أحكام متفرقة في العلاقات العملية
  • عنوان المقال: أحكام متفرقة في العلاقات العملية
  • الکاتب: للشيخ عباس أمين حرب العاملي
  • مصدر: كتاب "الحياة الزوجية السعيدة"
  • تاريخ النشر: 12:47:56 2-10-1403

1-حكم سماع صوت المرأة الأجنبية:

سماع صوت المرأة الأجنبية جائز من قبل الرجال، وقد دلّت السيرة على جوازه، فرسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" كما هو متواتر كان يسمع صوت النساء، وكنّ يسألنه عن شۆون الدين، وقد اشتهر عن السيدة فاطمة الزهراء خطبتها في المسجد النبوي الشريف ومعارضتها لأبي بكر وعمر في خصوص الخلافة، وفدك(1) والمحرّم من السماع هو السماع الموجب للّذة والفتنة، ولذا حرّم الإسلام على المرأة ترقيق القول وتليين الكلام بالصورة التي تثير الرجال، أو يكون الكلام بنفسه مۆدياً للإثارة لاحتوائه على معانٍ مثيرة، فلا بدّ أن يكون الكلام مستقيماً بريئاً من الريبة موافقاً للدين، قال الله تبارك وتعالى : (...فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) (سورة الأحزاب الآية 32).

 

2-حكم مصافحة المرأة الأجنبية:

يحرم مصافحة المرأة الأجنبية مباشرة، ويجوز من وراء الثياب بأن يكون عازلاً بين اليدين، بشرط أن لا يغمز كفّها، فإن غمز الكفّ من المحرّمات، قال الإمام جعفر الصادق "عليه السلام": (لا يحل للرجل أن يصافح المرأة إلاّ امرأة يحرم عليه أن يتزوجها: أخت أو بنت أو عمة أو خالة أو ابنة أخت أو نحوها، فأمّا المرأة التي يحل له أن يتزوّجها فلا يصافحها إلا من وراء الثوب ولا يغمز كفها) (2)، فالمصافحة حرام بين الرجل والمرأة، ويمكن للإنسان الذي يعيش في أوساط الاختلاط أو في مجتمعات غير إسلامية أن يصافح من وراء الثياب دفعاً للحرج الذي يواجهه.

 

3-حكم الخلوة بالمرأة الأجنبية:

قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم": (لا يخلونّ رجل بامرأة، فإنّ ثالثهما الشيطان) (3)، وقال الإمام جعفر الصادق "عليه السلام": فيما أخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" البيعة على النساء ... ولا يقعدن مع الرجال في الخلاء) (4)، والاختلاء يعني الانفراد في مكان خال من الناس في موضع واحد لا يصله أحد مع عدم الأمن من الفساد، لأنّ الاختلاء يۆدي إلى إثارة الشهوة وتيسير مقدمات الانحراف، وقد اعتاد البعض على ترك الأخ مع الزوجة أو ابن الأخ مع زوجة العم أو ما شابه ذلك، وهو من الأمور التي حرمتها الشريعة إلاّ في حالات الضرورة القصوى.

 

4-حكم مشي المرأة في الطريق:

من الأفضل للمرأة أن لا تمشي وسط الطريق، وإنّما في جانبه، قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم": (ليس للنساء من سروات الطريق شيء، ولكنها تمشي في جانب الحائط والطريق) (5).

 

5-حكم الدخول على النساء:

أوجب الإسلام الاستئذان في حالة دخول الرجل على المرأة، قال الإمام جعفر الصادق "عليه السلام": نهى الحبيب المصطفى "صلى الله عليه وآله وسلّم" أن يدخل الرجال على النساء إلاّ بإذنهن أو بإذن أوليائهن (6)، فالاستئذان واجب، وهو حق شخصي للمرأة من جهة، وهو يحول عن الوقوع في ما هو حرام على الرجال من جهة أخرى، فطلب الإذن يتيح للمرأة الفرصة لارتداء حجابها، وبذلك يتجنب الرجل النظرة المحرمة، ويجوز للعبيد المملوكين لمرأة معينة أو الأطفال الدخول على المرأة الدخول على المرأة المالكة في أي وقت، لأنّ الاستئذان المتكرر يولّد الحرج في مسألة الخدمة، واستثنى الإسلام ثلاث أوقات فلا يباح لهم الدخول إلاّ بعد الاستئذان، قال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ) (النور الآية 58) أما إذا بلغ الطفل الحلم فيجب عليه الاستئذان عند الدخول على أيّة امرأة وإن كانت محرمة عليه، قال تبارك وتعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا ...) (النور الآية 59)، وقال الإمام الصادق "عليه السلام" : (ومن بلغ الحلم فلا يلج على أمه ولا على أخته ولا على خالته ولا على سوى ذلك إلا بإذن)(7)، وقال أيضاً "عليه السلام" : (يستأذن الرجل إذا دخل على أبيه ولا يستأذن الأب على الابن، قال: ويستأذن الرجل على ابنته وأخته إذا كانتا متزوجتين) (8)، فالاستئذان حق يجب العمل به، لكي لا يفاجأ الداخل المرأة وهي في حالة لم تكن متهيأة لاستقباله.

 

6-حكم تشبه الرجال بالنساء والعكس:

خلق الله تعالى الإنسان ذكراً أو أنثى ووضع لكل جنس خصوصياته التي تميّزه عن غيره من الحركة والسكون، ومن الاندفاع نحو ممارسة معينة والانكماش عنها، ولذا فمن الواجب على الجنسين أن يحافظ كل منهما على خصوصياته المميزة له، في كلامه وجلوسه ومشيته ولباسه وعاداته وتقاليده، لذا حرّم الإسلام تشبّه أحد الجنسين بالجنس الآخر.

قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم": (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال) (9)، وأعراف المجتمع وتقاليده هي التي تشخص وتحدد طبيعة التشبّه، وهو قد يختلف من مجتمع لآخر ومن زمن لآخر.

 

7-حكم العلاقة مع الصبيان قبل البلوغ:

وضع الإسلام بعض الأسس والقواعد السلوكية لوقاية الإنسان من الانحراف، وتهذيب ممارساته عن طريق التمرّن والتدريب ومجاهدة النفس، لتكون له حصانة من الانزلاق، ولهذا وضع الإسلام أحكام الاستحباب والكراهة لهذا الغرض، فمن المستحسن للإنسان المسلم أن يداوم على المستحبات ويتجنب المكروهات وإن كانت جائزة، ومن هذه المكروهات التي نهى عنها الإسلام هي تقبيل الصبي من قبل المرأة وتقبيل الصبية من قبل الرجل من غير محارمه، فهو مكروه إن كان بدون شهوة، ومحرّم إن كان بشهوة، قال الإمام جعفر الصادق "عليه السلام": (إذا بلغت الجارية ستّ سنين، فلا ينبغي لك أن تقبلها)(10)، وقال الإمام الصادق "عليه السلام": (إذا بلغت الجارية ستّ سنين فلا يقبلها الغلام، والغلام لا يقبل المرأة إذا جاز سبع سنين)(11)، فمن المستحسن عدم تعويد الصبيان على هذه الممارسات، لكي لا يشبّوا عليها لأنّهم سوف لا يجدون حرجاً منها عند بلوغهم، وقد أثبت الواقع صحة ذلك، فكثير من الانحرافات عند البلوغ تكون مستشرية بين النساء أو الرجال الذين واجهوا مثل هذه الممارسات في مرحلة الصبا.(*).

المصادر:

(1) تاريخ الطبري، أحداث سنة 11هـ. والإمامة والسياسة. وتاريخ اليعقوبي.

(2) الكافي 5: 525. وجامع المقاصد 12: 44.

(3) مستدرك الوسائل 14: 266.

(4) الكافي، 5: 519.

(5) الكافي، 5: 518.

(6) الكافي، 5: 528.

(7) الكافي، 5: 529.

(8) الكافي، 5: 528.

(9) علل الشرائع، الصدوق: 602، دار إحياء التراث العربي ط2، بيروت 1385هـ.

(10) الكافي، 5: 533.

(11) وسائل الشيعة، 20: 230/ 25502.