السفر وآدابه في الإسلام
  • عنوان المقال: السفر وآدابه في الإسلام
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 20:58:51 6-10-1403

 يحتلّ السفر موقعاً متميّزاً في الحياة الإسلاميّة، وقد أكّدت على ضرورته وأهميّته آيات قرآنيّة عديدة وروايات ومتون دينيّة كثيرة، ذلك أنّ السفر له تأثيره الجادّ من جوانبه المختلفة في كمال الإنسان.
ومن الحِكم التي استبطنها تأكيد الإسلام على السفر: الآثار الايجابيّة التي تعود على المسافر خلال حركته في بلاد الله العريضة، ذلك أنّ دراسة الآثار التاريخيّة وأخذ العِبَر من آثار الأقوام السالفة الغابرة، والتفكّر في أسرار الخلقة، والتعرّف على آيات الله عزّوجلّ لها عميق الأثر في تنمية القوى الفكريّة والعقليّة البشريّة، وفي اكتساب الإنسان لمزيد من العِلم والخبرة والتجربة التعرّف على آداب وعادات وتقاليد الأمم الأخرى، إضافة إلى إسهام السفر في تقوية سلامة الفرد بدنيّاً وروحيّاً.
وقد حاولنا خلال هذا البحث تقديم تقسيم موجز للأسفار الممدوحة في نظر الإسلام، أعقبناه بتوضيحات لأهمّ تلك الأسفار، مع بيان لآداب السفر في الإسلام، ودعمنا بحثنا بجملة من الآيات القرآنيّة والروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام، وصولاً إلى إظهار الأهميّة التي يحتلّها السفر في الحياة الفردية والاجتماعيّة.

 

أنواع الأسفار في التقسيم الإسلاميّ

يقسّم الإسلام الأسفار النافعة إلى عدّة أقسام:
1 ـ الأسفار الدينيّة: تنقسم الأسفار الدينيّة والمعنويّة إلى عدّة أقسام، من أهمّها:
أ ـ أسفار الزيارة، كزيارة بيت الله الحرام ( السفر لأداء فريضة الحجّ والعمرة )، وزيارة البقاع والعتبات المقدّسة، وزيارة قبور الأولياء والصالحين والمؤمنين.
ب ـ السفر لصلة الرحم وزيارة الأقارب والأصدقاء وعيادة المرضى.
ج ـ السفر لنشر الدين وإرشاد الناس، والسفر لإقامة وتعظيم الشعائر الدينيّة.
د ـ السفر للتفكّر في آيات الله تعالى، والتعرف على ظواهر الطبيعة من أجل الاعتبار.
هـ ـ السفر للجهاد في سبيل الله عزّوجلّ وإنقاذ المظلومين ومحاربة الظلم والجور.
و ـ السفر من أجل الهجرة من المجتمع الظالم الفاسد الذي تتعذّر فيه سُبل الجهاد بالنسبة للفرد المسلم، والذي يخشى فيه على حياته ودينه.
ز ـ السفر لأداء أعمال الخير، كرفد الأيتام ومعونتهم، ومساعدة المستضعفين.
2 ـ الأسفار العلميّة والتحقيقيّة: السفر من أجل كسب العلم أو نشره من جملة الأسفار العلميّة، وهذه الأسفار التي تتضمّن أهدافاً دينيّة ومعنويّة ولها هدف مقدّس من جملة الأسفار التي تُعدّ في نظر الإسلام عبادة. وقد أكّدت الآيات والروايات على هذا النوع من الأسفار وذكرت له ثواباً كبيراً وأجراً وافراً.
3 ـ الأسفار التجاريّة والاقتصاديّة: وهي الأسفار التي تحصل من أجل تأمين العيش والتجارة وجَنْي الربح المشروع.
4 ـ الأسفار السياحيّة: وهي الأسفار التي تستهدف مشاهدة الآثار التاريخيّة والتعرّف على ثقافات الأمم الأخرى وآدابها، ومشاهدة مناظر الطبيعة الجميلة وعجائبها.
5 ـ الأسفار السياسيّة والدبلوماسيّة: وهي الأسفار التي تحصل من أجل تقوية أمور المسلمين والمجتمع الإسلاميّ، وإقرار الارتباط السياسيّ للمسلمين مع باقي الأمم.
6 ـ أسفار النزهة: وهي الأسفار التي تحصل من أجل ايجاد تغيير في نمط الحياة اليومية الرتيبة، ورفع التعب البدني والروحيّ الذي قد يعرض للإنسان نتيجة الرتابة والعمل المرهق المستمرّ.

 

• الأسفار العلميّة

أكّد الدين الإسلاميّ على أمر طلب العِلم، فعدّه فريضة على جميع المسلمين رجالاً ونساءً، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: طَلَبُ العِلم فريضة على كلّ مسلم. ألا إنّ الله يحبّ بُغاة العلم(1).
وقال صلّى الله عليه وآله: اطلبوا العِلم ولَو بالصين(2).
ويدلّل كلام النبيّ المرسل صلّى الله عليه وآله أنّ على المسلمين أن يَسْعَوا إلى طلب العلم، وأن يشدّوا لأجله الرحال إلى أقاصي البلاد، وأنّ عليهم اغتنام الحكمة حيثما وجدوها، ولو كانت في أيدي الكفّار، فقد قال صلّى الله عليه وآله: كلمةُ الحكمة ضالّةُ المؤمن، فحيثُ وَجَدها فهو أحقُّ بها(3).
وقال أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام في هذا الشأن: الحكمةُ ضالّةُ المؤمن، فخُذ الحكمة ولَو مِن أهل النفاق(4).
وقال أمير المؤمنين عليه السّلام: خُذوا الحكمة ولو من المشركين(5).
ولا يشترط الإسلام في طالب العلم سنّاً خاصّة، بل يشمل أمره في طلب العلم الأعمار كافّة؛ فقد جاء عن أمير المؤمنين عليه السّلام: اطلُبوا العِلم من المَهد إلى اللَّحد(6).
وقال عليه السّلام:... ألا وإنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال، إنّ المال مقسوم مضمونٌ لكم، قد قسّمه عادلٌ بينكم وضَمِنَه وسَيَفي لكم، والعِلم مخزون عند أهله، وقد أُمرتم بطلبه من أهله، فاطلبوه(7).
وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: مَن خرج من بيته يطلب عِلماً شيّعه سبعون ألفَ مَلَك يستغفرون له(8).
وقال الإمام الصادق عليه السّلام في بيان أهميّة طلب العلم:
لو عَلِم الناسُ ما في العِلم لطلبوه ولو بسَفْك المُهَج، وخَوض اللُّجَج(9).
وقد أكّدت آيات القرآن الكريم والروايات الواردة عن الأئمّة المعصومين عليهم السّلام على الأمر بالهجرة والمسافرة طلباً للعِلم، ونوّهت بالنتائج الهمّة التي تتمخّض عنها مثل هذه الأسفار العلميّة. قال تعالى فلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائفةٌ لِيَتفَقّهوا في الدِّينِ ولِيُنذِروا قَومَهُم إذا رَجَعوا إلَيهم لَعلَّهُم يَحْذَرون (10).
وفي هذه الآية الكريمة نقطة مهمّة، هي أنّه لا يجوز لجميع المؤمنين أن ينفروا إلى الجهاد كافّةً، بل عليهم أن يبعثوا من كلّ مدينة طائفةً منهم إلى المدينة المنوّرة ليتعلّموا من الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وصحابته الأوفياء معالمَ دينهم ويتفقّهوا، فإذا عادوا إلى مُدنهم وقُراهم بَثُّوا المعارف المهمّة التي اكتسبوها بين أفراد قومهم، وصولاً إلى ارتفاع مستوى التقوى بين المؤمنين. ويُقصَد بالتفقّه في الدِّين فهمُ المعارف الدينيّة من الأصول والفروع، ولا يقصد منها خصوص معرفة الأحكام العمليّة التي يُصطلح عليها بـ « الفقه »(11).
وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: أُفٍّ لكلّ مسلم لا يجعل في كلّ جُمعة(12) يوماً يتفقّه فيه أمرَ دِينه، ويسأل عن دينه(13).
وروي عن الإمام الصادق عليه السّلام، قال: لا يَسَعُ الناسَ حتّى يسألوا أو يتفقّهوا(14).
وقد رُوي في تفسير الآية الكرية التي تطرّقنا إلى ذكرها ( الآية 122 من سورة التوبة ) عن الإمام الباقر عليه السّلام قال: كان هذا حين كَثُر الناس، فأمَرَهُم اللهُ أن تَنفِر منهم طائفةٌ وتُقيمَ طائفةٌ للتفقّه، وأن يكون الغزو نُوَباً(15).
وروى الكلينيّ في الكافي عن أبي الحسن موسى الكاظم عليه السّلام، قال: دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله المسجد، فإذا جماعة قد أطافوا برجل، فقال صلّى الله عليه وآله: ما هذا ؟
فقيل: علاّمة.
فقال: وما العلاّمة ؟
فقالوا له: أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها وأيّام الجاهليّة والأشعار العربيّة!
قال: فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: ذاك عِلمٌ لا يَضُرّ مَن جَهِلَه، ولا يَنفَعُ مَن عَلِمَه.
ثمّ قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: إنّما العلم ثلاثة: آيةٌ مُحكَمة، أو فريضةٌ عادلة، أو سُنّةٌ قائمة، وما خلاهُنّ فهو فضل(16) ( أي: زيادة ).

 

فضل العالم على العابد غير العالم

وروى الكلينيّ بإسناده عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: عالمٌ يُنتَفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد(17).
فضل طلب العلم
وروى المجلسيّ عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، قال: الشاخص في طلب العلم كالمجاهد في سبيل الله. إنّ طلب العلم فريضة على كل مسلم، وكم مِن مؤمنٍ يخرج من منزله في طلب العلم فلا يرجع إلاّ مغفوراً(18).
• السفر لأداء فريضة الحجّ
افترض الله تبارك وتعالى على كلّ مسلم مُستطيع أن يحجّ إلى بيت الله الحرام مرّة واحدة في عمره، فقال تعالى وللهِ علَى الناسِ حِجُّ البَيتِ مَنِ استطاعَ إلَيهِ سَبيلاً (19). وقد أدّى رسول الله صلّى الله عليه وآله هذه الفريضة عدّة مرّات في حياته الشريفة، كانت آخرها حجّة الوداع.
وترجع جذور هذه الفريضة الإلهيّة المهمّة إلى أيّام إبراهيم الخليل عليه السّلام الذي وضع مع ابنه إسماعيل أُسسَ البيت الحرام ورَفَعا جدرانَه بأمر الله عزّوجلّ، ثمّ أضحى بيتُ الله مَهوىً تهوي إليه الأفئدة وتُشدّ إليه الرحال من أصقاع الأرض، تلبيةً للنداء الإلهيّ: « وأذِّنْ في الناسِ بالحجِّ يأتُوكَ رِجالاً وعلى كلِّ ضامِرٍ يأتِينَ مِن كلِّ فَجٍّ عميق (20).
والحقّ أنّ الحجّ يمثّل تظاهرة رائعة هادفة للقلوب المؤمنة التي لبّت نداء ربّها فهجرت الدنيا بكلّ زخارفها وزِبرِجها، وهرعت مستجيبة لنداء إبراهيم الخليل عليه السّلام، في مسيرة موحّدة، تتعانق فيها القلوب والآمال والتطلّعات بين أفراد من بلاد شتّى وشعوب مختلفة يجمع بينهم توحيد الله تعالى والإقرار له بالعبوديّة ولنبيّه بالرسالة، وهم لذلك ضيوف الرحمان؛ والله تعالى هو ربّ البيت الذي يُكرم ضيوفه بألوان الكرم والمغفرة والمواهب.

 

• السفر من أجل حفظ الدين

الهجرة من أجل حفظ الدين وصيانته، من الأسفار التي حثّ عليها القرآن الكريم. وهي سُنّة فعلها واختطّها أنبياء الله عزّوجل ورُسله. وأعظِم بالهجرة التي تصفها الآية الكريمة: « ومَن يَخرُجْ مِن بَيتِه مُهاجراً إلىَ اللهِ ورسُولهِ ثمّ يُدرِكْهُ المَوتُ فقد وَقَعَ أجرُهُ علَى الله (21).
وقد بيّنت الآيات الكريمة أهميّة هذه الهجرة من المجتمع الذي يخضع لروابط ظالمة تُعيق حركة المؤمن التكامليّة وتحاول مصادرة دينه وإيمانه منه؛ قال تبارك وتعالى: والذينَ هاجَروا في اللهِ مِن بعدِ ما ظُلِموا لَنُبوِّئنّهُم في الدنيا حَسَنةً ولاَجْرُ الآخرةِ أكبَرُ (22).
ويقيناً أنّ المسلم الذي يُهاجر إلى الله تعالى فارّاً بدينه وعقيدته من المجتمع الظالم الكافر سيجد اللهَ تعالى قد صَدَقه وعدَه وأعانه على دُنياه، ذلك أنّه عزّوجل وعد عبادَه الصالحين: « مَن يُهاجِرْ في سبيلِ اللهِ يَجِدْ في الأرضِ مُراغَماً كثيرةً وسَعَةً (23).
•السفر الاضطراريّ
قد يُضطرّ الإنسان إلى السفر إثر حادث طبيعيّ أو شيوع أمراض سارية، فيُغادر وطنه أو مدينته ويُسافر إلى مكان آخر طلباً للأمان. وقد صوّر القرآن الكريم قصّة قوم فرّوا من ديارهم خوفاً من الموت، في قوله تعالى: « ألَمْ تَرَ إلَى الّذينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهم وَهُم أُلوفٌ حَذَرَ الموتِ فقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتوا ثمّ أحياهم (24).
وروى الطبرسي في الاحتجاج عن الإمام الصادق عليه السّلام قصّة هؤلاء القوم، حيث قال عليه السّلام في حديث: أحيا اللهُ قوماً خرجوا من أوطانهم هاربين من الطاعون لا يُحصى عددُهم، فأماتهم اللهُ دهراً طويلاً حتّى بَلِيَت عِظامُهم وتَقَطّعت أوصالُهم وصاروا تُراباً، فبَعَث الله في وقتٍ أحبّ أن يُريَ خَلْقَه نبيّاً يُقال له « حِزْقِيل »، فدعاهم فاجتمعت أبدانُهم ورجعت فيها أرواحهم، وقاموا كهيئتهم يوم ماتوا، لا يفتقدون في أعدادهم رَجُلاً، فعاشوا بعد ذلك طويلاً(25).
وروى الكليني عن الإمام الباقر عليه السّلام أنّ هؤلاء أهلُ مدينة من مدائن الشام، وكان عددهم سبعين ألف، وكانوا إذا وقع الطاعون وأحسّوا به، خرج من المدينة الأغنياء لقوّتهم، وبقي فيها الفقراء لضعفهم، فكان الموت يكثر في الذين أقاموا ويقلّ في الذين خرجوا، فيقول الذين خرجوا: لو كنّا أقَمْنا لَكَثُر فينا الموت! ويقول الذين أقاموا: لو كنّا خَرَجْنا لَقلَّ فينا الموت!
قال: فاجتمع رأيهم جميعاً أنّه إذا وقع الطاعون وأحسّوا به خرجوا كلّهم من المدينة، فلمّا أحسّوا بالطاعون خرجوا جميعاً وتَنَحّوا عن الطاعون حذَرَ الموت، فسافروا في البلاد ما شاء الله، ثمّ إنّهم مرّوا بمدينة خَرِبة قد جلا أهلُها عنها وأفناهم الطاعون فنزلوا بها، فلمّا حطّوا رحالهم واطمأنّوا قال لهم الله عزّوجلّ: « مُوتوا جميعاً »، فماتوا من ساعتهم وصاروا رميماً يلوح. وكانوا على طريق المارّة، فكنسهم المارّة ونَحَّوهم وجمعوهم في موضع، فمرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يُقال له « حِزقيل »، فلمّا رأى تلك العظام بكى واستعبر، وقال: ربِّ، لو شئتَ لأحييتَهم الساعةَ كما أمتَّهم، فعَمروا بلادك، ووَلَدوا عبادك، وعبدوك مع مَن يعبدك مِن خلقك. فأوحى الله إليه: أفتُحبّ ذلك ؟ قال: نعم يا ربّ. فأحياهم الله(26).

 

• الأسفار المحرّمة والمكروهة

على الرغم من الأهميّة التي أولاها الإسلام لأمر السفر والسير في الأرض، لكنّه ـ في المقابل ـ نهى عن بعض الأسفار إذا كانت من أجل أمر مُحرّم، أو إذا تضمّنت ارتكاب أمر محرّم، أو إذا أضرّت بدِين المسلم وعقيدته.
ومن الأسفار المحرّمة في نظر الشرع:
1 ـ السفر من أجل أمر محرّم.
2 ـ السفر للّهو والفساد.
3 ـ السفر فراراً من الواجبات، عدا السفر في شهر رمضان أو قبله فراراً من الصيام، وبالطبع فإنّ الصوم قضاءً سيبقى في ذمّة ذلك الشخص، ناهيك عن فوات الأجر الكبير في صوم شهر رمضان المبارك.
4 ـ سفر المرأة بدون إذن زوجها، إذا لم يكن ذلك السفر واجباً عليها شرعاً، كسفر الحج الواجب.
5 ـ سفر الابن إذا نهاه والداه، إذا لم يكن سفره واجباً شرعاً.
6 ـ السفر فراراً من الجهاد.

 

آداب السفر في الإسلام

وردت في الروايات المنقولة عن أهل البيت عليهم السّلام جملة من الآداب المتعلّقة بآداب السفر، منها:
1 ـ إعلام الإخوان
روى الكليني عن الإمام الصادق عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: حقّ على المسلم إذا أراد سفراً أن يُعلِم إخوانَه؛ وحقّ على إخوانهِ إذا قَدِم أن يأتُوه(27).
2 ـ الأوقات المستحبّة للسفر
روى الطبرسيّ عن الإمام الصادق عليه السّلام قال: مَن أراد سفراً فليُسافِر في يوم السبت، فلو أنّ حَجَراً زال عن جبلٍ في يوم السبت لَردّه الله تعالى إلى مكانه.
ومن تعذّرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء؛ فإنّه اليوم الذي ألانَ اللهُ فيه الحديدَ لدواد عليه السّلام(28).
وروى الطبرسيّ أنّ أبا أيّوب الخزّاز سأل الإمامَ الصادق عليه السّلام عن قول الله عزّوجلّ: « فإذا قُضِيَتِ الصلاةُ فانتَشِروا في الأرضِ وابتَغُوا مِن فَضلِ الله (29)، فقال: الصلاة يوم الجمعة، والانتشار يوم السبت(30).
3 ـ افتتاح السفر بالصدقة
روى الصدوق عن الحلبي، عن أبي عبدالله الصادق عليه السّلام، قال: افتتحْ سَفَركَ بالصَّدقة، واقرأ آية الكرسيّ إذا بدا لك(31).
وروى الطبرسيّ عن عبدالرحمان بن الحجّاج، عن الإمام الصادق عليه السّلام، قال: تَصدَّقْ واخرُجْ أيَّ يومٍ شئتَ(32).
4 ـ في الدعاء عند السفر
روى الطبرسيّ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: ما استخلفَ رجلٌ على أهله بخلافةٍ أفضل من ركعتَين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفره، ويقول عند التوديع: « اللهمَّ إنّي أستودعُكَ اليومَ دِيني ونفسي ومالي وأهلي وولدي وجيراني وأهل حُزانتي(33)، الشاهد منّا والغائب، وجميعَ ما أنعمتَ به عليَّ. اللهمَّ اجعَلْنا في كَنَفِكَ ومَنْعِك وعياذِك وعزِّك. عَزَّ جارُك، وجَلّ ثناؤك، وامتنع عائذُك، ولا إله غيرُك. توكّلتُ على الحيّ الذي لا يموت، الله الذي لم يتّخذ ولداً، ولم يكن له شريكٌ في المُلك، ولم يكن له وليٌّ من الذُّلّ وكَبِّره تكبيراً. الله أكبر كبيراً، والحمدُ لله كثيراً، وسُبحان الله بُكرةً وأصيلاً(34).
وروى الطبرسي عن الإمام الصادق عليه السّلام، أنّه كان إذا وضع رِجله في الرِّكاب يقول: « سُبحانَ الذي سَخَّر لنا هذا وما كُنّا له مُقرِنين (35). ويُسبحّ اللهَ سبعاً، ويحمد اللهَ سبعاً، ويُهلّل اللهَ سبعاً(36).
5 ـ أحكام العِشرة في السفر والحضر
روى الحرّ العاملي عن معاوية بن وهب أنّه سأل الإمامَ الصادق عليه السّلام فقال: كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وبين خُلطائنا من الناس ممّن ليسوا على أمرنا ؟
فقال عليه السّلام: تنظرون إلى أئمّتكم الذين تقتدون بهم، فتصنعون ما يصنعون. فواللهِ إنّهم لَيعودون مرضاهم، ويَشهدون جنائزهم، ويُقيمون الشهادة لهم وعليهم، ويُؤدّون الأمانة إليهم(37).
وروى الطبرسي عن أبي ربيع الشاميّ، قال: كنّا عند أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام والبيت غاصٌّ بأهله، فقال عليه السّلام: ليس منّا من لم يُحسن صُحبةَ مَن صَحِبَه، ومُرافقةَ مَن رافَقَه، ومُمالَحةَ مَن مالَحَه، ومخالقةَ مَن خالقه(38).
6 ـ كراهية الوحدة في السفر
روى الطبرسي عن الإمام الصادق عليه السّلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله:
ألا أُنبئكم بشرّ الناس ؟
قالوا: بلى، يا رسول الله.
قال: مَن سافر وحدَه، ومنع رِفدْ، وضَرَب عبدَه(39).
7 ـ في الدعاء عند نزول منزل
روى الطبرسيّ أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، إذا نزلتَ منزلاً فقُل: « ربِّ أنزِلْني مُنزَلاً مُبارَكاً وأنتَ خيرُ المُنزِلين (40)(41).
8 ـ في الدعاء عند الرجوع من السفر
روي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال ـ لمّا رجع من خيبر:
« آئبون تائبون إن شاء الله، عابدون راكعون ساجدون لربّنا حامدون. اللهمَّ لك الحمدُ على حِفظكَ إيّايَ في سَفَري وحَضَري. اللهمَّ اجْعَل أوبَتي هذه مباركةً ميمونةً مقرونةً نَصُوحاً تُوجب لي بها السعادةَ الأبديّة يا أرحم الراحمين(42).

 

في نوادر السفر

روى البرقي في المحاسن أنّه ذُكر عند النبيّ صلّى الله عليه وآله رجل فقيل له: خير. قالوا: يا رسول الله، خرج معنا حاجّاً، فإذا نزلنا لم يَزَل يُهلّل حتّى نرتحل؛ فإذا ارتحلنا لم يَزَل يذكر اللهَ حتّى ننزل.
فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: فمَن كان يكفيه علفَ ناقته وصُنعَ طعامه ؟
قالوا: كلُّنا.
فقال صلّى الله عليه وآله: كلُّكم خيرٌ منه(43).
1 ـ الكافي للكلينيّ 35:1؛ المحجّة البيضاء للكاشاني 43:1؛ بحار الأنوار للمجلسيّ 172:1 و 177.
2 ـ مشكاة الأنوار للطبرسيّ 342:1؛ المحجّة البيضاء 21:1.
3 ـ بحار الأنوار للمجلسي 99:2.
4 ـ نهج البلاغة، الحكمة 77؛ بحار الأنوار 99:2.
5 ـ مشكاة الأنوار 340:1؛ بحار الأنوار 97:2.
6 ـ نهج البلاغة، الحكمة 64.
7 ـ الكافي 30:1، مشكاة الأنوار 348:1.
8 ـ بحار الأنوار 170:1.
9 ـ بحار الأنوار للمجلسيّ 177:1.
10 ـ التوبة:122.
11 ـ انظر في هذا الصدد كتاب: تفسير الميزان للسيّد الطباطبائي 349:18.
12 ـ أي في كلّ أسبوع.
13 ـ بحار الأنوار 176:1.
14 ـ بحار الأنوار 176:1.
15 ـ تفسير مجمع البيان للطبرسيّ 126:5.
16 ـ الكافي للكليني 32:1 / ح 1.
17 ـ الكافي للكليني 33:1 / ح 8.
18 ـ بحار الأنوار للمجلسيّ 179:1.
19 ـ آل عمران:97.
20 ـ الحجّ:27.
21 ـ النساء:100.
22 ـ النحل:41.
23 ـ النساء:100.
24 ـ البقرة:243.
25 ـ تفسير الميزان للطباطبائيّ 295:1 ـ نقلا عن الاحتجاج.
26 ـ بحار الأنوار للمجلسيّ 214:5؛ تفسير البرهان للبحراني 233:1.
27 ـ وسائل الشيعة للحرّ العاملي 329:5 / ح 1.
28 ـ مكارم الأخلاق للطبرسي 514:1 / ح 1785.
29 ـ الجمعة:10.
30 ـ مكارم الأخلاق 515:1 / ح 1794.
31 ـ من لا يحضره الفقيه للصدوق 175:2 / ح 782.
32 ـ مكارم الأخلاق 520:1 /ح 1809.
33 ـ الحُزانة: عيال الرجل الذين يتحزّن بأمرهم ولهم.
34 ـ مكارم الأخلاق 524:1 / ح 1826.
35 ـ الزخرف:13.
36 ـ مكارم الأخلاق 528:1 / ح 1836.
37 ـ وسائل الشيعة 399:5 / ح 3.
38 ـ مكارم الأخلاق 533:1/ ح 1847.
39 ـ مكارم الأخلاق 550:1 / ح 1897.
40 ـ المؤمنون:29.
41 ـ مكارم الأخلاق 552:1 / ح 1906.
42 ـ مكارم الأخلاق للطبرسيّ 553:1 / ح 1907.
43 ـ مكارم الأخلاق 564:1 / ح 1954.