بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي أبدأ حقائق الممكنات من أنوار آثار مشيّته، وأخترع أعيان الموجودات من أشعة مظاهر إرادته، وصور حدود الماهيّات على هياكل ما اختاروه عند إجابة دعوته، ثم أمضى عليهم بما قضى إظهاراً لسعة رحمته، وإكمالاً لتمام نعمته والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريته أبي القاسم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي جعل جوهر عبوديته كنهاً لمقام ربوبيته، وخلق ربوبيات عوالم الأنوار من أسفل مراتب عبوديته وعلى آله وأهل بيته مصابيح الدجى والمثل الأعلى الذين جعلهم الله محال مشيته وألسنة إرادته ومعادن علمه وحكمته ومخازن سرِّه ورسالته وآيات معرفته وحفاظ شيعته وشريعته. {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُون} [سورة البقرة ، الآية : ۲۷]
إن لنا أربعة عهود في أربعة مراحل:
العهد الأول : عهد مع الله تبارك وتعالى بأن نوحده ولا نشرك به شيئا.
العهد الثاني : عهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو أن نؤمن به ونصدقه وأن نتبع تعاليمه وأحكامه وشريعته وأنه جاء داعيا إلى الله ومنقذا وهاديا للعالمين كافة ومبشرا ونذيرا فرسالته (صلى الله عليه وآله وسلم) عالمية وكاملة من أول العالم إلى آخر العالم وما بعث الله الأنبياء إلا كانوا مبشرين لرسولنا الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). العهد الثالث : مع أئمتنا (عليهم الصلاة والسلام) وهو أن نواليهم ونتبع تعاليمهم بالجهاد والعمل، سواء بجهاد القلب أو اللسان أو الروح. العهد الرابع : مع نواب صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وأرواحنا له الفداء، وهم مراجعنا العظام أطال الله بقاءهم وأعلى الله كلمتهم، فهم الوارثون لأئمتنا (عليهم الصلاة والسلام) والقائمون بأحكام الله بين المؤمنين والمؤمنات، فمن أحبهم فقد أحب الله وأحب رسوله وأحب الأئمة (عليهم الصلاة والسلام) ومن أبغضهم فقد أبغض الله ورسوله والأئمة (عليهم الصلاة والسلام)، لأنهم في هذا الزمان أعني زمان الغيبة الحاملون للواء التوحيد والرسالة والولاية فهم الوكلاء لصاحب الأمر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ، ولذلك إتباع المرجع من الواجبات، فمن اتبع المرجع فقد اتبع الله ورسوله والأئمة عليهم السلام، والعياذ بالله من خالف مرجعا فهو مخالف لله ورسوله وللأئمة عليهم السلام، ومن اغتاب مرجعا فقد اغتاب الله ورسوله والأئمة عليهم الصلاة والسلام ومن استمع للغيبة فهو شريك للمستغيب لأن الاستماع للغيبة حرام، سئل الإمام الكاظم (عليه الصلاة والسلام) في حد الغيبة قال روحي له الفداء – بما معناه – من تخيل رجلاً أحول ولم يتلفظ بهذه الكلمة فهذا نوع من الغيبة، فما بالك بمن يغتاب العلماء والفقهاء والمراجع. قوله تعالى: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ} [سورة البقرة ، الآية : ۲۷] الآية الشريفة، فأمر الله هو الإتباع والطاعة والولاء والمحبة والعمل والجهاد في سبيل محمد وآل محمد عليهم السلام، والجهاد في كل عصر وفي كل زمان في نشر فضائل وتعاليم أهل البيت عليهم السلام سواء بالقلم أو اللسان أو العلم والعمل وكل بقدره واستطاعته رجالا ونساء، وأعظم الجهاد هو عدم السكوت والقعود والفرار أمام المنافقين المتلبسين بلباس الإنسانية، يجب مجاهدتهم ومعارضتهم ومخالفتهم لأن ديدنهم هو تمزيق الوحدة وزرع بذور الشر والانشقاق والتفرقة بين الجماعة الواحدة، فشغلهم الشاغل هو البهتان والغيبة والنميمة على المؤمنين والمراجع والتجاسر على نواب صاحب العصر عليه السلام، والحال أن مولانا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف يقول في حق المراجع هم حجتي عليكم، وأنا حجة الله. فالمنافقون أشر خطرا لأن هدفهم وغايتهم هو الفساد في الأرض { وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [سورة البقرة ، الآية : ۲۷] فعاقبتهم هي الخسران حيث يدخلون النار ويكونوا مصاحبين للنماردة والفراعنة، وهذا حكم الله ولا تغيير لحكم الله، اللهم اجعل عواقب أمورنا خيرا في الجهاد في سبيل الله ورسوله والأئمة المعصومين عليهم السلام، لا بالغيبة ولا بنقض العهد ولا نقض البيعة. لأن نقض العهد والبيعة هو في الواقع الخسران العظيم ولا يسدها شيء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.