إطلالة على حياة الإمام جعفر الصادق(ع)
  • عنوان المقال: إطلالة على حياة الإمام جعفر الصادق(ع)
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 21:20:8 10-10-1403

إطلالة على حياة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)

أسماؤه وألقابه :

الاسم : اسمه ( جعفر ) ، وقد نسب إليه الشيعة الاثني عشرية ، فيقال لهم أيضاً : ( الجعفرية ) .

النسب : هو بن الإمام محمد الباقر ، بن الإمام علي السجّاد ، بن الإمام الحسين السبط الشهيد (عليهم السلام) . أُمّه فاطمة المكنّاة بأُمّ فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر. والقاسم أبوها هو من ثقاة الإمام زين العابدين واحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، وجدها محمّد بن أبي بكر كان بمثابة ولد من أولاد ال إمام أمير المؤمنين (عليه السلام) .

الكنى ، منها : أبو عبد الله ، وهي الكنية الأشهر ، وأبو إسماعيل ، وأبو موسى .

اللقب : منه : الصادق ، والفاضل ، والطاهر ، والقائم ، والصابر ، والكافل ، والمنجي.

مولده :

كانت الأمّة الإسلامية تحتفل بالذكرى الثمانين من مولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ، في السابع عشر من شهر ربيع الأوّل ، وكانت تسير في بيت الرسالة موجة كريمة من السرور والابتهاج ، ترتقب مجداً يهبط في تلك الليلة ، وفي ذلك الجو الميمون ولد الإمام الصادق (عليه السلام) شعلة نور بازغة سخت بها إرادة السماء لتضيء لأهل الأرض ، وتنير سبلها إلى الخير والسلام.

نشأته :

حيث كانت حياة الإمام ما بين عام 83 و148 هـ فقد قارنت شطراً من حياة الإمام السجاد وأيام إمامته، حيث كانت إمامته ما بين عام 61 و95 هـ ، فقد عاش معه أثنى عشر سنة. ثم عايش إمامة أبيه الباقر (عليه السلام) التي شرعت عام 95 هـ وامتدت إلى عام 114هـ.

أما بالنسبة لحياة زين العابدين فقد كانت تزخر بعبادته ومن هنا لقب بزين العابدين، وقد كان الصادق (عليه السلام) يعايش هذه الحقيقة ويشاهدها من جده عن قرب ، وقد أثرت فيه واقتدى بها ، فهذا مالك بن أنس يقول: اختلفت إلى الصادق زماناً ، فما كنت أراه إلاّ على إحدى خصال ثلاث : إمّا مصلٍّ ، وإمّا صائم ، وإمّا يقرأ القرآن . ويقول أبو الفتح الأربلي وقف الصادق نفسه على العبادة وحبسها على الطاعة والزهادة ، واشتغل بأوراده وتهجّده وصلاته وتعبّده.

وأمّا بالنسبة لأبيه فقد كان الصادق كثير الملازمة له ويظهر هذا المعنى حيث يقول عن نفسه : كان أبي كثير الذكر ، لقد كنت أمشي معه وأنّه ليذكر الله وآكل معه الطعام وأنّه ليذكر الله .. إلخ .

كما تظهر ملازمته للإمام الباقر (عليه السلام) جليّاً حين اصطحبه معه إلى الشام حيث أشخصه هشام بن عبد الملك الحاكم الأموي.

وقد تميّزت إمامة الباقر (عليه السلام) بتصدّيه لنشر العلم ، ولذا يقول الشيخ المفيد : ولم يظهر عن أحدٍ من ولد الحسن والحسين (عليهما السلام) من علم الدين والآثار والسنّة وعلم القرآن والسيرة وفنون الأدب ، ما ظهر عن أبي جعفر. وكان الصادق (عليه السلام) في هذه الأجواء المشحونة بالنتاج العلمي وقد انعكست في شخصيته ، فقام بدور أبيه بعد وفاته على أفضل نحو ، فقد قال أحمد بن حجر الهيثمي : جعفر الصادق نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وأنتشر صيته في جميع البلدان .

ظروف عصره :

في تاريخ الأمة الإسلامية عبر القرون الستة الأولى نلاحظ ثلاثة عناصر أساسية هي:

قدرة الإسلام على التجديد والإبداع والعطاء في كافّة المجالات.

انحراف الحكام وحدوث هوة سحيقة بين المبادئ الإسلامية وبين السلطة الحاكمة.

حيوية الأمة الإسلامية وقدرتها على التحرّك ضد الحكّام المنحرفين عن الإسلام.

ولقد عايش الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) هذه الحقائق الثلاث كأشدّ ما يمكن أن تكون ظهورا وتجسيداً , ولمدة أربعين سنة وشاهد الظلم والإرهاب للحكام الأمويين ضد أبناء الأمة بصورة عامة والعلويين بصورة خاصة .

فقد ولد الإمام الصادق (عليه السلام) في عهد عبد الملك بن مروان بن الحكم ثم عايش الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك , وعمر بن عبد العزيز والوليد بن يزيد ويزيد بن الوليد وإبراهيم بن الوليد ومروان الحمار حتى سقوط الحكم الأموي (سنة 132هـ) ثمّ آلت الخلافة إلى بني العبّاس فعاصر من خلفائهم أبا العبّاس السفّاح وشطراً من خلافة أبي جعفر المنصور تقدّر بعشر سنوات تقريباً , إلاّ أنّ الإمام (عليه السلام) لم يكن يملك القدرة على التحرّك خلال هذه الفترة لأسباب عديدة أهمها:

أنّه كان محطّ أنظار المسلمين لذا فقد كان تحت الرقابة الأموية والعبّاسية , ممّا هدّد حركته وحال بينه وبين الإعداد لعمل سياسي ضدّ الحكّام المتعاقبين في عصره.

التجربة التاريخية المرّة لقيادة آل البيت (عليه السلام) مع جمهور الأمة , وتيارات الثورات ضد الحكام الأمويين بقيادة الإمام علي (عليه السلام), وولده الإمام الحسن ومن بعدهما ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) السبط (عليه السلام) وزيد بن علي بن الإمام الحسين (عليه السلام) . نظراً لتخلف الناس عن الرقي إلى المقام السامي, والأسلوب الرفيع الذي كان يمارسه أهل البيت عليهم السلام.

ولهذه الأسباب ولغيرها , كان الإمام الصادق (عليه السلام) منصرفاً عن الصراع السياسي المكشوف إلى بناء المقاومة بناءً علميا وفكرياً وسلوكياً يحمل روح الثورة , ويتضمّن بذورها لتنمو بعيدة عن الأنظار وتولد قوية راسخة . وبهذه الطريقة راح يربّي العلماء والدعاة وجماهير الأمّة على مقاطعة الحكّام الظَلَمة , ومقاومتهم عن طريق نشر الوعي العقائدي والسياسي والتفقه في أحكام الشريعة ومفاهيمها , ويثبت لهم المعالم والأسس الشرعية الواضحة . كقوله (عليه السلام) : ( من عذر ظالما بظلمه سلّط الله عليه من يظلمه, فان دعا لم يستجب له ولم يأجره الله على ظلامته ) , ( العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم ) .

وفاته :

إنّ المكانة التي كانت للصادق (عليه السلام)، علماً وإمامة ، جعلته ـ كآبائه وأهل بيته عامة ـ عرضة للحسد والعداوات بل وللخوف من قبل الخلفاء والحكام بصورة عامة ؛ وقد تحمّل الإمام الصادق (عليه السلام) بخاصة من بعض معاصريه ومن مدعي الإمامة ومدعي العلم والفضل في زمانه ، أذايا وبلايا كثيرة ، ولا سيّما من بعض أرحامه وأقاربه وفيهم أخوة وأبناء عمّ وأنسباء .

ولكنّ الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور الدوانيقي ، كان أشدّهم في تطلّب فرصة للبطش بالإمام والبحث عن ذريعة لقتله ، حتى أنّه أشخصه أربع مرات من مدينة جده (عليه السلام)، إلى الكوفة ليقتله ، فكانت تظهر من الإمام آيات ومعجزات تمنعه عن الإقدام على جريمته ، إلى أن بعث إلى الإمام (عليه السلام) بِسُمٍّ أجبروه جبراً على شربه ، فاستشهد سلام الله عليه مظلوماً بسم المنصور ، وكان ذلك في المدينة في شهر شوال ، على المشهور( وقيل أيضاً الاثنين منتصف رجب) من سنة ثمان وأربعين ومئة للهجرة ، وله من العمر خمس وستون سنة ، ودفن بجانب أبيه الباقر (عليه السلام) ، وجده السجّاد ، وعم جده ا