الحكمة من الهلال (تأريخ التقويم القمري)
  • عنوان المقال: الحكمة من الهلال (تأريخ التقويم القمري)
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 14:14:35 6-10-1403

الحكمة من الهلال (تأريخ التقويم القمري)

الحكمة من الهلال

إنَّ الحكمة في الأهلَّة، هي معرفة الأوقات، وتحديد الزمن بها، ولذا حينما سأل معاذ بن جبل عن فائدة الهلال ولماذا يبدو دقيقاً كالخيط ثم يزيد حتى يستوي ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ؟
فجاء الجواب: قل هي مواقيت للناس و الحجّ، فالسؤال عن الحكمة في اختلاف حال القمر وتبدّل أمره، فأمره الله أن يجيب بأنّ الحكمة الظاهرة في ذلك أن تكون معالم للناس يوقّتون بها اُمورهم، ومعالم للعبادات المؤقتة يعرف بها أوقاتها وخصوصاً الحج، فإنّ الوقت مراعى فيه أداءً وقضاءً(1) وتوقيت الزمان والحساب من الاُمور الضروريّة للإنسان في جميع اُموره، وبه يرتّب شؤون حياته ونظام دينه; لأنّ أفعال الإنسان من الاُمور الزمانية.
إذْ أنّها واقعة في الزمان.
فالتوقيت بالعام، والشهر والاُسبوع واليوم والساعة والدقيقة، من الاُمور الضرورية للحياة الإنسانية ولذا اعتمدها الإنسان منذ القديم.
وكان أقرب الطرق إلى الإنسان وأقدمها هو قياس الزمن بالقمر ودورته الشهرية، فقد كانت الاُمم السابقة تستند استناداً أساسياً إلى التقويم القمري، وإن كان في عرض ذلك بعض التقاويم الاُخرى، كالتوقيت بطلوع نجم، أو موت إنسان عظيم، أو حادثة، ونحو ذلك، ولكنهم أساساً لم يستغنوا عن التقويم القمري كسائر التقاويم حتى عصرنا الحاضر. ويرجع ذلك إلى عدّة أسباب طبيعية ودينية.
وقد كان للجداول والتقاويم في جميع المراحل التأريخية شأن كبير لمعرفة الوحدات الفلكيّة، وهي وإن كانت مفيدة، بل أصبحت من التراث، ولكنّها لاتخلو من فوضى; لأنّ وضع أي تقويم لابدّ وأن يكون مستنداً إلى اعتبارات إمّا دينيّة أو سياسيّة أو علميّة .

تأريخ التقويم القمري:

يُعد التقويم القمري من أقدم الطرق وقد اعتمدته مجموعة من الاُمم والطوائف وإليك هذا العرض التأريخي:
1 ـ المصريون القدماء: كانوا يحسبون الزمن بواسطة القمر، قبل أن ينتقلوا إلى التقويم الشمسي، وقسّموا السنة إلى إثني عشر شهراً، وكل شهر إلى ثلاث وحدات متساوية، وكانت السنة تبتدئ عندهم في أوّل يوم من شهر (توت)، وهذا هو اليوم السادس عشر من شهر «يوليه»، ومجموع السنة عندهم (365) يوماً.
2 ـ البابليون: كان تقويمهم الخاص هو التقويم القمري، واعتمدوا عليه أشدّ من غيرهم، وكان كل شهر عندهم مكوّناً من (29) يوماً، والشهور تعقب بعضها بعضاً، ومعدل السنة عندهم (354) يوماً، ولكنهم اضافوا شهراً ثالث عشر عند كل ثمان سنوات، لاعتبارات، وقسّموا الشهر إلى أسابيع وأيام، ولكن أسابيعهم لم تكن مثل أسابيعنا، بل كان يحتّم عليه أن يكون اليوم الأوّل من كل شهر هو اليوم الأوّل من الاُسبوع، ويعزى إليهم وإنَّهم قسَّموا اليوم إلى ساعات متساوية لكل من الليل والنهار، وإن كانت الصورة الكاملة لهذه الوحدات حدثت في عصر متأخّر عنهم، ولكن لهم الشأن الكبير في علم الفلك، فقد وصفو حركات الكواكب وصفاً دقيقاً، وشرحوا ذلك في جداول حسابيّة .
3 ـ السومريون: فقد تبعوا غيرهم في التقويم القمري، إلاّ أنـّهم اعتبروا السنة من (360) يوماً، وقسَّموا اليوم الكامل إلى ست ساعات، أي: ثلاث ساعات للنهار، وثلاث اُخرى للّيل، مع اختلاف طول كل ساعة عن الاُخرى ولكنّهم أعرضوا عن ذلك، لدركهم بعدم صلاحيّة الساعات غير المتساوية.
4 ـ اليونانيون القدماء: فكان تقويمهم تقويماً قمرياً صرفاً، مع شيء من التغيير في فصول السنة.
5 ـ الرومان: فإنّ أقدم تقويم عندهم كان تقويماً قمريّاً، ولهم في ذلك بعض المراسيم التي كانت تحت سلطنة الكهنة.
6 ـ العبريون: فهم يتّبعون التقويم القمري حتّى عصرنا الحاضر، وإنّ أحد المهام الملقاة على عاتق الكهنة، هو تعيين غرّة الهلال، ووضع الأسماء للشهور.
ومن هذه النبذة التاريخية، يعلم بأنَّ التقويم القمري هو الأصل في جميع الأدوار التاريخية التي مرّت بها التقاويم لمعرفة قياس الزمن.
7 ـ المسلمون:
وقد اتبع المسل