16/08/2011
المُقدَّم: السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته، تقبل الله أعمالكم وصيامكم في هذا الشهر الفضيل، مطارحات في العقيدة يأتيكم مباشرة من قناة الكوثر الفضائية في قم المقدسة موضوع حلقة اليوم (حديث رسول الله: يا علي أنت خليفتي من بعدي ، القسم الثالث) أرحب بسماحة آية الله السيد كمال الحيدري، قبل أن أدخل في صلب الموضوع أو أسأل عما دار في الحلقتين السابقتين حول هذا الحديث، فيما تقدم تحدثنا عن كثير من القضايا، قد يطرح البعض شبهة أنك نظرت بعين أخرى إلى أخواننا المسلمين الآخرين من غير مدرسة أهل البيت.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
لابد أن يعلم لكل من يستمع إلي في هذا الخطاب أن الحديث وأن البحث بحث علمي وليس البحث بحثاً أيديولوجي، بعبارة أخرى نحن لا نريد أن نرتب آثار عقدية وسياسية واجتماعية على ما قلناه، وإنما كنا بصدد البحث عن قضية علمية منهجية لابد أن يلتفت لها، هذا أولا.
وثانياً أنه ليس مخاطب هذه الأبحاث هم عموم المسلمين وإلا أنا معتقد أن عموم المسلمين لو اتضحت لهم الحقائق يكون لهم موقفهم الصحيح، وإنما الكلام موجه إلى أهل العلم والباحثين والعلماء لنتحاور في مثل هذه المسائل.
وثالثاً لابد أن تعرف هذه الحقيقة بشكل واضح أن مدرسة ومنهج أهل البيت قائم على النظر إلى المسلمين على أساس المشتركات وإلا فالمختصات لا نحن فقط نتميز عنهم بل هم لهم أمور يتميزون عنا، فإذا كنا نريد أن نعامل على أساس المختصات وعلى أساس ما نتمايز به لما استقر حجر على حجر، وإنما ينبغي أن نتعامل على أساس المشتركات، طبعاً هذا لا فقط بين أتباع مدرسة أهل البيت والسنة يعني بين السنة والشيعة، حتى بين الشيعة أنفسهم هناك توجهات متعددة واتجاهات متعددة ومدارس متعددة، عندما تنتقل إلى علماء مدرسة أهل السنة وأهل السنة عموماً لا يوجد هناك توجه واحد، بل هناك أشاعرة ومعتزلة وأباظية وصوفية وابن تيمية وأتباعه وغير ذلك، وهؤلاء يحاولون أن يعنونوا أنفسهم بأنهم أهل السنة ولكن في الواقع عندما تأتي تجد أن هناك فوارق أساسية بين هذه التوجهات.
أعزائي نحن هنا صحيح من الناحية النظرية ومن الناحية العلمية قد نشير إلى بعض الأبحاث ولكن من الناحية الإيديولوجية ومن الناحية العملية إنما نتعامل على أساس المشتركات، لا على أساس المختصات وما يميز بعضها عن البعض.
المُقدَّم: يعني هذا هو المنهج القرآني الذي يبحث عن النقاط الالتقاء أكثر مما يفرق.
سماحة السيد كمال الحيدري: لأننا نعيش في مكان واحد وفي زمان واحد ونؤمن بآله واحد، حتى لو اختلفنا دينياً وعقدياً في النتيجة نحن نعيش في دولة تقوم على أساس المواطنة والمواطنة تعني التساوي في الحقوق والواجبات بغض النظر عن اعتقاداتهم ومذاهبهم وقومياتهم وأعراقهم ...
المُقدَّم: نصل إلى موضوع الحديث تقدم على مدى حلقتين كلام كثير حول حديث أنت يا علي خليفتي من بعدي، بداية خلاصة لما تقدم لكي نستكمل هذا البحث في هذه الليلة.
سماحة السيد كمال الحيدري: نحن في الحلقة السابقة وفي القسم السابق من هذا البحث أشرنا إلى أن هذين النصين وهما قول رسول الله صلى الله عليه وآله أنت ولي كل مؤمن ومؤمنة أو أنت خليفتي كل مؤمن من بعدي، هذان النصان يمتازان بخصوصية وهذه الخصوصية أنهما بين فيهما الولاية والولي والخلافة بأنه من بعده، وهذه خصوصية مهمة في هذين النصين إذن تم سندهما، وإلا إذا كان السند ضعيفاً أو موضوعاً أو كان غير معتبر فال قيمة لهذا الكلام. لماذا تأتي أهمية هذا؟ باعتبار أن النبي صلى الله عليه وآله عندما قال: بعدي. إذن لا يمكن حمل الولي والولاية والمولى على معنى المحبة والمودة، لأن المحبة والمودة والنصرة هذه ثابتة لعلي في حياة رسول الله، لا نحتاج إلى أن نقيد ذلك من بعدي.
إذن بقرينة هذه اللفظة نستكشف وهذه المفردة الموجودة في الحديث إذا كانت موجودة. لأنه قد يقول قائل: سيدنا أنت بالأمس قرأت أن البعض قال أن هذه المفردة لم تكن في الحديث، لابد أن نبحث أن هذه المفردة ثبتت أو لم تثبت. وهنا عندما نقول (من بعدي) يعني من بعد حياتي.
تقول: سيدنا بأي دليل؟ بدليل ما ذكره ابن حجر العسقلاني في كتابه (فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج17، ص72) تعليقات عبد الرحمن البراك، دار طيبة، قال: (وعلى تقدير ذلك فالأولى أن يحمل قوله يكون بعدي اثنا عشر خليفة) ما هو المراد من بعدي، بعدي يعني عندما أسافر من المدينة إلى الحرب مثلاً؟ مراد البعدية المكانية أو البعدية الزمانية أو المراد أنه بعد أن أرحل عن هذا العالم. يقول: (يكون بعدي اثنا عشر خليفة لابد من حمل قوله بعدي على حقيقة البعدية) يعني ما يقع بعد ذهابه عن هذا العالم، ولذا يقول: (فإن جميع من ولي الخلافة من الصديق) مقصوده أبي بكر الخليفة الأول (إلى عمر بن عبد العزيز أربعة عشر نفساً) إذن هذه بعدي يربطها بالخلافة بعد رسول الله.
إذن هذه الجملة مهمة جداً في هذا الحديث إن ثبتت مرة أخرى من الناحية العلمية والمنهجية لابد أن نكون نتكلم بلغة علمية وهي أنه إن ثبتت هذه المفردة فإنها تكون نافعة جداً وقوية جداً. والشاهد على أهمية هذه المفردة نحن وجدنا أن الأحوذي بالأمس أصر على أن هذه الجملة هذه المفردة غير موجودة، لماذا؟ قال: لأنه لو كانت موجودة يثبت مدعى الشيعة. وعندي شاهدان آخران: هذا الشاهد الاول ذكرناه من تحفة الأحوذي بشرح الترمذي.
ويوجد شاهدان آخران:
الشاهد الأول: ما ورد في (منهاج السنة، ج4، ص299) لابن تيمية، تحقيق محمد رشاد سالم، طبعة الأربعة مجلدات، نشر دار الفضيلة يقول: (وكذلك قوله هو ولي كل مؤمن بعدي كذب على رسول الله) هذه لو كان مضمونها لا يضر ابن تيمية شيء هل كان يكذبها أو يقول لا بل هي صحيحة، ولكن لا تدل على مدعاه، هذا الحزم على أنه يعرف أنه لو تم هذا الحديث فيثبت مدعى مدرسة أهل البيت وهو أن هذا الحديث دال على الولاية، ثم العجيب والغريب يقول: (بل هو في حياته وبعد مماته ولي كل مؤمن) ما هكذا تورد المسائل يا شيخ ابن تيمية؟ الكلام ليس في المحبة حتى نقول بعده وقبله يكون ولياً الكلام في الإمامة السياسية، الكلام في التطبيق، وإلا إذا كان كذلك إذن لابد أن تقبل أن الخليفة الأول ليس ولياً وليس من أولي الأمر، يوافق على ذلك أو لا يوافق؟ يقول: لا، ففي زمنه رسول الله أولي الأمر ولكنه في زمن الخليفة الأول أو الثاني أو الثالث ولاة الأمر هم أبو بكر وعمر وعثمان. إذن هذه مغالطة لخلط الأوراق (وكل مؤمن وليه في المحيا ... وأما الولاية التي هي الامارة فيقال فيها والي ولا يقال فيها ولي) ولا أعلم هذا عجيب ضيق الخناق أين وصل به الأمر (فيقال فيها والي).
سؤال: يعني لا يطلق على الخليفة الأول والثاني والثالث أنهم ولي وأولي الأمر؟ لا يطلق على رسول الله أنه ولي (إنما وليكم الله ورسوله) العطف يعني ماذا؟ يعني وليكم رسول الله.
المُقدَّم: هل هناك أبلغ من النص القرآني.
سماحة السيد كمال الحيدري: لا أعلم والله انظروا ضيق الخناق إلى أين أدى به، (فيقال فيها والي كل مؤمن كما يقال في صلاة الجنازة إذا اجتمع الولي والوالي قدم الوالي) يقول إذا اجتمع ولي الميت والوالي (في قول الأكثر وقيل يقدم الولي) إذن هذا يكشف لك عن أن الشيخ ابن تيمية التفت جيداً أن هذا النص لو تم فقد تم مدعى مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
وشاهد آخر على هذه الحقيقة ما ورد عند الألباني أيضاً بنفس الطريقة في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج4، ص344) يقول: (إما ما يذكره الشيعة في هذا الحديث وغيره أن النبي قال في علي إنه خليفتي من بعدي فلا يصح بوجه من الوجوه بل هو من أباطيلهم الكثيرة). إذا لم تكن دالة على الامارة لماذا تكون من الأباطيل، إذا كانت هذه دالة على المحبة فهي من أباطيل الشيعة أو من القرآن (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)، يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. إذا كان المراد من الولي أو الخليفة في هذا النص بشيء لا يدل على مدعى مدرسة أهل البيت لماذا يدعي أنها من أباطيل الشيعة (التي دل الواقع التأريخي على كذبها) أنت خليفتي يتصور أن رسول الله يخبر وحيث أنه لم يكن خليفة من بعده، مع أن الرسول ينشأ بلغة الإخبار يعني يقول يجب عليكم أن يكون هذا خليفتي من بعدي. يعني جعلته خليفتي عليكم. الآن لا أريد الدخول في هذا البحث.
هذه الشواهد وشواهد أخرى تكشف لنا بشكل واضح وصريح أن الأعلام وعلماء المسلمين فهموا من هذه النصوص بقرينة (من بعدي) أنها دالة على الامارة ودالة على القيادة ودالة على الإمامة، ودالة على ذاك البعد الثاني الذي كان في شخصية النبي الأكرم.
ومن هنا يتضح للمشاهد الكريم أهمية هذه النصوص باعتبار أن هذه النصوص لا يوجد فيها بحث مضموني، يعني ليست من قبيل حديث (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) حتى يقال بأن هذه مرتبطة بحياته، أو من قبيل من كنت مولاه فهذا علي مولاه، حتى يقال بأن المولى بمعنى المحبة والنصرة والتأييد، لا لا، هذه النصوص دالة بشكل واضح وصريح على الامارة والإمامة والقيادة، على ذلك البعد الثاني الثابت لشخصية النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
المُقدَّم: ولذا حاولوا تكذيبها لكي ينفوا القضية من الأساس. هذا كلامهم ماذا يقول علماء المسلمين في سند هذه الأحاديث.
سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع بنحو الإجمال أقول الآن وسيأتي تفصيله في الحلقات القادمة. وهو أنه يوجد اتجاهان بإزاء ليس هذين النصين فقط، المرتبطين بامارة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أو بفضيلة من فضائله أو بمنقبة من مناقبه أو بمقام من مقاماته. أنا أتكلم بشكل عام، يوجد أعزائي اتجاهان في علماء المسلمين:
الاتجاه الأول: وهو الاتجاه الذي وافق على هذه النصوص من حيث السند، طبعاً لا أريد أن أدعي أنه اتفق مع شيعة أهل البيت في فقه ومضمون هذه النصوص، لا لا، تفسير هذه النصوص له بحث آخر لابد أن نقف عليه بشكل واضح، ولكن الكلام الآن في السند، وهو أنهم هل قبلوا أسناد وسند هذه الاحاديث أو لا.
الاتجاه الأول: جمهور علماء المسلمين قالوا أن هذه الأحاديث أحاديث صحيحة السند سواء كانت أحاديث المولى أو أحاديث انت خليفتي أو أحاديث أنت ولي كل مؤمن إلى غير ذلك ... وهذا ما سنعرضه لاحقاً من خلال هذه الحلقات.
الاتجاه الآخر: وهو الاتجاه الذي ويتذكر المشاهد الكريم أننا في السنة الماضية أو أكثر من ذلك ميزنا جيداً بين النهج الأموي وبين نهج علماء المسلمين يعني علماء أهل السنة من المسلمين.
من أهم معالم النهج الأموي هذا النهج كان يقوم على أساس أن كل فضيلة وكل منقبة وكل مقام وكل دليل يدل على شيء من الفضائل والمقامات والمناقب لعلي وآل علي إما كان يرمى بالضعف وإما كان يرمى بالوضع وأنه من الموضوعات وإما أنه كان يخفى وإما كانت تبدل الأسماء يعني أن الحديث وارد في علي فيبدل اسم علي فيوضع مكانه اسم صحابي آخر.
بعبارة أخرى هذا كتابنا (معالم الإسلام الأموي) الذي خرج لنا إلى الأسواق، الذي عرضنا لفصوله في الأبحاث السابقة، قلنا أن النهج الأموي قام على هذا الأساس، وهو إقصاء علي وأهل بيته من المقام العلمي فضلاً عن المقام السياسي، لا أنه لم يسمحوا لهم بالامارة بل حاولوا أن يقصوهم من الحياة العلمية والمرجعية الدينية لفكر المسلمين. وإلا أنتم تشاهدون يعني واقعاً الإنسان لا فقط يستغرب بل لا ينقضي عجبه أنه ينقل عن ابي هريرة في مسند أحمد ما يقارب 4000 حديث، ولكن ينقل عن علي بن أبي طالب 800 حديث، أين كانت الإشكالية، هذا الرجل الذي قرأنا عنه فيما سبق قال ومن صباي وأنا أعيش مع رسول الله ويرفع لي في كل يوم علماً، ومع ذلك نجد أنه ينقل عنه 800 أو 900 رواية ولكن أبو هريرة مجموع ما عاصر رسول الله فيه لم يتجاوز السنتين أو الثلاث سنوات أقصاه ثلاث سنوات ونصف كيف يمكن أن يقاس ربع قرن بثلاث سنوات وتكون أربعة أضعاف أو خمسة أضعاف الأحاديث التي ينقلها علي بن أبي طالب تنقل عن أبي هريرة، وهذا يكشف لكم بشكل واضح ودقيق أنه كان هناك إقصاء كامل للمرجعية الدينية لعلي ولأهل بيته عليهم السلام.
وتطور الأمر كما تعلمون وواضح للمشاهد الكريم أن الأمويين لم يكتفوا بهذا، عندما انتهينا إلى سنة 60هـ بني أمية حتى ما استطاعوا أن يتحملوا الوجود الجسدي والخارجي لأئمة أهل البيت فقتلوا واستشهد سبط رسول الله وريحانة رسول الله وأحد سيدي شباب أهل الجنة على يدي بني أمية، وعلى يدي يزيد بن معاوية. إذن القضية واضحة.
إذن من أهم المعالم التي قام عليها النهج الأموي فيما يتعلق ... طبعاً ولذا أنا مراراً قلت أن النهج الأموي لا أنه كان له موقف سلبي من علي بن أبي طالب، بل كان له موقف سلبي من نساء النبي، ومن أمهات المؤمنين، وأنا أعتقد أن كثير من الروايات التي فيها ما فيها ويرتبط ببيان بعض الأمور التي لا يناسب شأن نساء النبي هذه من موضوعات بني أمية، لماذا؟ حتى يطعنوا في عرضهن، في عرض رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى يقولوا للعالم الإسلامي أنظروا إلى نساءه، انظروا إلى من هم يعيشوا معه هذا وضعهم، فما بالك بأمور أخرى. بل القضية ترقت عن ذلك، وإن شاء الله تعالى سيأتي الوقت المناسب أنهم طعنوا وانتقصوا من رسول الله صلى الله عليه وآله وعشرات الروايات الواردة في البخاري ومسلم ومسند أحمد وغيرها واقعاً عندما ننظر إليها بنظرة دقية تجد أن الهدف منها ... مثلاً من قبيل أن النبي الأكرم يُسحر وأنه لا يأتي بالشيء ويتصور أنه أتى به، لم يفعل الشيء ويتصور أنه فعل وغير ذلك من الأمور. عشرات منها الآن ليس وقت الإشارة لها.
بل أكثر من ذلك ويتذكر المشاهد الكريم في أبحاث سابقة قلنا أن الروايات التي دلت على التجسيم والتشبيه في مسائل التوحيد أيضاً منشئها من أين؟ منشئها من بني أمية النهج الأموي، إذن هؤلاء كان لهم خطة كاملة فكرية بغض النظر عن البعد السياسي الذي حولوا الخلافة إلى ملك عضوض، كما هم في رواية صحيحة عندهم الخلافة بعدي ثلاثون عاماً وبعد ذلك تكون ملكاً عضوضاً، لا فقط حولوها إلى ملك بل حولوها إلى توريث الذي إلى الآن نحن نعيش آثارها في المجتمعات الإسلامية حتى في الجمهوريات نجد نظرية التوريث كيف حاكمة.
المُقدَّم: ولي أمر يورث إلى ولي أمر آخر.
سماحة السيد كمال الحيدري: وهكذا ... وأنه لا يجوز الخروج عليه وأنه حتى لو ضربك ... هذه كلها أنا اعتقد من موضوعات المؤسسة الأموية في الأبعاد الفكرية والعقدية وفي الأبعاد السياسية وفي الأبعاد العبادية، وارجو الله سبحانه وتعالى أن أوفق في فترة كاملة حتى أقف على ما فعله معاوية في الفكر الإسلامي وفي المعارف الإسلامية، وأساساً معاوية هل مات مسلماً هل أسلم أصلاً أو لم يسلم؟ وإذا أسلم هل مات مسلماً وأن معاوية هل هو فرعون هذه الامة أم لا؟ أبحاث مهمة إن شاء الله تعال لعلنا نوفق أن نقف عليها.
إذن النقطة المركزية في فكر بني أمية يعني الآن فيما يرتبط ببحثنا هو الوقوف أمام أي نص دال على منقبة تعطي لعلي مقاماً وخصوصية لا توجد لباقي الصحابة.
لقائل يقول: ما منشأ هذا؟
منشأ هذا هو أن هؤلاء لم يدخلوا الإسلام حقيقة (قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) هؤلاء لم يؤمنوا أساساً ولم يعمر قلبهم بالإيمان، بأي دليل؟ بدليل الحديث النبوي المتفق عليه: يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. وخير شاهد على بغض هؤلاء هو سبهم لعلي بن أبي طالب، أقول خير دليل على بغضهم الذي يستكشف منه نفاقهم هو سب ولعنهم وإقصائهم وقتلهم، وأي دليل أفضل من هذا، وهذا يكشف بنص حديث رسول الله يدل على نفاقهم.
إذن عندما أقول النهج الأموي أو الإسلام الأموي أو الاتجاه الأموي أو أقول معالم الإسلام الأموي واحدة من أهم معالم الإسلام الأموي هو إقصاء علي وآل علي من المرجعية الدينية كما أشرنا فيما سبق.
المُقدَّم: يعني من حياة المسلمين.
سماحة السيد كمال الحيدري: يعني أقصوهم علمياً وبعد ذلك أقصوهم جسدياً وبدنياً.
المُقدَّم: وهكذا بالنسبة لكثير من الصحابة.
سماحة السيد كمال الحيدري: نعم، حجر وغير حجر، وكما قلت أن هذا كان نهجاً ليس مرتبط ... لا يتصور البعض ان القضية انتهت بانتهاء حكم بني أمية، لا، كثير من هذه البدع ومن هذه السياسات ومن هذه السنن الباطلة التي أسس لها بنو أمية وأسس لها معاوية في النهج الأموي استمرت ما بعده إلى العصر العباسي، ولعلهم وجدوها في مصلحتهم أنهم يقفون أمام الخط العلوي والاتجاه العلوي والاتجاه الإسلامي الأصلي، بل بعض تلك البدع وبعض تلك السنن إلى يومنا حاكمة في عصرنا التي إن شاء الله تعالى نوفق أن نقف عندها.
المُقدَّم: سيدنا لا تشير إلى سند هذه الروايات عند علماء المسلمين.
سماحة السيد كمال الحيدري: قلت أن هذا بعد ذلك سيأتي، يعني الآن قلت يوجد اتجاهان اتجاه وافق واتجاه خالف.
المُقدَّم: من بين هذين الاتجاهين ما هو موقف ابن تيمية وأتباعه.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذه هي النقطة المهمة، واقعاً هنا لابد أن يتضح البحث كأساس ومنهج وهو أنه منهج ابن تيمية، أنا لا أتكلم في هذين النصين، يعني لا أتكلم في حديث (يا علي أنت ولي كل مؤمن بعدي) أو في حديث (أنت خليفتي في كل مؤمن بعدي أو من بعدي) لا لا، أتكلم بشكل عام ما هو موقف ابن تيمية من الأحاديث التي تكلمت عن مناقب وفضائل ومقامات علي عليه السلام. هل كان موقفاً يقرب من موقف علماء المسلمين أو موقفاً يقرب من موقف بني أمية؟ هذا السؤال نطرحه كبحث علمي ولا نريد أن نتخذ موقفاً قبل أن نصل إلى بحث هذه القضية.
إذن إذا وجدنا، الآن نتكلم بشكل عام، إذا وجدنا أن رؤيته هي أن هذه الروايات الواردة صحيحة سنداً فنقول هو إذن قريب من منهج أهل السنة، أما إذا وجدنا أنه كل رواية وردت في علي يحاول بشق الأنفس أن يسقط تلك الرواية أو يفرغها من محتواها، يعني إما أن يقول أن الرواية ساقطة سنداً، يقول كذب كما قرأنا قبل قليل، وجدتم قبل قليل مباشرة هذه الرواية قال كذب على رسول الله، وإما ماذا يفعل؟ يفرغها من المحتوى يقول نعم هذه وردت في علي ولكن ليست من مختصات علي بل يشاركه فيها غيره من الصحابة إذن ليست من مختصات علي بن أبي طالب بل يوجد في الصحابة فيه أفضل مما موجود في علي بن أبي طالب، يعني يحاول أن يميع تلك الصفة.
المُقدَّم: أو لا تعني هذا المعنى.
سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنتم، أو لا تعني هذا المعنى، يفرغ المضمون من المحتوى الذي يعطي خصوصية لعلي بن أبي طالب.
وهنا ولدقائق سوف لا أتكلم عنه، يعني لا أحاول أن أقول رأيي في المسألة وإنما أحاول أن أنقل كلمات أعلام المسلمين من أهل السنة بل بعضهم قريبين من منهج ابن تيمية، انظروا ماذا يقولون عن الشيخ ابن تيمية، أن هذا الرجل كان إيجابياً بإزاء، يعني واقعاً الرؤية رؤية إيجابية بإزاء النصوص التي تكلمت عن فضائل علي بن ابي طالب أو كان سلبياً، وإن شاء الله تعالى بعد ذلك ستجدون بعكس ذلك عندما يأتي إلى النصوص التي تتكلم عن معاوية وفضائل معاوية وبنية أمية نرى أنه هل كان إيجابياً أو كان سلبياً، الآن نحاول أن ننظر إلى كلمات علماء المسلمين في هذا.
المُقدَّم: المقصود بالإيجابية هو الموضوعية.
سماحة السيد كمال الحيدري: أن يكون عادلاً عدالة علمية، هذا كتاب ابن حجر العسقلاني وأنتم تعلمون أن مزاج ابن حجر أقرب الى ابن تيمية من غيره. في كتابه المهم (لسان الميزان، ج8، ص551) للعسقلاني المتوفى سنة 852هـ اعتنى به الشيخ العلامة عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى سنة 1423هـ بعد أن يذكر ابن المطهر الحلي الرافضي في ترجمة ابن المطهر الحلي الرافضي يقول: (كان رأس الشيعة الإمامية في زمانه) ابن مطهر الحلي يعني العلامة الحلي (وله معرفة بالعلوم العقلية وشرح مختصر ابن الحاجب الاصلي شرحاً جيداً بالنسبة إلى حل ألفاظه وتوضيحه) وهذا بحمد الله تعالى، فقط جملة معترضة وهو أن علماء الطائفة ومراجع الطائفة والذين تصدوا لإدارة الأمور العلمية للطائفة كانوا يجمعون بين المعقول والمنقول ولذا تجد بأنه يقول كان رأس الشيعة الإمامية في زمانه وله معرفة بالعلوم العقلية، هذه ميزة، هذا ليس ذماً وإنما هذا مدحاً، (وصنف كتابه في فضائل علي فتعقبه الشيخ تقي الدين بن تيمية في كتاب كبير) وهو منهاج السنة في الرد على منهاج العلامة (وقد طالعت الرد المذكور) يعني طالعت رد الشيخ ابن تيمية على ابن المطهر الحلي (فوجدته كما قلت السبكي في الاستيفاء لكن وجدته كثير التحامل إلى الغاية) هذا من يقول؟ ليس سيد كمال الحيدري، وليس عالم من علماء الشيعة، بل ابن حجر يقول (وجدته كثير التحامل إلى الغاية في رد الأحاديث التي يوردها ابن المطهر). إذن أولاً التعبير استعمله في حق ابن تيمية التحامل، بينكم وبين الله أيدل هذا على الإنصاف والموضوعية أو لا يدل؟ يقول: (لكنه) ابن تيمية (رد في رده) على ابن المطهر (رد في رده كثيراً من الأحاديث الجياد) أحاديث جيدة، صحيحة. الآن هو يعتذر له باعتبار كما قلت أن هواه هو هوى ابن تيمية (التي لم يستحضر حالة تصنيفه مظانها) فردها من باب أنه غفل عن مصادرها (لأنه كان لاتساعه في الحفظ يتكل على ما في صدره والإنسان قابل للنسيان) إلى هنا لا مشكلة (ولزم) التفتوا إلى جملة ابن حجر (ولزم من مبالغته لتوهين كلام الرافضي الإفضاء أحياناً إلى تنقيص علي) لا فقط رد الأحاديث بل تنقيص. يعني اتهام علي، تنقيص علي، مرة واحد يقول علي لا توجد له هذه القضية فهذا ليس تنقيص، ومرة يتهم علياً وإن شاء الله سأقرأ لكم.
المُقدَّم: هذا الذي أُمر بمودته.
سماحة السيد كمال الحيدري: بل قال إذا أبغض فهو دلالة النفاق، وأنا أترك الحكم للمشاهد الكريم بأنه يرى أننا عندما نتهم الشيخ ابن تيمية أو نقول أن الشيخ ابن تيمية ناصبي أو فيه درجات أو هواه هوى النصب والعداء لعلي وأهل بيته لا يقول لنا قائل من أين تأتون بهذا الكلام. أعزائي هذا عبارته ليس أنه أدى إلى إقصاء بعض فضائل علي (بل أدى أحياناً إلى تنقيص علي وهذه الترجمة لا تحتمل إيضاح ذلك وإبراز أمثلته) هذا هو المورد الأول.
المورد الثاني: وهو ما أشار إليه ابن حجر العسقلاني ايضاً في كتاب (فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج8، ص734) تحقيق عبد الرحمن البراك، دار طيبة، يقول: (وأنكر ابن تيمية في كتاب الرد على ابن المطهر الرافضي) يعني منهاج السنة (الموآخاة بين المهاجرين) قد يقول ابن حجر يقول هي ليست مهمة (وخصوصاً موآخاة النبي لعلي) يعني وصلت إلى علي فلا يتحمل أن يجد فضيلة لعلي. تشمئز قلوبهم إذا ذكر الله اشمئزت قبلوهم، إذا ذكر علي واقعاً تنقلب أحوالهم، لماذا؟ لأن هذا النفاق الباطني لا يسمح لهم بأن يقبلوا هذه الفضائل. قال: (خصوصاً مؤآخاة النبي لعلي قال لأن المؤآخاة شرعت ... بعضهم بعضاً ولتأليف قلوبهم بعضاً على بعض فلا معنى لمؤآخاة النبي لأحد منهم ولا مؤآخاة مهاجرين لمهاجرين) التفت ماذا يقول ابن حجر (هذا رد للنص بالقياس)، يعني اجتهاد مقابل النص النبوي. ماذا يدل هذا، هل يدل على الإيما، هل يدل على لحب لعلي، هل يدل على المودة لعلي، هل يدل على التأييد لعلي، ألستم تقولون رسول الله قال (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) يعني المراد من المولى المحبة وصار حب علي كحب رسول الله، إذن لماذا تتعاملون معه هذه المعاملة، هذا لا يدل إلا على وجود نفاق ولو نفاق باطني. ولذا أنا مراراً قلت هذه الحقيقة قلت أن الفرق بين ابن تيمية ومعاوية أن معاوية كان يجاهر بالبغض والسب واللعن ولكن ابن تيمية أضمر البغض وحاول أن يظهر بظاهر المحبة، وهذا هو نهج أتباعه من أتباع محمد بن عبد الوهاب، طبعاً عندما أقول أتباع محمد بن عبد الوهاب أقصد أهل العلم المطلعين منهم، وإلا عموم الوهابية واقعاً أبنائنا وأعزائنا وأخواننا أصلاً لا يعلمون هذه الحقائق.
المُقدَّم: وهذا المقدم لاستئصال هذه الظلمة.
سماحة السيد كمال الحيدري: ولأجل إيصال هذه الحقائق للمشاهد الكريم سواء كان من هذه الجهة أو تلك الجهة، ولذا قال: (وهذا رد للنص بالقياس وإغفال عن عن حكمة المؤآخاة) هذا هو المورد الثاني.
المورد الثالث ما جاء في كتاب (وفاء الوفى بأخبار دار المصطفى، ج1) تأليف عالم المدنية ومؤرخها الشريف السمهودي، المتوفى سنة 911هـ تحقيق وتخريج محمد نظام الدين الفتية، دار الزمان للنشر والتوزيع، أيضاً يقول ذلك، يقول: (وقد أنكر ابن تيمية) يعني كأن علماء المسلمين كان واضحاً عندهم أن هذا الرجل كلما جاءت فضيلة يحاول أن ينكرها.
وممن أشار إلى هذه الحقيقة أيضاً في كتاب (مؤلفات الإمام اللكنوي، الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة، ص174) للإمام أبي الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي، بقلم عبد الفتاح أبو غدة، قال: (ومنهم ابن تيمية فأنه جعل بعض الأحاديث الحسنة مكذوبة) حديث حسن يعتمد عليه ومعتبر، ولكنه ادعى أنها ... ومن مصاديقها سيتضح في هذا البحث وأنه بمجرد أن وصل إلى أنت ولي كل مؤمن بعدي، قال: كذب بالقطع واليقين لا بالاحتمال. كذب على رسول الله. (وكثيراً من الأخبار الضعيفة جعلها موضوعة) مع أن السند ضعيف ولكن قال موضوعة، وفرق كبير بين الموضوع لأن الموضوع مكذوب والضعيف ليس بمكذوب بل هو غير معتبر لا يمكن إسناده، لا أنه ليس بصحيح.
وأشير أيضاً إلى موردين آخرين في هذا المجال، وهو ما ورد في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج5، ص263) للألباني، بعد أن ينقل بعض الأحاديث يقول: (فمن العجيب حقاً أن يتجرأ شيخ الإسلام ابن تيمية على إنكار هذا الحديث) أي حديث؟ حديث ما تريدون من علي إن علياً مني وأنا منه. القضية عندما تصل إلى علي ابن أبي طالب ابن تيمية يصاب بالجنون، حتى لو الله يقول لا فقط رسول الله، القضية عندما تصل إلى علي لابد من القضاء على أي فضيلة لعلي.
المُقدَّم: سماحة السيد هذه الإساءة ليست إلى علي بن أبي طالب بالدرجة الأولى.
سماحة السيد كمال الحيدري: إلى الله وإلى رسوله، وإلا لأن النص النبوي يقول (من أحبك فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضك فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله، من سبك فقد سبني ومن سبني فقد سب الله) أنها مآلها إلى ماذا ... ولكنه لا يتحمل ويصاب بجنون عندما يستمع إلى فضيلة ... يشمئز قلبه. قال: (فمن العجيب حقاً أن يتجرأ شيخ الإسلام ابن تيمية على إنكار هذا الحديث وتكذيبه في منهاج السنة كما فعل بالحديث المتقدم هنا) يقول هذا منهجه أصلاً، عندما تصل القضية إلى علي لا يجد بدا إلا أن يكذبها.
وفي مورد آخر في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج4، ص344) بعد أن ينقل حديث يقول: (إذا عرفت هذا) الحديث بماذا متعلق؟ لأقرأ الحديث حتى يعرف الأعزاء بأي شيء يرتبط هذا الحديث، يرتبط هذا الحديث (من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه) بعد أن ينقل الحديث ويطول الألباني يقول: (إذا عرفت هذا فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث وبيان صحته أنني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قد ضعف الشطر الأول من الحديث وأما الشطر الثاني والآخر فزعم أنه كذب). لا يستطيع. ثم يقول: (وهذا من مبالغاته) ولكن لا يقول مبالغاته يعني من عدائه المتحكم في وجوده الذي يملأه البغض والنصب والعداوة لعلي وأهل بيته، (وهذا من مبالغاته الناتجة في تقديري من تسرعه في تضعيف الأحاديث) لا أيها الألباني ليس من التسرع بل من منهج قائم على رد كل ما يرتبط بعلي (قبل أن يجمع طرقها ويدقق النظر فيه والله المستعان).
إذن إلى هنا انتهينا بشكل واضح وصريح إلى أننا إذا لم نقل أن ابن تيمية كان منظراً أساسياً ومن أهم المؤسسين للنهج الأموي في قبال أهل البيت وبالخصوص الإمام علي فلا إشكال هواه كان هوى أموي وهذا الذي الآن نحن بشكل واضح وصريح نجده في نهج محمد عبد الوهاب وأتباع محمد بن عبد الوهاب. ارجع وأقول أهل العلم والمطالعة منهم وأهل البحث منهم لا عموم الوهابية.
المُقدَّم: إذن نصل إلى مداخلتاكم، معنا الأخ إبراهيم من السعودية.
الأخ إبراهيم: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ إبراهيم: قال ان علياً خليفة من بعدي أنها تفيد الحصر، وفي اللغة العربية الفصحى لا تفيد الحصر لأن خليفتي من بعدي، ولم تأت بآل ولام التعريف لو جاءت علي الخليفة بعدي أو علياً هو الخليفة بعدي هنا أصبحت بالتعريف فتفيد الحصر، وهي معرفة فتفيد التخصيص. وليست نكرة كخليفة بعدي. هذا السؤال الأول. السؤال الثاني قال بالأمس لم يثبت لنا أو إذا ثبت لنا أن هذه الجملة صحيحة فمصير الذين لم يبايعوا الإمام علي كإمام أول يموتون ميتة الجاهلية، أئمة أهل البيت لم يبايعوا الإمام علي على أنه إمام أول.
المُقدَّم: يعني أهل البيت لم يبايعوا علياً. من هم أهل البيت.
سماحة السيد كمال الحيدري: بأي دليل تقولوا أنهم لم يبايعوا يعني الحسن والحسين والزهراء ...
الأخ إبراهيم: أطلب منك أن تأتيني بنص صريح للحسن أو الحسين عليهما السلام أو فاطمة أنهم بايعوا علياً كإمام أول.
سماحة السيد كمال الحيدري: هو يقول لما يبايعوا ثم يبدل السؤال في دقيقة واحدة، أو في ثواني أولاً قال أنهم لم يبايعون، وعندما قلنا له ما الدليل على قولك بأنهم لم يبايعوا.
المُقدَّم: البينة على من أدعى.
سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنت قلت لم يبايعوا ما الدليل على أنهم لم يبايعوا؟
المُقدَّم: الأخ محمد من السعودية.
الأخ محمد: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المُقدَّم: رغم أن له آراءه الخاصة لكننا نجد نضجاً في المداخلات والأسئلة.
الأخ محمد: النقطة الأولى عن مبايعته للخلفاء الثلاثة.
المُقدَّم: لم يبين النقطة الأولى لكي يتحدث عن النقطة الثانية.
معنا الأخ فضيلة الشيخ حسن فرحان المالكي.
الشيخ حسن فرحان: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الشيخ حسن فرحان: أنا عندي نقطتان فقط أذكرهما من خلال تجربتي مع ابن تيمية يظهر أنه استطاع أن يختطف قسماً كبيراً من السنة إلى ما يشبه النصب والتعصب ضد الإمام علي والحسين خاصة، فهو متعصب تجاههما كثيراً. وفاطمة الزهراء إلى حد ما. الإمام الحسن عليه السلام يحاول أن يختطفه في الصف الاموي، يحاول أن يضرب منهج الإمام علي بمنهج الحسن، طبعاً ومواقفه مع فضائل الإمام علي كما ذكر السيد الحيدري، إذا صح الإسناد فأنه يعمل على إبطال المتن بل قلب المتن ضد الإمام علي، حتى تتمنى أن النبي لم يقل هذا في حق الإمام علي، فمثلاً حديث المنزلة (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) أول ما يقول يقول أن هذا فقط في الولاية على المدينة، وقد ولى ابن أبي مكتوم ولم يعين على المدينة إلا أضعف الناس، وكان ابن مكتوم أعمى ... وينقلك إلى معركة أخرى ليس فيها موطن النزاع حتى تتمنى أن النبي لم يقل في الإمام علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلى هذا الحد يطعن ابن تيمية.
طبعاً لا يقول مثلاً أن حديث المنزلة قد روي من أكثر من طريق وأن مناسبته يوم تبوك كانت مناسبة واحدة وقد روته أسماء بنت عميس بسند صحيح ولم تكن معه في تبوك وأن زوجها جعفر قد قتل وهي في المدينة فلم يأخذ الرسول النساء معها في تبوك، وقد روي من طرق أخرى في العهد المكي ... لا يبين هذا وإنما يضرب الحديث بمتنه تورط فيه وصح ولا مهرب من صحته، كأن يكون قد روي في الصحيحين أو ما شابه ذلك، فأنه يعمل على إبطال متنه بل قلب معناه ضد النبي.
والثاني لماذا الغضب من ابن تيمية، لماذا غضب السنة الأحرار كالكوثري وبعض العلماء المغاربة ... لأنه يوقعنا في تعب شديد حتى نتخلص من هذا الركام. في تجربتي مع ابن تيمية كنت بين خيارين: إما أن أكون أموياً وإما أن أكون يعني أتخلص من هذا الفكر الأموي، فتعبت كثيراً حتى خرجت، احتجت إلى دراسات لأنه صاحب منطق ويرتب الأمور بسرعة، فلذلك يعجب به الكثير من أبناء السنة المتأخرين لأنه لا يمكن التخلص منه إلا بدراسات جادة وبعلم وبهدوء وبدراسة فكرة فكرة، خمسة أسطر سطراً سطراً كلمة كلمة، ستجده لا تكتمل فيه خمسة أسطر إلا وله فيها تلبيس ويختطف العقول بسرعة.
المُقدَّم: الأخ إبراهيم من تونس.
الأخ إبراهيم: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ إبراهيم: في سورة البقرة الآية 141 قال تعالى: (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) يعبر عن الخلافة بمرة وبالقبلة التي كنت عليها، وتارة بالمشرق ثم بالصراط المستقيم ثم الشهداء على الناس ثم ... وتارة بالحق وتارة بالمشعر الحرام ثم بالحجة. ثم قال (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من اتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه) ثم أردف بقوله في سورة آل عمران (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسول أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) ثم الآية (الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وأن فريقاً منهم يكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك ...). وفي آية أخرى يقول: (الحق من ربك ... فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعو أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم).
سماحة السيد كمال الحيدري: الأخ إبراهيم سأل سؤالاً قيماً في السؤال الأول وإن كان السؤال الثاني خارجاً عن محل بحثنا، وهو أنه هل قول رسول الله صلى الله عليه وآله أنت خليفتي في كل مؤمن من بعدي دال على الحصر أو ليس دالاً على الحصر. أخي العزيز يظهر أنك من أهل الفضل ومن أهل البحث والدقة والعلم، عزيزي نحن لا نبحث أن رسول الله حصر الخلافة في علي أو لم يحصرها، حتى تقول لي ما الدليل على الحصر، نحن نسأل هل أن رسول الله عين خليفة من بعده بلا فصل أو لم يعين؟ وأنا معكم الخلفاء بعد رسول الله لا ينحصرون في علي لأن رسول الله صلى الله عليه وآله في أحاديث كثيرة قال (الخلفاء من بعدي اثنا عشر) من قال لك أننا نريد أن نحصر الخلافة في علي وحدة، لا لا، نحن نعتقد أن الخلفاء من بعده اثنا عشر، ولذا لابد أن ندخل في بحث مفصل، أن هؤلاء الاثنا عشر من هم؟ هل هم الأول والثاني والثالث والرابع يعني علي بن أبي طالب ومعاوية ويزيد ومروان وعبد الملك بن مروان وأولاده ... أو أنه هناك آخرون.
إذن لو كان البحث في أنه يوجد حصر أو لا من حقك أن تقول أن النص لا يدل على الحصر، ولكن أنا لا أريد أن أتكلم في الحصر وفي عدمه، أريد أن أتكلم في البعدية، ولذا تجدون بشكل واضح وصريح ابن حجر قال خليفتي من بعدي يعني من يأتِ من بعده بلا فصل. سؤالنا الأول أو سؤالنا الأساسي: هذه (من بعدي) هل تدل على الخلافة لعلي بلا فصل أو لا تدل؟ من الواضح اتفقت كلمتهم أنها دالة وهذا ما صرح به الأحوذي وهذا ما وجدتموه في سلسلة الأحاديث في منهاج السنة وفي غيره.
المُقدَّم: أساساً الحديث حول هل أن الرسول عين خليفة من بعده أم لا. ثم نأتي على المصداق.
سماحة السيد كمال الحيدري: ولهذا قلت أن البحث ليس في الحصر.
المُقدَّم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم مشاهدينا الكرام، إلى اللقاء استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.