمام الثاني عشر الذي يصلح الله به الأرض بعدما تمتلئ بالفساد من جهة ثالثة، لا يبقى بعد ذلك مجال للشك في ثبوت المفهوم العقائدي للمهدوية الذي تصرّ عليه مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) .
ذلك أن الترابط الصميمي بين مسألة الإمامة الاثني عشرية والمسألة المهدوية، من شأنه أن ينقل الى المسألة المهدوية النتائج الثلاثة الحاسمة التي ظهرت على بساط البحث. فإن فشل التفسير المستقبلي للإمامة الاثني عشرية يعني بالنتيجة فشل هذا التفسير بالنسبة الى المهدوية أيضاً، كما أن ثبوت المنشأ السياسي لهذا التفسير على صعيد الإمامة الاثني عشرية يعني بالنتيجة ثبوته بحق المهدوية أيضاً، حيث إن مدرسة الخلفاء كما جعلت حديث الخلافة الاثني عشرية اخبارياً مستقبلياً كتفريع منها على القول بصحة نظرية السقيفة والخلافة وشرعيتها، كذلك رأت ضرورة الجنوح بالمسألة المهدوية صوب الرؤية المستقبلية ، فراراً من القول بإمامة أهل البيت(عليهم السلام) وعدم شرعية نظام الخلافة، كما أن ثبوت حقّانية التفسير العقائدي لحديث الإمامة الاثني عشرية يعني بالنتيجة ثبوت حقّانية المفهوم العقائدي للمسألة المهدوية.

خصائص مفهوم المهدوية عند أهل البيت (عليهم السلام)

وبعدما تم الاثبات العقائدي لمفهوم المهدوية عند أهل البيت(عليهم السلام)ندخل في مرحلة جديدة من البحث، وهي مرحلة البحث في الخصائص المترتبة على هذا المفهوم، واثبات أنها خصائص واقعية لها تحقق تأريخي وشرعي، وأن الاعتقاد بها لا يلزم منه خدشة عقائدية ولا مفارقة تأريخية، وهي:

تحقق ولادة الإمام المهدي في أجواء سرّية مقصودة لا بد منها

ومع ثبوت المفهوم المهدوي عند أهل البيت(عليهم السلام) يصبح واضحاً أن من أبرز مقتضيات هذا المفهوم أن تكون ولادة الإمام الثاني عشر مقرونة بالسرّية والكتمان حتى تتسنى له الغيبة بعد ذلك، والاختفاء عن الأنظار الى مكان آمن يختاره الله له الى حين يأذن له بالظهور، باعتباره الكوكب الأخير في سماء الإمامة، والإمام الذي لا إمام للمسلمين بعده، وهذا المعنى يستلزم حياة خفية وعمراً مديداً وولادة سرّية، حتى يبقى موقع الإمامة مشغولاً على مدى الدهر بإمام من الأئمة الاثني عشر(عليهم السلام) حي أوغائب.
وحينئذ، فمن غير المناسب أن يقال: لماذا لم تكن ولادة الإمام، ووجوده بعد أبيه أمراً مشهوداً، ملموساً لكل من أراد حتى نصدق به؟ فإنه لو كان كذلك لما تيسرت له الغيبة والاختفاء عن الأنظار، ولما كان هو الإمام الثاني عشر، ولكان الأئمة أكثر من هذا العدد، وهذا ما يخالف الأدلّة النبوية المذكورة آنفاً، فالولادة السرّية من المستلزمات والمقتضيات الطبيعية لتلك الأدلة .
وهذا ما يوضح أن الاثبات الخارجي لقضية، من نوع قضية ولادة الإمام المهدي ووجوده وحياته، لا يمكن الاكتفاء فيه بالبحث التاريخي، ما دمنا نؤمن منذ البداية أنها مقرونة بدرجة شديدة من السرّية والكتمان، بل هو إثبات عقائدي تاريخي تقوم فيه العقيدة بلعب دور أساسي، فيما يلعب البحث التاريخي فيها دوراً تكميلياً، لأننا نذعن منذ البدء بوجود المنكرين لها والمشككين فيها، مادامت القضية سرية مكتومة، والمطّلعون عليها عدد محدود من الناس، بنحو يسمح للآخرين حتّى وإن كانوا من الحلقات القريبة من الإمام، ومن خلصاء الشيعة بالانكار والتشكيك ماداموا محجوبين عن الحقيقة السرية المكتومة ، بحيث لو سألهم سائل عن ولادة الإمام المهدي ووجوده وحياته، لأنكروا ذلك، ولنقلوا عن سائر الناس أنهم أيضاً لم يروه ولم يسمعوا بخبر ولادته ووجوده. فنحن لا نتحدث عن قضية مادية محسوسة بكل أبعادها وجهاتها وتخضع لتسجيل تاريخي كامل حتى نعتمد في إثباتها وإنكارها على المؤرخين والرواة، وإنما نتحدث من حيث الأساس عن قضية غيبية ، سوى أنها ليست غيبية بنحو مطلق وإنما لها شعاع محسوس يطلع عليه أفراد منتخبون، يطلعون على ولادته فيشهدون عليها، وعلى غيبته الصغرى فيشهدون عليها، وعلى غيبته الكبرى فيشهدون عليها، ولهذا قلنا إن مفهوم أهل البيت(عليهم السلام)عن المهدوية مفهوم عقائدي.
بمعنى أن إنكار المنكرين لا يكون في مثل قضية الإمام المهدي(عليه السلام) حجة تاريخية منطقية لإثبات عدم وجوده، ما دمنا قد أذعنا منذ البداية أن القضية سرية مكتومة، ومن الضروري الاكتفاء من ناحية البحث التأريخي باثبات وجود من رآه واطلع عليه وسمع بوجوده وأذعن له، دون الالتفات الى إنكار المنكرين الذي يعتبر ظاهرة طبيعية بالنسبة الى قضية سرية مكتومة.
وهنا سنطوي بحثين: بحث في الشواهد الدالة على ولادة الإمام واستمرار وجوده، وبحث آخر نناقش فيه أدلة المنكرين له(عليه السلام) .

الشواهد التاريخية الدالة على وجود الإمام المهدي(عليه السلام)

وهذه ناحية واسعة تظافرت عليها أرقام تاريخية كثيرة جداً نصنفها في عدّة نقاط:
1 ـ شهادة الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) بولادة ابنه الإمام المهدي(عليه السلام)
وفي ذلك أحاديث كثيرة نقلها أثبات الشيعة ورواتهم، ننقل منها:
الحديث المروي عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن اسحاق،عن أبي هاشم الجعفري، قال: «قلت لأبي محمد (عليه السلام): جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سَلْ. قلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم» [34] .
وفي هذا الحديث الكفاية سنداً ودلالة، فهذه كتب الرجال تشهد بجلالة محمد بن يحيى أبي جعفر العطار القمّي الذي لا زال قبره الى الآن معروفاً ومشهوراً يزار، وتشهد لعلو مكانة أحمد بن اسحاق بن عبدالله بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري أبي علي القمّي، عند الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)، وتشهد أيضاً لمنزلة داود بن القاسم بن اسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب أبي هاشم الجعفري.. ثمّ انظر قلّة الوسائط في إسناد هذا الحديث، الذي يُعبر عن أمثاله بقرب الإسناد الذي يعتبر من الشواهد المؤيدة للحديث.

2 ـ شهادة القابلة
وهي اُخت إمام، وعمة إمام، وبنت إمام، العلوية الطاهرة حكيمة بنت محمد الجواد، واُخت الإمام الهادي، وعمة الإمام العسكري، حيث صرّحت بمشاهدة ولادة الإمام الحجة (عليه السلام)ليلة مولده [35] ، وهي التي تولّت أمر نرجس والدة الإمام الحجة(عليه السلام)، وبإذن من أبيه الحسن العسكري(عليهما السلام) [36] .

3 ـ عشرات الشهادات برؤية الإمام(عليه السلام)
وهنا قائمة طويلة من الأسماء، ممن رأى الإمام المهدي واتّصل به وشهد برؤيته إياه، سجلتها المصادر التاريخية، وجمعها بعض المصنفين في مصنفات خاصة، مثل: (كتاب تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي) للسيد هاشم البحراني ذكر فيه (79) شخصاً شهد برؤية الإمام(عليه السلام) في طفولته أو في غيبته الصغرى، وذكر أسماء المصادر التي اعتمد عليها في ذلك، وأحصى الشيخ أبو طالب التجليل التبريزي زهاء (304) أشخاص ممن رأى الإمام(عليه السلام) ، وشهد به [37] . وأحصى الشيخ الصدوق ـ المتوفى سنة ( 381 هـ ) وعهده بغيبة الإمام المهدي(عليه السلام) قريب جداً ـ (64) شخصاً شهد برؤية الإمام(عليه السلام) وكان كثير منهم وكلاء له [38] ، وهم من مدن شتى.
فمن وكلاءه: من أهل أذربيجان: القاسم بن العلاء. ومن الأهواز: محمد بن إبراهيم بن مهزيار. ومن بغداد: حاجز البلالي، وعثمان ابن سعيد العمري، ومحمد بن عثمان بن سعيد العمري، والعطار. ومن الكوفة: العاصمي. ومن قم: أحمد بن إسحاق. ومن نيسابور: محمد بن شاذان. ومن همدان: البسامي، ومحمد بن أبي عبدالله الكوفي الأسدي، ومحمد بن صالح.
أمّا من رآه(عليه السلام) من غير الوكلاء، منهم: من أهل اصفهان: ابن باشاذاله. ومن الأهواز: الحصيني. ومن بغداد: أحمد بن الحسن، وإسحاق الكاتب من بني نوبخت، وأبو عبدالله الخيبري، وأبو عبدالله بن فروخ، وأبو عبدالله الكندي، وأبو القاسم بن أبي حليس، وأبو القاسم بن دبيس، ومسرور الطباخ مولى أبي الحسن(عليه السلام)، والنيلي، وهارون الفزاري. ومن الدينَوَر: أحمد ابن أخي الحسن بن هارون، وعمه الحسن بن هارون. ومن الري: أبو جعفر الرفّاء، وعليّ بن محمد، والقاسم بن موسى، وابن القاسم بن موسى، وأبو محمد بن هارون، ومحمد بن محمد الكليني. ومن قزوين: عليّ بن أحمد، ومرداس. ومن قم: الحسن بن النضر، والحسين بن يعقوب، وعليّ بن محمد بن إسحاق، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن محمد. ومن مصر: أبو رجاء. ومن نصيبين: أبو محمد بن الوجناء النصيبي. ومن همدان: جعفر بن حمدان، ومحمد بن كشمرد، ومحمد بن هارون. ومن اليمن: ابن الأعجمي، والجعفري، والحسن بن الفضل ابن يزيد، وأبوه الفضل بن يزيد، والشمشاطي. كما ذكر أيضاً من رآه من أهل شهرزور، والصيمرة، وفارس، وقابس ومرو.
فهل يعقل اتفاق هؤلاء جميعاً وتواطؤهم على الكذب؟ وفيهم اثبات ثقات صرحت كتب الرجال بتوثيقهم؟

4 ـ تعامل السلطة العباسية مع الحدث
لقد تعاملت السلطة العباسية بعد وفاة الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) مع عائلته تعاملاً يدل على خيفتها من مولود خطير خفي عنها، فراحت تبحث عنه بكل ما اُوتيت من وسيلة وقدرة، حيث أمر المعتمد العباسي المتوفى سنة (279 هـ ) شرطته بتفتيش دار الإمام الحسن العسكري تفتيشاً دقيقاً والبحث عن الإمام المهدي(عليه السلام)، وأمر بحبس جواري أبي محمد(عليه السلام)، واعتقال حلائله يساعدهم على ذلك جعفر الكذّاب، وأجرى على مخلّفي أبي محمد(عليه السلام)بسبب ذلك كلّ عظيمة، من اعتقال، وحبس وتهديد، وتصغير، واستخفاف وذلٍّ [39] .
كلّ هذا والإمام المهدي(عليه السلام) في الخامسة من عمره، ولا يهم المعتمد العمر بعد أن عرف أ نّ هذا الصبي هو الإمام الذي سيهد عرش الطاغوت لما شاع وانتشر من الخبر، بأنّ ثاني عشر أهل البيت(عليهم السلام) سيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، فكان موقفه من المهديّ، كموقف فرعون من موسى(عليه السلام) الذي ألقته اُمّه ـ خوفاً عليه ـ في اليمّ صبياً.
ولم يكن المعتمد العباسي وحده قد عرف هذه الحقيقة، وإنّما عرفها من كان قبله كالمعتز، والمهتدي، ولهذا كان الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) حريصاً على أن لا ينتشر خبر ولادة الإمام المهدي إلاّ بين أفراد منتخبين من شيعته ومواليه.
لقد كان تصرّف السلطة كاشفاً عن أ نّها وسائر الناس قد أدركوا تماماً أنّ حديث جابر بن سمرة لا ينطبق عليهم ولا على من سبقهم من الاُمويين، وإنّما مصداقه الوحيد هم أهل بيت النبوّة، ومهبط الوحي والتنزيل.
وإلاّ فأيّ خطر يهدد كيانهم في طفل لم يتجاوز عمره خمس سنين، لو لم يعتقدوا أ نّه هو المهدي المنتظر الذي تحدثت عنه الأحاديث المتواترة؟! يقول أحد الباحثين: ولو لم يكن مولوداً حقاً فما معنى حبس الجواري وبث القابلات لتفتيش من بهنّ حمل، ومراقبتهنّ مدة لا تصدّق، إذ بقيت إحداهنّ تحت المراقبة لمدة سنتين! كلّ هذا مع مطاردة أصحاب الإمام العسكري(عليه السلام)والتشنيع عليهم، مع بث العيون للتجسّس عن خبر المهدي(عليه السلام)، وكبس داره بين حين وآخر؟
ثم ما بال السلطة لم تقتنع بما زعمه جعفر من أنّ أخاه(عليه السلام)مات ولم يخلّف؟
أما كان بوسعها أن تعطيه حقّه من الميراث وينتهي كلّ شيء من غير هذا التصرُّف الأحمق الذي يدلّ على ذعرها وخوفها من ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف؟!
نعم، قد يقال بأنّ حرص السلطة على إعطاء كل ذي حقٍّ حقه هو الذي دفعها الى التحري عن وجود الولد لكي لا يستقل جعفر بالميراث وحده بمجرد شهادته!
فنقول: ليس من شأن السلطة الحاكمة آنذاك أن تتحرّى عن هذا الأمر بمثل هذا التصرّف المريب، بل كان على الخليفة العباسي أن يحيل دعوى جعفر الكذاب الى أحد القضاة، لا سيّما وأنّ القضية من قضايا الميراث التي يحصل مثلها كلّ يوم مرات، وعندها سيكون بوسع القاضي أن يفتح محضراً تحقيقياً، فيستدعي مثلاً عمة الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)، واُمه، وجواري الإمام ، والمقربين الى الإمام الحسن العسكري من بني هاشم، ثمّ يستمع الى أقوالهم، ويثبت شهاداتهم، ثمّ ينهي كل شيء، ولكن وصول هذه القضية الى أعلى رجل في السلطة، وبهذه السرعة ولمّا يدفن الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)، وخروج القضية عن دائرة القضاء مع أ نّها من اختصاصاته، ومن ثم تصرف السلطة الغاشمة على نحو ما مرّ، كل ذلك يقطع بأنّ السلطة كانت على يقين بأن المهدي الموعود هو الحلقة الأخيرة من حلقات السلسلة المطهّرة التي لا يمكن أن تنقطع بموت الإمام الحادي عشر(عليه السلام)، خصوصاً بعد أن تواتر لدى الجميع قوله(صلى الله عليه وآله): «وإنّهما ـ أي: الكتاب، والعترة ـ لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» ومعنى عدم ولادة المهدي(عليه السلام)، أو عدم استمرار وجوده، انقراض العترة، وهذا ما لا يقوله أحد ممّن تسمى (بإمرة المؤمنين) من العباسيين; لأ نّه تكذيب لنبيّنا الأعظم(صلى الله عليه وآله)، بل لا يقوله أحد من المسلمين إلاّ من هان عليه أمر هذا التكذيب، أو من خدع نفسه بتأويل حديث الثقلين وصرف دلالته الى ما لم يأت به سلطان مبين» [40] .

5 ـ اعترافات علماء السنّة بولادة الإمام المهدي(عليه السلام)
قال السيد ثامر العميدي في هذا الصدد:
«بلغت اعترافات الفقهاء، والمحدثين، والمفسرين، والمؤرخين، والمحققين، والاُدباء، والكتّاب من أهل السنّة أكثر من مائة اعتراف صريح بولادة الإمام المهدي(عليه السلام)، وقد صرح ما يزيد على نصفهم بأنّ الإمام محمد بن الحسن المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، هو الإمام الموعود بظهوره في آخر الزمان.
وقد رتّبت هذه الاعترافات بحسب وفيات أصحابها، فوجدتها متصلة الأزمان، بحيث لا تتعذر معاصرة صاحب التصريح اللاحق، لصاحب التصريح السابق، وذلك ابتداءً من عصر الغيبة الصغرى الى وقتنا الحاضر، وسوف نذكر أقوال بعضهم التي وقفت عليها في مصادرهم ريثما يأتي دورهم، مع الاكتفاء بذكر اسماء الآخرين فقط دون التعرض لأقوالهم; لتعذر تسجيلها في هذا الفصل، حيث بلغت أقوال تسعة وعشرين واحداً منهم في كتاب إلزام الناصب ما يزيد على مائة صحيفة [41] ، فكيف الحال مع تسجيل أقوالهم كلّهم؟ على أنّ ما سنذكره في المتن دون الإشارة الى مصدره في الهامش، هو دليل أخذنا ذلك من كتب الشيعة الإمامية التي سبقت الى هذا المجال مع اعتنائها بتسجيل رقم الجزء، ورقم الصحيفة مع مكان وسنة الطبع; ولعلّ من أوسعها في هذا الباب كتاب «المهديّ المنتظر في نهج البلاغة» للشيخ مهديّ فقيه إيماني، حيث ذكرفيه مائة ورجلين من رجالات أهل السنّة الذين اعترفوا بذلك [42] ، مكتفياً بذكر أسمائهم ومصادرهم بأجزائها وصحائفها دون التعرّض لأقوالهم، وربما اضطرّ الى تعيين واسطته اليهم بدقة، وقد فاته ما يقرب من ثلاثين اسماً، وكان جلّ اعتمادنا عليه، ولم نستدرك عليه شيئاً ; لأنّ ما فاته سبقني اليه غيري [43] ، حتى عاد دوري في هذا الدليل مقتصراً على الجمع والترتيب بحسب القرون» [44] .
ثم ذكر أسماء (128) مصنفاً من مصنفات أهل السنّة ذكر الإمام المهدي في كتاب من كتبه بعنوان: الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت(عليهم السلام) .
منهم من عاصر الميلاد والغيبة الصغرى، ولشهادات هؤلاء قيمتها التاريخية المعروفة، ومن بينهم:
1 ـ أبو بكر الروياني ، محمد بن هارون (المتوفّى سنة 307 هـ ) في كتابه (المسند).
2 ـ أحمدبن إبراهيم بن علي الكندي، من تلامذة ابن جرير الطبري المتوفى سنة (310 هـ ).
3 ـ محمّد بن أحمد بن أبي الثلج ، أبو بكر البغدادي (المتوفّى سنة 322 هـ ) في (مواليد الأئمة) وهو مطبوع ضمن كتاب (الفصول العشرة في الغيبة) للشيخ المفيد، ومع كتاب (نوادر الراوندي) ط النجف الأشرف سنة (1370 هـ ) وممّن هو قريب العهد به من الأعلام الكبار: الخوارزمي (المتوفّى سنة 387 هـ ) في (مفاتيح العلوم: 32 ، 33) طبعة ليدن ـ 1895 م.

وقفة مع المنكرين
اتّضح مما سبق أن المسألة المهدوية مسألة عقائدية قبل أن تكون تاريخية، وأن الدليل عليها عقائدي قبل أن يكون تاريخياً، واتّضح أيضاً عدد من الأدلّة التاريخية الدالة عليه، واتّضح أيضاً أن قضية سرية غيبية، كقضية الإمام المهدي(عليه السلام)تستلزم بطبعها وجود المنكرين لها، فإن الذي يختفي عن أنظار الناس لغرض من الأغراض، يقصد من ذلك أن لا يراه أحد من الناس، بحيث إذا سُئل الناس عنه قالوا: لم نره، حتى لو كانوا من أقرب المقربين إليه، وذكرنا أن انكار مثل هؤلاء في قضية مخفية لا يصح دليلاً على عدم الوجود، وهذه هي المفارقة الأساسية التي وقع فيها منكروا ولادة ووجود الإمام المهدي(عليه السلام)، فانّهم ذهبوا يفتشون في التاريخ عن شواهد من هذا القبيل ، فلما عثروا على شيء منها اعتبروه دليلاً على عدم ولادة ووجود الإمام المهدي(عليه السلام)، مثل اختلاف الشيعة في زمن الولادة وفي اسم الإمام، وشهادة جعفر الكذاب عم الإمام المهدي بأن أخاه مات ولم يعقّب.
ومناقشتنا الأساسية مع هؤلاء أن المنهج التاريخي صالح للتحكيم في مسائل محسوسة تقع بكاملها تحت نظر الرواة والمؤرخين، مثل واقعة صفين، وواقعة كربلاء... الخ، وليس صالحاً للتحكيم في مسائل غيبية عقائدية في جوهرها، ولها شعاع محسوس عند أفراد مُنتخبين بحيث لو سُئل عامة الناس عنها لأنكروها. فكيف تجعلون إنكار عامة الناس دليلاً على انعدام قضية يؤمن أصحابها سلفاً بأنها ليست قابلة للمشاهدة الحسيّة، إلاّ من قبل أفراد منتخبين؟
إن على من يريد مناقشة المسألة المهدوية أن يبدأ معها من بدايتها العقائدية، ولا يبدأ معها من ذيولها التاريخية، لأن القضية السرية المكتومة بنحو مقصود، عن أعين أقرب المقرّبين لا يمتنع عليها ظهور اختلافات فيها، من قبيل اختلاف زمن ولادة الإمام، واختلاف اسم اُم الإمام، ولا يضرها شهادة كشهادة جعفر الكذاب، لأن الجواب الطبيعي في مثل هذه الحالة أن يقال: إن الاختلاف في سنة الولادة، واسم اُم الإمام، كان ظاهرة طبيعية ناشئة من إصرار الإمام الحسن العسكري على اخفاء تفاصيل القضية إخفاءً تاماً عن أعين أقرب المقربين ، تحرزاً من وصول النبأ الى السلطة العباسية، كما أن شهادة جعفر الكذاب بأن أخاه مات ولم يعقّب كانت من هذا القبيل، حيث أراد الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) أن يخفي مولوده على أخيه ويظهر الأمر أمامه كما لو لم يكن للإمام(عليه السلام) نسل من بعده وكان هذا السلوك من قبل الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) تجاه أخيه منطقياً حتى لو لم يكن أخوه كذّاباً مشهوداً عليه بالفسق، كيف وجعفر الكذّاب مشهود عليه بذلك [45] .

-----------------------

[1] راجع معجم أحاديث الإمام المهدي: ج1 أحاديث النبي(صلى الله عليه وآله) .
[2] مسند الإمام أحمد: 1/84 ح 646 وابن أبي شيبة: 8/678، كتاب 40 باب 2 ح 190، وابن ماجة ونعيم بن حماد في الفتن عن علي(عليه السلام) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «المهدي منّا أهل البيت يُصلحه الله في ليلة».
راجع: سنن ابن ماجة: 2 / 1367 ح 4085، والحاوي للفتاوي، السيوطي: 2/ 213 و215 وفيه، أيضاً: أخرج أحمد وابن أبي شيبة وأبو داود، عن علي، عن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: «لو لم يبق من الدهر إلاّ يومٌ لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً»، وراجع: صحيح سنن المصطفى: 2/ 207.
وراجع: معجم أحاديث المهدي: 1/ 147 وما بعدها ، إذ ينقل أحاديث كثيرة عن الصحاح والمسانيد في هذا المعنى. وراجع موسوعة الإمام المهدي / ترتيب مهدي فقيه إيماني، الجزء الأول،وفيها نُقول مصوّرة عن عشرات الكتب لعلماء السنّة ومحدّثيهم في المهدي وصفاته وما يتعلق به، وفيها نسخة مصورة عن محاضرة الشيخ العباد حول ما جاء من الأحاديث والآثار في المهدي(عليه السلام) .
[3] الحاوي للفتاوي، السيوطي جلال الدين: 2/ 214، قال: وأخرج أبو داود وابن ماجة والطبراني والحاكم عن اُمّ سلمة قالت: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة». وراجع صحيح سنن المصطفى لأبي داود: 2/ 208، وسنن ابن ماجة: 2/1368 ، ح 4086 .
[4] حديث المهدي من ذرية الحسين(عليه السلام) كما في المصادر الآتية على ما نقل في معجم أحاديث المهدي وهي: الأربعون حديثاً لأبي نعيم الأصفهاني كما في عقد الدرر للمقدسي الشافعي، وأخرجه الطبراني في الأوسط على ما في المنار المنيف لابن القيم، وفي السيرة الحلبية: 1/ 193، وفي القول المختصر لابن حجر الهيثمي. راجع منتخب الأثر للشيخ لطف الله الصافي في ما نقله من كتب الشيعة. وراجع دلائل ضعف الرواية التي تقول بأ نّه من ولد الإمام الحسن(عليه السلام) كتاب السيد العميدي دفاع عن الكافي: 1 / 296 .
[5] راجع الرواية التي تنص على أ نّه التاسع من ولد الحسين(عليه السلام) في: ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي: 492، وفي مقتل الإمام الحسين للخوارزمي: 1/ 196، وفي فرائد السمطين للجويني الشافعي: 2/ 310 ـ 315 الأحاديث من 561 ـ 569، وراجع منتخب الأثر للعلاّمة الشيخ الصافي إذ خرّجها من طرق الفريقين .
[6] حديث «الخلفاء بعدي اثنا عشر كلهم من قريش» أو «لا يزال هذا الدين قائماً ما وليه اثنا عشر كلهم من قريش».
هذا الحديث متواتر، روته الصحاح والمسانيد بطرق متعددة وإن اختلف في متنه قليلاً، نعم، اختلفوا في تأويله واضطربوا. راجع: صحيح البخاري: 9/ 101 كتاب الأحكام ـ باب الاستخلاف، صحيح مسلم: 6/ 4 كتاب الإمارة باب الاستخلاف، مسند أحمد: 5/ 90، 93، 97.
[7] راجع الغيبة الكبرى للسيد محمد الصدر: 272 وما بعدها.
[8] راجع التاج الجامع للاُصول: 3/ 40 قال: رواه الشيخان والترمذي، وراجع في تحقيق الحديث وطرقه وأسانيده كتاب الإمام المهدي(عليه السلام) ـ علي محمد علي دخيل.
[9] صحيح البخاري / المجلد الثالث: 9/ 101، كتاب الأحكام ـ باب الاستخلاف، طبعة دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
[10 و 11 و 12] راجع: التاج الجامع للاُصول: 3/40، قال تعقيباً على الحديث: رواه الشيخان والترمذي، وفي الهامش قال: رواه أبو داود في كتاب المهدي بلفظ: «لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة...»، وراجع سنن أبي داود: 2/ 207.
[13] مسند الإمام أحمد: 6 / 99، ح 20359 .
[14] المستدرك على الصحيحين: 3/ 618.
[15] إشارة الى قوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى).. النجم: 3 ـ 4.
[16] تقدم تخريج الحديث.
[17] اضطرب العلماء في تأويله بعد اطباقهم على صحته، وما أوردوه من مصاديق لا يمكن قبولها، بل إن بعضها غير معقول تماماً كإدخالهم يزيد بن معاوية المجاهر بالفسق، المحكوم بالمروق والكفر أو من هو على شاكلته.
[18] بحث حول المهدي للسيد الشهيدالصدر(قدس سره): 105 ـ 107 بتحقيق الدكتور عبدالجبار شرارة.
[19] صحيح مسلم: 6 /3 كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش.
[20] راجع صحيح البخاري 4: 164 ـ كتاب الأحكام، باب الاستخلاف، مسند أحمد: 6/94، الأحاديث 325، 20366، 20367، 20416، 20443، 20503، 20534 ، سنن أبي داود 4: 106 / 4279 ـ 4280، المعجم الكبير، الطبراني: 2/ 238 / 1996، سنن الترمذي: 4/ 501، مستدرك الحاكم: 3/ 618، حلية الأولياء، أبو نعيم: 4/ 333، فتح الباري: 13/ 211، صحيح مسلم بشرح النووي: 12/ 201، البداية والنهاية، ابن كثير: 1/ 153، تفسير ابن كثير: 2/ 24 ـ في تفسير الآية 12 من سورة المائدة، كتاب السلوك في دول الملوك، المقريزي: 1/ 13 ـ 15 من القسم الأول، شرح الحافظ ابن قيم الجوزية على سنن أبي داود: 11/ 363 ، شرح الحديث 4259، شرح العقيدة الطحاوية: 2/ 736، الحاوي للفتاوى، السيوطي: 2/ 85، عون المعبود شرح سنن أبي داود، العظيم آبادي: 11/ 362، شرح الحديث 4259، مشكاة المصابيح، التبريزي: 3/ 327 ، 5983، السلسلة الصحيحة، الألباني حديث رقم: 376، كنز العمال: 12/ 32 ، 33848 و 12/ 33 / 33858 و 12/ 34/33861. كما أخرج هذا الحديث محدّثو الشيعة أيضاً نذكر منهم الصدوق في كمال الدين 1: 272. والخصال 2: 469 و 475، وقد تابع طرق الحديث ورواته من الصحابة في إحقاق الحق: 13/ 1 ـ 50.
[21] تفسير القرآن الكريم، ابن كثير: 2 / 34 ـ في تفسير الآية 12 من سورة المائدة.
[22] شرح العقيدة الطحاوية، القاضي الدمشقي: 2/ 736.
[23] عون المعبود في شرح سنن أبي داود: 11/ 246 شرح الحديث 427، كتاب المهدي ط دار الكتب العلمية.
[24] عون المعبود في شرح سنن أبي داود: 11/ 245 .
[25] عون المعبود في شرح سنن أبي داود: 11/ 244 .
[26] السلوك لمعرفة دول الملوك: 1 / 13 ـ 15 القسم الأول.
[27] الحاوي للفتاوي: 2/85.
[28] كنز العمال: 12/ 34 ح33861، أخرجه ابن النجار، عن أنس .
[29] كنز العمال : 12 / 32، حديث 33848.
[30] راجع الغدير للعلاّمة الأميني: 1/ 26 ـ 27، فقد ذكر ذلك مخرجاً عن كتب أهل السنّة.
[31] فرائد السمطين: 2/ 313، ح 564.
[32] الغدير والمعارضون، السيد جعفر مرتضى العاملي: 70 ـ 72 .
[33] ينابيع المودّة: 3 / 104 باب 77 .
[34] اُصول الكافي: 1/ 328 ، كتاب الحجّة باب الإشارة والنص الى صاحب الدار .
[35] اُصول الكافي: 1/ 330 ، كتاب الحجة، باب تسمية من رآه(عليه السلام) .
[36] كمال الدين: 2/ 424 ، باب 42 .
[37] من هو المهدي، أبو طالب تجليل التبريزي: 460 ـ 506 .
[38] كمال الدين: 2 / 442 باب 43، وبحار الأنوار: 52 / 30 باب 26.
[39] الإرشاد، الشيخ المفيد: 2/ 336.
[40] دفاع عن الكليني: 1 / 567 ـ 568 لحسن هاشم ثامر العميدي.
[41] إلزام الناصب في إثبات الحجّة الغائب (عُجِّلَ فرجه) الشيخ علي اليزدي الحائري: 1/ 321 ـ 440.
[42] المهديّ المنتظر في نهج البلاغة / الشيخ مهدي فقيه إيماني: 16 ـ 30.
[43] الإمام الثاني عشر، السيد محمد سعيد الموسوي: 27 ـ 70 وقد استدرك عليه محقق الكتاب ثلاثين رجلاً من أهل السنّة كما في هامش المصدر: 72 ـ 89 ، المهديّ الموعود المنتظر عند أهل السنّة والإمامية، الشيخ نجم الدين العسكري: 1/ 220 ـ 226 .
[44] دفاع عن الكافي: 1/ 568 .
[45] انظر اُصول الكافي: 1 / 421 ، كتاب الحجّة، باب مولد أبي محمد الحسن بن ؤعلي(عليه السلام)، كمال الدين: 1/40 ، مقدمة المصنف،، الإرشاد: 2/321، إعلام الورى بأعلام الهدى، الفضل بن الحسن الطبري: 357، انظر كذلك كمال الدين: 2 / 475 ، باب 43 من شاهد القائم (عليه السلام) .