سودة بنت عمارة الهمدانية
  • عنوان المقال: سودة بنت عمارة الهمدانية
  • الکاتب: أشعار نت
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 9:32:48 20-9-1403

(أشعار نت)

 سوده بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية ، شاعرة من شواعر العرب ، ذات فصاحة وبيان ، وهي من شيعة علي (عليه السلام) ، والحاضرات معه في صفّين . جاهدت بلسانها، وقالت كلمة الحقّ أمام السطان الجائر معاوية بن أبي سفيان .

 قال ابن طيفور في بلاغات النساء : قال أبو موسى بن مهران : حدّثني محمد بن عبيد الله الخزامي ، يذكره عن الشعبي . ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله ، قال : استأذنت سوده بنت عمارة بن الأسك الهمدانية على معاوية فأذن لها ، فلما دخلت عليه قال : هيه يا بنت الأسك ألست القائلة يوم صفين :

شمّر  كفعل أبيك يا بن iiعمارة      يـوم  الطعان وملتقى iiالأقران
واُنصر علياً والحسين ورهطه      واقـصد  لـهند وابنها iiبهوان
إنّ  الإمـام أخـا النبي iiمحمد      عـلم الـهدى ومنارة iiالإيمان
فـقد الجيوش وسر أمام iiلوائه      قـدما بـأبيض صارم iiوسنان

 قالت : أي والله ما مثلي من رغب عن الحقّ أو اعتذر بالكذب .

 قال لها : فما حملك على ذلك ؟ .

 قالت : حبّ علي (عليه السلام) ، وإتباع الحقّ .

 قال : فو الله لا أرى عليك من أثر عليّ شيئاً .

 قالت : أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة ما مضى ، وتذكار ما قد نسي .

 قال : هيهات ، ما مثل مقام أخيك ينسى ، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك .

 قالت : صدق قولك ، لم يكن أخي ذميم المقام ولا خفي المكان ، كان والله كقول الخنساء :

 وإنّ صخراً لتأتم الهداة به      كـأنّه عـلم في رأسه iiنار

قال : صدقت ، لقد كان كذلك .

فقالت : مات الرأس وبتر الذنب ، وبالله أسأل إعفائي مما استعفيت منه .

قال : قد فعلت ما حاجتك ؟ .

 قالت : إنّك أصبحت للناس سيداً ولأمرهم متقلداً ، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقنا ، ولا تزال تقدم علينا من ينوء بعزّك ويبسط بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسلبنا الجليلة .

هذا بُسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك ، فقتل رجالي ، وأخذ مالي ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة . فإمّا عزلته عنّا فشكرناك ، وإمّا لا فعرفناك .

 فقال معاوية : أتهددني بقومك ، لقد هممت أن أحملك على قتب  أشرس ، فأردك إليه ينفذ حكمه فيك .

 فأطرقت تبكي ، ثُمّ أنشأت تقول :

صلى  الإله على جسم iiتضمنه      قـبر فأصبح فيه العدل iiمدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به ثمناً      فصار  بالحقّ والإيمان iiمقرونا

 قال لها معاوية : ومن ذاك ؟ .

 قالت : علي بن أبي طالب .

قال : وما صنع بك حتى صار عندك كذلك ؟ .

قالت : قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا فكان بيني وبينه ما بين الغث  والسمين ، فأتيت علياً (عليه السلام) لأشكو إليه ما صنع بنا ، فوجدته قائماً يصلي ، فلما نظر إلي أنفتل من صلاته ، ثُمّ قال لي برأفة وتعطف : ( ألك حاجة  ؟ فأخبرته الخبر ، فبكى ثُمّ قال : اللهمّ أنت الشاهد عليّ وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك  .

 ثُمّ أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب فكتب فيها :  بسم الله الرحمن الرحيم ( قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) ، (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) ، إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك عن عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام ) .

 فأخذته منه ، والله ما ختمه بطين ولا خزمه  بخزام فقرأته .

 فقال لها معاوية : لقد لمظكم  ابن أبي طالب على السطان فبطيئاً ما تفطمون ، ثُمّ قال : اكتبوا لها بردّ مالها والعدل إليها .

 قالت : ألي خاصة ، أم لقومي عامة ؟ .

 قال : وما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله إذاً الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ فأنا كسائر قومي .

 قال : أكتبوا لها ولقومها  .

 وروى ذلك أيضاً ابن عبد ربه ـ في العقد الفريد ضمن الوافدات على معاوية ـ عن عامر الشعبي . وفيه :

 فقال معاوية : اكتبوا لها بالإنصاف لها والعدل عليها .

 فقالت : ألي خاصة أم لقومي عامة ؟ .

 قال : ما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ يسعني ما يسع قومي .

 قال : هيهات ! لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان ، فبطيئاً ما تفطمون ، وغرّكم قوله :

فلو كنت بوابا على باب جنة      لـقلت  لهمدان ادخلوا بسلام

وقوله :

ناديت همدان والأبواب iiمغلقة      ومثل همدان سني فتحة الباب
كـالهندواني لم تفلل iiمضاربه      وجه جميل وقلب غير iiوجّاب

 اكتبوا لها بحاجتها .

سوده بنت عمارة الهمدانية

(أشعار نت)

 

 سوده بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية ، شاعرة من شواعر العرب ، ذات فصاحة وبيان ، وهي من شيعة علي (عليه السلام) ، والحاضرات معه في صفّين . جاهدت بلسانها، وقالت كلمة الحقّ أمام السطان الجائر معاوية بن أبي سفيان .

 قال ابن طيفور في بلاغات النساء : قال أبو موسى بن مهران : حدّثني محمد بن عبيد الله الخزامي ، يذكره عن الشعبي . ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله ، قال : استأذنت سوده بنت عمارة بن الأسك الهمدانية على معاوية فأذن لها ، فلما دخلت عليه قال : هيه يا بنت الأسك ألست القائلة يوم صفين :

شمّر  كفعل أبيك يا بن iiعمارة      يـوم  الطعان وملتقى iiالأقران
واُنصر علياً والحسين ورهطه      واقـصد  لـهند وابنها iiبهوان
إنّ  الإمـام أخـا النبي iiمحمد      عـلم الـهدى ومنارة iiالإيمان
فـقد الجيوش وسر أمام iiلوائه      قـدما بـأبيض صارم iiوسنان

 قالت : أي والله ما مثلي من رغب عن الحقّ أو اعتذر بالكذب .

 قال لها : فما حملك على ذلك ؟ .

 قالت : حبّ علي (عليه السلام) ، وإتباع الحقّ .

 قال : فو الله لا أرى عليك من أثر عليّ شيئاً .

 قالت : أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة ما مضى ، وتذكار ما قد نسي .

 قال : هيهات ، ما مثل مقام أخيك ينسى ، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك .

 قالت : صدق قولك ، لم يكن أخي ذميم المقام ولا خفي المكان ، كان والله كقول الخنساء :

 وإنّ صخراً لتأتم الهداة به      كـأنّه عـلم في رأسه iiنار

قال : صدقت ، لقد كان كذلك .

فقالت : مات الرأس وبتر الذنب ، وبالله أسأل إعفائي مما استعفيت منه .

قال : قد فعلت ما حاجتك ؟ .

 قالت : إنّك أصبحت للناس سيداً ولأمرهم متقلداً ، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقنا ، ولا تزال تقدم علينا من ينوء بعزّك ويبسط بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسلبنا الجليلة .

هذا بُسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك ، فقتل رجالي ، وأخذ مالي ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة . فإمّا عزلته عنّا فشكرناك ، وإمّا لا فعرفناك .

 فقال معاوية : أتهددني بقومك ، لقد هممت أن أحملك على قتب  أشرس ، فأردك إليه ينفذ حكمه فيك .

 فأطرقت تبكي ، ثُمّ أنشأت تقول :

صلى  الإله على جسم iiتضمنه      قـبر فأصبح فيه العدل iiمدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به ثمناً      فصار  بالحقّ والإيمان iiمقرونا

 قال لها معاوية : ومن ذاك ؟ .

 قالت : علي بن أبي طالب .

قال : وما صنع بك حتى صار عندك كذلك ؟ .

قالت : قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا فكان بيني وبينه ما بين الغث  والسمين ، فأتيت علياً (عليه السلام) لأشكو إليه ما صنع بنا ، فوجدته قائماً يصلي ، فلما نظر إلي أنفتل من صلاته ، ثُمّ قال لي برأفة وتعطف : ( ألك حاجة  ؟ فأخبرته الخبر ، فبكى ثُمّ قال : اللهمّ أنت الشاهد عليّ وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك  .

 ثُمّ أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب فكتب فيها :  بسم الله الرحمن الرحيم ( قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) ، (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) ، إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك عن عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام ) .

 فأخذته منه ، والله ما ختمه بطين ولا خزمه  بخزام فقرأته .

 فقال لها معاوية : لقد لمظكم  ابن أبي طالب على السطان فبطيئاً ما تفطمون ، ثُمّ قال : اكتبوا لها بردّ مالها والعدل إليها .

 قالت : ألي خاصة ، أم لقومي عامة ؟ .

 قال : وما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله إذاً الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ فأنا كسائر قومي .

 قال : أكتبوا لها ولقومها  .

 وروى ذلك أيضاً ابن عبد ربه ـ في العقد الفريد ضمن الوافدات على معاوية ـ عن عامر الشعبي . وفيه :

 فقال معاوية : اكتبوا لها بالإنصاف لها والعدل عليها .

 فقالت : ألي خاصة أم لقومي عامة ؟ .

 قال : ما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ يسعني ما يسع قومي .

 قال : هيهات ! لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان ، فبطيئاً ما تفطمون ، وغرّكم قوله :

فلو كنت بوابا على باب جنة      لـقلت  لهمدان ادخلوا بسلام

وقوله :

ناديت همدان والأبواب iiمغلقة      ومثل همدان سني فتحة الباب
كـالهندواني لم تفلل iiمضاربه      وجه جميل وقلب غير iiوجّاب

 اكتبوا لها بحاجتها .

سوده بنت عمارة الهمدانية

(أشعار نت)

 

 سوده بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية ، شاعرة من شواعر العرب ، ذات فصاحة وبيان ، وهي من شيعة علي (عليه السلام) ، والحاضرات معه في صفّين . جاهدت بلسانها، وقالت كلمة الحقّ أمام السطان الجائر معاوية بن أبي سفيان .

 قال ابن طيفور في بلاغات النساء : قال أبو موسى بن مهران : حدّثني محمد بن عبيد الله الخزامي ، يذكره عن الشعبي . ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله ، قال : استأذنت سوده بنت عمارة بن الأسك الهمدانية على معاوية فأذن لها ، فلما دخلت عليه قال : هيه يا بنت الأسك ألست القائلة يوم صفين :

شمّر  كفعل أبيك يا بن iiعمارة      يـوم  الطعان وملتقى iiالأقران
واُنصر علياً والحسين ورهطه      واقـصد  لـهند وابنها iiبهوان
إنّ  الإمـام أخـا النبي iiمحمد      عـلم الـهدى ومنارة iiالإيمان
فـقد الجيوش وسر أمام iiلوائه      قـدما بـأبيض صارم iiوسنان

 قالت : أي والله ما مثلي من رغب عن الحقّ أو اعتذر بالكذب .

 قال لها : فما حملك على ذلك ؟ .

 قالت : حبّ علي (عليه السلام) ، وإتباع الحقّ .

 قال : فو الله لا أرى عليك من أثر عليّ شيئاً .

 قالت : أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة ما مضى ، وتذكار ما قد نسي .

 قال : هيهات ، ما مثل مقام أخيك ينسى ، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك .

 قالت : صدق قولك ، لم يكن أخي ذميم المقام ولا خفي المكان ، كان والله كقول الخنساء :

 وإنّ صخراً لتأتم الهداة به      كـأنّه عـلم في رأسه iiنار

قال : صدقت ، لقد كان كذلك .

فقالت : مات الرأس وبتر الذنب ، وبالله أسأل إعفائي مما استعفيت منه .

قال : قد فعلت ما حاجتك ؟ .

 قالت : إنّك أصبحت للناس سيداً ولأمرهم متقلداً ، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقنا ، ولا تزال تقدم علينا من ينوء بعزّك ويبسط بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسلبنا الجليلة .

هذا بُسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك ، فقتل رجالي ، وأخذ مالي ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة . فإمّا عزلته عنّا فشكرناك ، وإمّا لا فعرفناك .

 فقال معاوية : أتهددني بقومك ، لقد هممت أن أحملك على قتب  أشرس ، فأردك إليه ينفذ حكمه فيك .

 فأطرقت تبكي ، ثُمّ أنشأت تقول :

صلى  الإله على جسم iiتضمنه      قـبر فأصبح فيه العدل iiمدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به ثمناً      فصار  بالحقّ والإيمان iiمقرونا

 قال لها معاوية : ومن ذاك ؟ .

 قالت : علي بن أبي طالب .

قال : وما صنع بك حتى صار عندك كذلك ؟ .

قالت : قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا فكان بيني وبينه ما بين الغث  والسمين ، فأتيت علياً (عليه السلام) لأشكو إليه ما صنع بنا ، فوجدته قائماً يصلي ، فلما نظر إلي أنفتل من صلاته ، ثُمّ قال لي برأفة وتعطف : ( ألك حاجة  ؟ فأخبرته الخبر ، فبكى ثُمّ قال : اللهمّ أنت الشاهد عليّ وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك  .

 ثُمّ أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب فكتب فيها :  بسم الله الرحمن الرحيم ( قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) ، (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) ، إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك عن عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام ) .

 فأخذته منه ، والله ما ختمه بطين ولا خزمه  بخزام فقرأته .

 فقال لها معاوية : لقد لمظكم  ابن أبي طالب على السطان فبطيئاً ما تفطمون ، ثُمّ قال : اكتبوا لها بردّ مالها والعدل إليها .

 قالت : ألي خاصة ، أم لقومي عامة ؟ .

 قال : وما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله إذاً الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ فأنا كسائر قومي .

 قال : أكتبوا لها ولقومها  .

 وروى ذلك أيضاً ابن عبد ربه ـ في العقد الفريد ضمن الوافدات على معاوية ـ عن عامر الشعبي . وفيه :

 فقال معاوية : اكتبوا لها بالإنصاف لها والعدل عليها .

 فقالت : ألي خاصة أم لقومي عامة ؟ .

 قال : ما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ يسعني ما يسع قومي .

 قال : هيهات ! لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان ، فبطيئاً ما تفطمون ، وغرّكم قوله :

فلو كنت بوابا على باب جنة      لـقلت  لهمدان ادخلوا بسلام

وقوله :

ناديت همدان والأبواب iiمغلقة      ومثل همدان سني فتحة الباب
كـالهندواني لم تفلل iiمضاربه      وجه جميل وقلب غير iiوجّاب

 اكتبوا لها بحاجتها .

سوده بنت عمارة الهمدانية

(أشعار نت)

 

 سوده بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية ، شاعرة من شواعر العرب ، ذات فصاحة وبيان ، وهي من شيعة علي (عليه السلام) ، والحاضرات معه في صفّين . جاهدت بلسانها، وقالت كلمة الحقّ أمام السطان الجائر معاوية بن أبي سفيان .

 قال ابن طيفور في بلاغات النساء : قال أبو موسى بن مهران : حدّثني محمد بن عبيد الله الخزامي ، يذكره عن الشعبي . ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله ، قال : استأذنت سوده بنت عمارة بن الأسك الهمدانية على معاوية فأذن لها ، فلما دخلت عليه قال : هيه يا بنت الأسك ألست القائلة يوم صفين :

شمّر  كفعل أبيك يا بن iiعمارة      يـوم  الطعان وملتقى iiالأقران
واُنصر علياً والحسين ورهطه      واقـصد  لـهند وابنها iiبهوان
إنّ  الإمـام أخـا النبي iiمحمد      عـلم الـهدى ومنارة iiالإيمان
فـقد الجيوش وسر أمام iiلوائه      قـدما بـأبيض صارم iiوسنان

 قالت : أي والله ما مثلي من رغب عن الحقّ أو اعتذر بالكذب .

 قال لها : فما حملك على ذلك ؟ .

 قالت : حبّ علي (عليه السلام) ، وإتباع الحقّ .

 قال : فو الله لا أرى عليك من أثر عليّ شيئاً .

 قالت : أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة ما مضى ، وتذكار ما قد نسي .

 قال : هيهات ، ما مثل مقام أخيك ينسى ، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك .

 قالت : صدق قولك ، لم يكن أخي ذميم المقام ولا خفي المكان ، كان والله كقول الخنساء :

 وإنّ صخراً لتأتم الهداة به      كـأنّه عـلم في رأسه iiنار

قال : صدقت ، لقد كان كذلك .

فقالت : مات الرأس وبتر الذنب ، وبالله أسأل إعفائي مما استعفيت منه .

قال : قد فعلت ما حاجتك ؟ .

 قالت : إنّك أصبحت للناس سيداً ولأمرهم متقلداً ، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقنا ، ولا تزال تقدم علينا من ينوء بعزّك ويبسط بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسلبنا الجليلة .

هذا بُسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك ، فقتل رجالي ، وأخذ مالي ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة . فإمّا عزلته عنّا فشكرناك ، وإمّا لا فعرفناك .

 فقال معاوية : أتهددني بقومك ، لقد هممت أن أحملك على قتب  أشرس ، فأردك إليه ينفذ حكمه فيك .

 فأطرقت تبكي ، ثُمّ أنشأت تقول :

صلى  الإله على جسم iiتضمنه      قـبر فأصبح فيه العدل iiمدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به ثمناً      فصار  بالحقّ والإيمان iiمقرونا

 قال لها معاوية : ومن ذاك ؟ .

 قالت : علي بن أبي طالب .

قال : وما صنع بك حتى صار عندك كذلك ؟ .

قالت : قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا فكان بيني وبينه ما بين الغث  والسمين ، فأتيت علياً (عليه السلام) لأشكو إليه ما صنع بنا ، فوجدته قائماً يصلي ، فلما نظر إلي أنفتل من صلاته ، ثُمّ قال لي برأفة وتعطف : ( ألك حاجة  ؟ فأخبرته الخبر ، فبكى ثُمّ قال : اللهمّ أنت الشاهد عليّ وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك  .

 ثُمّ أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب فكتب فيها :  بسم الله الرحمن الرحيم ( قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) ، (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) ، إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك عن عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام ) .

 فأخذته منه ، والله ما ختمه بطين ولا خزمه  بخزام فقرأته .

 فقال لها معاوية : لقد لمظكم  ابن أبي طالب على السطان فبطيئاً ما تفطمون ، ثُمّ قال : اكتبوا لها بردّ مالها والعدل إليها .

 قالت : ألي خاصة ، أم لقومي عامة ؟ .

 قال : وما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله إذاً الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ فأنا كسائر قومي .

 قال : أكتبوا لها ولقومها  .

 وروى ذلك أيضاً ابن عبد ربه ـ في العقد الفريد ضمن الوافدات على معاوية ـ عن عامر الشعبي . وفيه :

 فقال معاوية : اكتبوا لها بالإنصاف لها والعدل عليها .

 فقالت : ألي خاصة أم لقومي عامة ؟ .

 قال : ما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ يسعني ما يسع قومي .

 قال : هيهات ! لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان ، فبطيئاً ما تفطمون ، وغرّكم قوله :

فلو كنت بوابا على باب جنة      لـقلت  لهمدان ادخلوا بسلام

وقوله :

ناديت همدان والأبواب iiمغلقة      ومثل همدان سني فتحة الباب
كـالهندواني لم تفلل iiمضاربه      وجه جميل وقلب غير iiوجّاب

 اكتبوا لها بحاجتها .

سوده بنت عمارة الهمدانية

(أشعار نت)

 

 سوده بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية ، شاعرة من شواعر العرب ، ذات فصاحة وبيان ، وهي من شيعة علي (عليه السلام) ، والحاضرات معه في صفّين . جاهدت بلسانها، وقالت كلمة الحقّ أمام السطان الجائر معاوية بن أبي سفيان .

 قال ابن طيفور في بلاغات النساء : قال أبو موسى بن مهران : حدّثني محمد بن عبيد الله الخزامي ، يذكره عن الشعبي . ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله ، قال : استأذنت سوده بنت عمارة بن الأسك الهمدانية على معاوية فأذن لها ، فلما دخلت عليه قال : هيه يا بنت الأسك ألست القائلة يوم صفين :

شمّر  كفعل أبيك يا بن iiعمارة      يـوم  الطعان وملتقى iiالأقران
واُنصر علياً والحسين ورهطه      واقـصد  لـهند وابنها iiبهوان
إنّ  الإمـام أخـا النبي iiمحمد      عـلم الـهدى ومنارة iiالإيمان
فـقد الجيوش وسر أمام iiلوائه      قـدما بـأبيض صارم iiوسنان

 قالت : أي والله ما مثلي من رغب عن الحقّ أو اعتذر بالكذب .

 قال لها : فما حملك على ذلك ؟ .

 قالت : حبّ علي (عليه السلام) ، وإتباع الحقّ .

 قال : فو الله لا أرى عليك من أثر عليّ شيئاً .

 قالت : أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة ما مضى ، وتذكار ما قد نسي .

 قال : هيهات ، ما مثل مقام أخيك ينسى ، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك .

 قالت : صدق قولك ، لم يكن أخي ذميم المقام ولا خفي المكان ، كان والله كقول الخنساء :

 وإنّ صخراً لتأتم الهداة به      كـأنّه عـلم في رأسه iiنار

قال : صدقت ، لقد كان كذلك .

فقالت : مات الرأس وبتر الذنب ، وبالله أسأل إعفائي مما استعفيت منه .

قال : قد فعلت ما حاجتك ؟ .

 قالت : إنّك أصبحت للناس سيداً ولأمرهم متقلداً ، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقنا ، ولا تزال تقدم علينا من ينوء بعزّك ويبسط بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسلبنا الجليلة .

هذا بُسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك ، فقتل رجالي ، وأخذ مالي ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة . فإمّا عزلته عنّا فشكرناك ، وإمّا لا فعرفناك .

 فقال معاوية : أتهددني بقومك ، لقد هممت أن أحملك على قتب  أشرس ، فأردك إليه ينفذ حكمه فيك .

 فأطرقت تبكي ، ثُمّ أنشأت تقول :

صلى  الإله على جسم iiتضمنه      قـبر فأصبح فيه العدل iiمدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به ثمناً      فصار  بالحقّ والإيمان iiمقرونا

 قال لها معاوية : ومن ذاك ؟ .

 قالت : علي بن أبي طالب .

قال : وما صنع بك حتى صار عندك كذلك ؟ .

قالت : قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا فكان بيني وبينه ما بين الغث  والسمين ، فأتيت علياً (عليه السلام) لأشكو إليه ما صنع بنا ، فوجدته قائماً يصلي ، فلما نظر إلي أنفتل من صلاته ، ثُمّ قال لي برأفة وتعطف : ( ألك حاجة  ؟ فأخبرته الخبر ، فبكى ثُمّ قال : اللهمّ أنت الشاهد عليّ وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك  .

 ثُمّ أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب فكتب فيها :  بسم الله الرحمن الرحيم ( قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) ، (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) ، إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك عن عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام ) .

 فأخذته منه ، والله ما ختمه بطين ولا خزمه  بخزام فقرأته .

 فقال لها معاوية : لقد لمظكم  ابن أبي طالب على السطان فبطيئاً ما تفطمون ، ثُمّ قال : اكتبوا لها بردّ مالها والعدل إليها .

 قالت : ألي خاصة ، أم لقومي عامة ؟ .

 قال : وما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله إذاً الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ فأنا كسائر قومي .

 قال : أكتبوا لها ولقومها  .

 وروى ذلك أيضاً ابن عبد ربه ـ في العقد الفريد ضمن الوافدات على معاوية ـ عن عامر الشعبي . وفيه :

 فقال معاوية : اكتبوا لها بالإنصاف لها والعدل عليها .

 فقالت : ألي خاصة أم لقومي عامة ؟ .

 قال : ما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ يسعني ما يسع قومي .

 قال : هيهات ! لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان ، فبطيئاً ما تفطمون ، وغرّكم قوله :

فلو كنت بوابا على باب جنة      لـقلت  لهمدان ادخلوا بسلام

وقوله :

ناديت همدان والأبواب iiمغلقة      ومثل همدان سني فتحة الباب
كـالهندواني لم تفلل iiمضاربه      وجه جميل وقلب غير iiوجّاب

 اكتبوا لها بحاجتها .

سوده بنت عمارة الهمدانية

(أشعار نت)

 

 سوده بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية ، شاعرة من شواعر العرب ، ذات فصاحة وبيان ، وهي من شيعة علي (عليه السلام) ، والحاضرات معه في صفّين . جاهدت بلسانها، وقالت كلمة الحقّ أمام السطان الجائر معاوية بن أبي سفيان .

 قال ابن طيفور في بلاغات النساء : قال أبو موسى بن مهران : حدّثني محمد بن عبيد الله الخزامي ، يذكره عن الشعبي . ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله ، قال : استأذنت سوده بنت عمارة بن الأسك الهمدانية على معاوية فأذن لها ، فلما دخلت عليه قال : هيه يا بنت الأسك ألست القائلة يوم صفين :

شمّر  كفعل أبيك يا بن iiعمارة      يـوم  الطعان وملتقى iiالأقران
واُنصر علياً والحسين ورهطه      واقـصد  لـهند وابنها iiبهوان
إنّ  الإمـام أخـا النبي iiمحمد      عـلم الـهدى ومنارة iiالإيمان
فـقد الجيوش وسر أمام iiلوائه      قـدما بـأبيض صارم iiوسنان

 قالت : أي والله ما مثلي من رغب عن الحقّ أو اعتذر بالكذب .

 قال لها : فما حملك على ذلك ؟ .

 قالت : حبّ علي (عليه السلام) ، وإتباع الحقّ .

 قال : فو الله لا أرى عليك من أثر عليّ شيئاً .

 قالت : أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة ما مضى ، وتذكار ما قد نسي .

 قال : هيهات ، ما مثل مقام أخيك ينسى ، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك .

 قالت : صدق قولك ، لم يكن أخي ذميم المقام ولا خفي المكان ، كان والله كقول الخنساء :

 وإنّ صخراً لتأتم الهداة به      كـأنّه عـلم في رأسه iiنار

قال : صدقت ، لقد كان كذلك .

فقالت : مات الرأس وبتر الذنب ، وبالله أسأل إعفائي مما استعفيت منه .

قال : قد فعلت ما حاجتك ؟ .

 قالت : إنّك أصبحت للناس سيداً ولأمرهم متقلداً ، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقنا ، ولا تزال تقدم علينا من ينوء بعزّك ويبسط بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسلبنا الجليلة .

هذا بُسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك ، فقتل رجالي ، وأخذ مالي ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة . فإمّا عزلته عنّا فشكرناك ، وإمّا لا فعرفناك .

 فقال معاوية : أتهددني بقومك ، لقد هممت أن أحملك على قتب  أشرس ، فأردك إليه ينفذ حكمه فيك .

 فأطرقت تبكي ، ثُمّ أنشأت تقول :

صلى  الإله على جسم iiتضمنه      قـبر فأصبح فيه العدل iiمدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به ثمناً      فصار  بالحقّ والإيمان iiمقرونا

 قال لها معاوية : ومن ذاك ؟ .

 قالت : علي بن أبي طالب .

قال : وما صنع بك حتى صار عندك كذلك ؟ .

قالت : قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا فكان بيني وبينه ما بين الغث  والسمين ، فأتيت علياً (عليه السلام) لأشكو إليه ما صنع بنا ، فوجدته قائماً يصلي ، فلما نظر إلي أنفتل من صلاته ، ثُمّ قال لي برأفة وتعطف : ( ألك حاجة  ؟ فأخبرته الخبر ، فبكى ثُمّ قال : اللهمّ أنت الشاهد عليّ وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك  .

 ثُمّ أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب فكتب فيها :  بسم الله الرحمن الرحيم ( قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) ، (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) ، إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك عن عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام ) .

 فأخذته منه ، والله ما ختمه بطين ولا خزمه  بخزام فقرأته .

 فقال لها معاوية : لقد لمظكم  ابن أبي طالب على السطان فبطيئاً ما تفطمون ، ثُمّ قال : اكتبوا لها بردّ مالها والعدل إليها .

 قالت : ألي خاصة ، أم لقومي عامة ؟ .

 قال : وما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله إذاً الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ فأنا كسائر قومي .

 قال : أكتبوا لها ولقومها  .

 وروى ذلك أيضاً ابن عبد ربه ـ في العقد الفريد ضمن الوافدات على معاوية ـ عن عامر الشعبي . وفيه :

 فقال معاوية : اكتبوا لها بالإنصاف لها والعدل عليها .

 فقالت : ألي خاصة أم لقومي عامة ؟ .

 قال : ما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ يسعني ما يسع قومي .

 قال : هيهات ! لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان ، فبطيئاً ما تفطمون ، وغرّكم قوله :

فلو كنت بوابا على باب جنة      لـقلت  لهمدان ادخلوا بسلام

وقوله :

ناديت همدان والأبواب iiمغلقة      ومثل همدان سني فتحة الباب
كـالهندواني لم تفلل iiمضاربه      وجه جميل وقلب غير iiوجّاب

 اكتبوا لها بحاجتها .

سوده بنت عمارة الهمدانية

(أشعار نت)

 

 سوده بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية ، شاعرة من شواعر العرب ، ذات فصاحة وبيان ، وهي من شيعة علي (عليه السلام) ، والحاضرات معه في صفّين . جاهدت بلسانها، وقالت كلمة الحقّ أمام السطان الجائر معاوية بن أبي سفيان .

 قال ابن طيفور في بلاغات النساء : قال أبو موسى بن مهران : حدّثني محمد بن عبيد الله الخزامي ، يذكره عن الشعبي . ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله ، قال : استأذنت سوده بنت عمارة بن الأسك الهمدانية على معاوية فأذن لها ، فلما دخلت عليه قال : هيه يا بنت الأسك ألست القائلة يوم صفين :

شمّر  كفعل أبيك يا بن iiعمارة      يـوم  الطعان وملتقى iiالأقران
واُنصر علياً والحسين ورهطه      واقـصد  لـهند وابنها iiبهوان
إنّ  الإمـام أخـا النبي iiمحمد      عـلم الـهدى ومنارة iiالإيمان
فـقد الجيوش وسر أمام iiلوائه      قـدما بـأبيض صارم iiوسنان

 قالت : أي والله ما مثلي من رغب عن الحقّ أو اعتذر بالكذب .

 قال لها : فما حملك على ذلك ؟ .

 قالت : حبّ علي (عليه السلام) ، وإتباع الحقّ .

 قال : فو الله لا أرى عليك من أثر عليّ شيئاً .

 قالت : أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة ما مضى ، وتذكار ما قد نسي .

 قال : هيهات ، ما مثل مقام أخيك ينسى ، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك .

 قالت : صدق قولك ، لم يكن أخي ذميم المقام ولا خفي المكان ، كان والله كقول الخنساء :

 وإنّ صخراً لتأتم الهداة به      كـأنّه عـلم في رأسه iiنار

قال : صدقت ، لقد كان كذلك .

فقالت : مات الرأس وبتر الذنب ، وبالله أسأل إعفائي مما استعفيت منه .

قال : قد فعلت ما حاجتك ؟ .

 قالت : إنّك أصبحت للناس سيداً ولأمرهم متقلداً ، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقنا ، ولا تزال تقدم علينا من ينوء بعزّك ويبسط بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسلبنا الجليلة .

هذا بُسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك ، فقتل رجالي ، وأخذ مالي ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة . فإمّا عزلته عنّا فشكرناك ، وإمّا لا فعرفناك .

 فقال معاوية : أتهددني بقومك ، لقد هممت أن أحملك على قتب  أشرس ، فأردك إليه ينفذ حكمه فيك .

 فأطرقت تبكي ، ثُمّ أنشأت تقول :

صلى  الإله على جسم iiتضمنه      قـبر فأصبح فيه العدل iiمدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به ثمناً      فصار  بالحقّ والإيمان iiمقرونا

 قال لها معاوية : ومن ذاك ؟ .

 قالت : علي بن أبي طالب .

قال : وما صنع بك حتى صار عندك كذلك ؟ .

قالت : قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا فكان بيني وبينه ما بين الغث  والسمين ، فأتيت علياً (عليه السلام) لأشكو إليه ما صنع بنا ، فوجدته قائماً يصلي ، فلما نظر إلي أنفتل من صلاته ، ثُمّ قال لي برأفة وتعطف : ( ألك حاجة  ؟ فأخبرته الخبر ، فبكى ثُمّ قال : اللهمّ أنت الشاهد عليّ وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك  .

 ثُمّ أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب فكتب فيها :  بسم الله الرحمن الرحيم ( قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) ، (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) ، إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك عن عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام ) .

 فأخذته منه ، والله ما ختمه بطين ولا خزمه  بخزام فقرأته .

 فقال لها معاوية : لقد لمظكم  ابن أبي طالب على السطان فبطيئاً ما تفطمون ، ثُمّ قال : اكتبوا لها بردّ مالها والعدل إليها .

 قالت : ألي خاصة ، أم لقومي عامة ؟ .

 قال : وما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله إذاً الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ فأنا كسائر قومي .

 قال : أكتبوا لها ولقومها  .

 وروى ذلك أيضاً ابن عبد ربه ـ في العقد الفريد ضمن الوافدات على معاوية ـ عن عامر الشعبي . وفيه :

 فقال معاوية : اكتبوا لها بالإنصاف لها والعدل عليها .

 فقالت : ألي خاصة أم لقومي عامة ؟ .

 قال : ما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ يسعني ما يسع قومي .

 قال : هيهات ! لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان ، فبطيئاً ما تفطمون ، وغرّكم قوله :

فلو كنت بوابا على باب جنة      لـقلت  لهمدان ادخلوا بسلام

وقوله :

ناديت همدان والأبواب iiمغلقة      ومثل همدان سني فتحة الباب
كـالهندواني لم تفلل iiمضاربه      وجه جميل وقلب غير iiوجّاب

 اكتبوا لها بحاجتها .

سوده بنت عمارة الهمدانية

(أشعار نت)

 

 سوده بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية ، شاعرة من شواعر العرب ، ذات فصاحة وبيان ، وهي من شيعة علي (عليه السلام) ، والحاضرات معه في صفّين . جاهدت بلسانها، وقالت كلمة الحقّ أمام السطان الجائر معاوية بن أبي سفيان .

 قال ابن طيفور في بلاغات النساء : قال أبو موسى بن مهران : حدّثني محمد بن عبيد الله الخزامي ، يذكره عن الشعبي . ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله ، قال : استأذنت سوده بنت عمارة بن الأسك الهمدانية على معاوية فأذن لها ، فلما دخلت عليه قال : هيه يا بنت الأسك ألست القائلة يوم صفين :

شمّر  كفعل أبيك يا بن iiعمارة      يـوم  الطعان وملتقى iiالأقران
واُنصر علياً والحسين ورهطه      واقـصد  لـهند وابنها iiبهوان
إنّ  الإمـام أخـا النبي iiمحمد      عـلم الـهدى ومنارة iiالإيمان
فـقد الجيوش وسر أمام iiلوائه      قـدما بـأبيض صارم iiوسنان

 قالت : أي والله ما مثلي من رغب عن الحقّ أو اعتذر بالكذب .

 قال لها : فما حملك على ذلك ؟ .

 قالت : حبّ علي (عليه السلام) ، وإتباع الحقّ .

 قال : فو الله لا أرى عليك من أثر عليّ شيئاً .

 قالت : أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة ما مضى ، وتذكار ما قد نسي .

 قال : هيهات ، ما مثل مقام أخيك ينسى ، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك .

 قالت : صدق قولك ، لم يكن أخي ذميم المقام ولا خفي المكان ، كان والله كقول الخنساء :

 وإنّ صخراً لتأتم الهداة به      كـأنّه عـلم في رأسه iiنار

قال : صدقت ، لقد كان كذلك .

فقالت : مات الرأس وبتر الذنب ، وبالله أسأل إعفائي مما استعفيت منه .

قال : قد فعلت ما حاجتك ؟ .

 قالت : إنّك أصبحت للناس سيداً ولأمرهم متقلداً ، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقنا ، ولا تزال تقدم علينا من ينوء بعزّك ويبسط بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسلبنا الجليلة .

هذا بُسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك ، فقتل رجالي ، وأخذ مالي ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة . فإمّا عزلته عنّا فشكرناك ، وإمّا لا فعرفناك .

 فقال معاوية : أتهددني بقومك ، لقد هممت أن أحملك على قتب  أشرس ، فأردك إليه ينفذ حكمه فيك .

 فأطرقت تبكي ، ثُمّ أنشأت تقول :

صلى  الإله على جسم iiتضمنه      قـبر فأصبح فيه العدل iiمدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به ثمناً      فصار  بالحقّ والإيمان iiمقرونا

 قال لها معاوية : ومن ذاك ؟ .

 قالت : علي بن أبي طالب .

قال : وما صنع بك حتى صار عندك كذلك ؟ .

قالت : قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا فكان بيني وبينه ما بين الغث  والسمين ، فأتيت علياً (عليه السلام) لأشكو إليه ما صنع بنا ، فوجدته قائماً يصلي ، فلما نظر إلي أنفتل من صلاته ، ثُمّ قال لي برأفة وتعطف : ( ألك حاجة  ؟ فأخبرته الخبر ، فبكى ثُمّ قال : اللهمّ أنت الشاهد عليّ وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك  .

 ثُمّ أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب فكتب فيها :  بسم الله الرحمن الرحيم ( قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) ، (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) ، إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك عن عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام ) .

 فأخذته منه ، والله ما ختمه بطين ولا خزمه  بخزام فقرأته .

 فقال لها معاوية : لقد لمظكم  ابن أبي طالب على السطان فبطيئاً ما تفطمون ، ثُمّ قال : اكتبوا لها بردّ مالها والعدل إليها .

 قالت : ألي خاصة ، أم لقومي عامة ؟ .

 قال : وما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله إذاً الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ فأنا كسائر قومي .

 قال : أكتبوا لها ولقومها  .

 وروى ذلك أيضاً ابن عبد ربه ـ في العقد الفريد ضمن الوافدات على معاوية ـ عن عامر الشعبي . وفيه :

 فقال معاوية : اكتبوا لها بالإنصاف لها والعدل عليها .

 فقالت : ألي خاصة أم لقومي عامة ؟ .

 قال : ما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ يسعني ما يسع قومي .

 قال : هيهات ! لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان ، فبطيئاً ما تفطمون ، وغرّكم قوله :

فلو كنت بوابا على باب جنة      لـقلت  لهمدان ادخلوا بسلام

وقوله :

ناديت همدان والأبواب iiمغلقة      ومثل همدان سني فتحة الباب
كـالهندواني لم تفلل iiمضاربه      وجه جميل وقلب غير iiوجّاب

 اكتبوا لها بحاجتها .

سوده بنت عمارة الهمدانية

(أشعار نت)

 

 سوده بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية ، شاعرة من شواعر العرب ، ذات فصاحة وبيان ، وهي من شيعة علي (عليه السلام) ، والحاضرات معه في صفّين . جاهدت بلسانها، وقالت كلمة الحقّ أمام السطان الجائر معاوية بن أبي سفيان .

 قال ابن طيفور في بلاغات النساء : قال أبو موسى بن مهران : حدّثني محمد بن عبيد الله الخزامي ، يذكره عن الشعبي . ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله ، قال : استأذنت سوده بنت عمارة بن الأسك الهمدانية على معاوية فأذن لها ، فلما دخلت عليه قال : هيه يا بنت الأسك ألست القائلة يوم صفين :

شمّر  كفعل أبيك يا بن iiعمارة      يـوم  الطعان وملتقى iiالأقران
واُنصر علياً والحسين ورهطه      واقـصد  لـهند وابنها iiبهوان
إنّ  الإمـام أخـا النبي iiمحمد      عـلم الـهدى ومنارة iiالإيمان
فـقد الجيوش وسر أمام iiلوائه      قـدما بـأبيض صارم iiوسنان

 قالت : أي والله ما مثلي من رغب عن الحقّ أو اعتذر بالكذب .

 قال لها : فما حملك على ذلك ؟ .

 قالت : حبّ علي (عليه السلام) ، وإتباع الحقّ .

 قال : فو الله لا أرى عليك من أثر عليّ شيئاً .

 قالت : أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة ما مضى ، وتذكار ما قد نسي .

 قال : هيهات ، ما مثل مقام أخيك ينسى ، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك .

 قالت : صدق قولك ، لم يكن أخي ذميم المقام ولا خفي المكان ، كان والله كقول الخنساء :

 وإنّ صخراً لتأتم الهداة به      كـأنّه عـلم في رأسه iiنار

قال : صدقت ، لقد كان كذلك .

فقالت : مات الرأس وبتر الذنب ، وبالله أسأل إعفائي مما استعفيت منه .

قال : قد فعلت ما حاجتك ؟ .

 قالت : إنّك أصبحت للناس سيداً ولأمرهم متقلداً ، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقنا ، ولا تزال تقدم علينا من ينوء بعزّك ويبسط بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسلبنا الجليلة .

هذا بُسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك ، فقتل رجالي ، وأخذ مالي ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة . فإمّا عزلته عنّا فشكرناك ، وإمّا لا فعرفناك .

 فقال معاوية : أتهددني بقومك ، لقد هممت أن أحملك على قتب  أشرس ، فأردك إليه ينفذ حكمه فيك .

 فأطرقت تبكي ، ثُمّ أنشأت تقول :

صلى  الإله على جسم iiتضمنه      قـبر فأصبح فيه العدل iiمدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به ثمناً      فصار  بالحقّ والإيمان iiمقرونا

 قال لها معاوية : ومن ذاك ؟ .

 قالت : علي بن أبي طالب .

قال : وما صنع بك حتى صار عندك كذلك ؟ .

قالت : قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا فكان بيني وبينه ما بين الغث  والسمين ، فأتيت علياً (عليه السلام) لأشكو إليه ما صنع بنا ، فوجدته قائماً يصلي ، فلما نظر إلي أنفتل من صلاته ، ثُمّ قال لي برأفة وتعطف : ( ألك حاجة  ؟ فأخبرته الخبر ، فبكى ثُمّ قال : اللهمّ أنت الشاهد عليّ وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك  .

 ثُمّ أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب فكتب فيها :  بسم الله الرحمن الرحيم ( قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) ، (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) ، إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك عن عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام ) .

 فأخذته منه ، والله ما ختمه بطين ولا خزمه  بخزام فقرأته .

 فقال لها معاوية : لقد لمظكم  ابن أبي طالب على السطان فبطيئاً ما تفطمون ، ثُمّ قال : اكتبوا لها بردّ مالها والعدل إليها .

 قالت : ألي خاصة ، أم لقومي عامة ؟ .

 قال : وما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله إذاً الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ فأنا كسائر قومي .

 قال : أكتبوا لها ولقومها  .

 وروى ذلك أيضاً ابن عبد ربه ـ في العقد الفريد ضمن الوافدات على معاوية ـ عن عامر الشعبي . وفيه :

 فقال معاوية : اكتبوا لها بالإنصاف لها والعدل عليها .

 فقالت : ألي خاصة أم لقومي عامة ؟ .

 قال : ما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ يسعني ما يسع قومي .

 قال : هيهات ! لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان ، فبطيئاً ما تفطمون ، وغرّكم قوله :

فلو كنت بوابا على باب جنة      لـقلت  لهمدان ادخلوا بسلام

وقوله :

ناديت همدان والأبواب iiمغلقة      ومثل همدان سني فتحة الباب
كـالهندواني لم تفلل iiمضاربه      وجه جميل وقلب غير iiوجّاب

 اكتبوا لها بحاجتها .

سوده بنت عمارة الهمدانية

(أشعار نت)

 

 سوده بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية ، شاعرة من شواعر العرب ، ذات فصاحة وبيان ، وهي من شيعة علي (عليه السلام) ، والحاضرات معه في صفّين . جاهدت بلسانها، وقالت كلمة الحقّ أمام السطان الجائر معاوية بن أبي سفيان .

 قال ابن طيفور في بلاغات النساء : قال أبو موسى بن مهران : حدّثني محمد بن عبيد الله الخزامي ، يذكره عن الشعبي . ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله ، قال : استأذنت سوده بنت عمارة بن الأسك الهمدانية على معاوية فأذن لها ، فلما دخلت عليه قال : هيه يا بنت الأسك ألست القائلة يوم صفين :

شمّر  كفعل أبيك يا بن iiعمارة      يـوم  الطعان وملتقى iiالأقران
واُنصر علياً والحسين ورهطه      واقـصد  لـهند وابنها iiبهوان
إنّ  الإمـام أخـا النبي iiمحمد      عـلم الـهدى ومنارة iiالإيمان
فـقد الجيوش وسر أمام iiلوائه      قـدما بـأبيض صارم iiوسنان

 قالت : أي والله ما مثلي من رغب عن الحقّ أو اعتذر بالكذب .

 قال لها : فما حملك على ذلك ؟ .

 قالت : حبّ علي (عليه السلام) ، وإتباع الحقّ .

 قال : فو الله لا أرى عليك من أثر عليّ شيئاً .

 قالت : أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة ما مضى ، وتذكار ما قد نسي .

 قال : هيهات ، ما مثل مقام أخيك ينسى ، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك .

 قالت : صدق قولك ، لم يكن أخي ذميم المقام ولا خفي المكان ، كان والله كقول الخنساء :

 وإنّ صخراً لتأتم الهداة به      كـأنّه عـلم في رأسه iiنار

قال : صدقت ، لقد كان كذلك .

فقالت : مات الرأس وبتر الذنب ، وبالله أسأل إعفائي مما استعفيت منه .

قال : قد فعلت ما حاجتك ؟ .

 قالت : إنّك أصبحت للناس سيداً ولأمرهم متقلداً ، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقنا ، ولا تزال تقدم علينا من ينوء بعزّك ويبسط بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسلبنا الجليلة .

هذا بُسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك ، فقتل رجالي ، وأخذ مالي ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة . فإمّا عزلته عنّا فشكرناك ، وإمّا لا فعرفناك .

 فقال معاوية : أتهددني بقومك ، لقد هممت أن أحملك على قتب  أشرس ، فأردك إليه ينفذ حكمه فيك .

 فأطرقت تبكي ، ثُمّ أنشأت تقول :

صلى  الإله على جسم iiتضمنه      قـبر فأصبح فيه العدل iiمدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به ثمناً      فصار  بالحقّ والإيمان iiمقرونا

 قال لها معاوية : ومن ذاك ؟ .

 قالت : علي بن أبي طالب .

قال : وما صنع بك حتى صار عندك كذلك ؟ .

قالت : قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا فكان بيني وبينه ما بين الغث  والسمين ، فأتيت علياً (عليه السلام) لأشكو إليه ما صنع بنا ، فوجدته قائماً يصلي ، فلما نظر إلي أنفتل من صلاته ، ثُمّ قال لي برأفة وتعطف : ( ألك حاجة  ؟ فأخبرته الخبر ، فبكى ثُمّ قال : اللهمّ أنت الشاهد عليّ وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك  .

 ثُمّ أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب فكتب فيها :  بسم الله الرحمن الرحيم ( قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) ، (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) ، إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك عن عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام ) .

 فأخذته منه ، والله ما ختمه بطين ولا خزمه  بخزام فقرأته .

 فقال لها معاوية : لقد لمظكم  ابن أبي طالب على السطان فبطيئاً ما تفطمون ، ثُمّ قال : اكتبوا لها بردّ مالها والعدل إليها .

 قالت : ألي خاصة ، أم لقومي عامة ؟ .

 قال : وما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله إذاً الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ فأنا كسائر قومي .

 قال : أكتبوا لها ولقومها  .

 وروى ذلك أيضاً ابن عبد ربه ـ في العقد الفريد ضمن الوافدات على معاوية ـ عن عامر الشعبي . وفيه :

 فقال معاوية : اكتبوا لها بالإنصاف لها والعدل عليها .

 فقالت : ألي خاصة أم لقومي عامة ؟ .

 قال : ما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ يسعني ما يسع قومي .

 قال : هيهات ! لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان ، فبطيئاً ما تفطمون ، وغرّكم قوله :

فلو كنت بوابا على باب جنة      لـقلت  لهمدان ادخلوا بسلام

وقوله :

ناديت همدان والأبواب iiمغلقة      ومثل همدان سني فتحة الباب
كـالهندواني لم تفلل iiمضاربه      وجه جميل وقلب غير iiوجّاب

 اكتبوا لها بحاجتها .

سوده بنت عمارة الهمدانية

(أشعار نت)

 

 سوده بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية ، شاعرة من شواعر العرب ، ذات فصاحة وبيان ، وهي من شيعة علي (عليه السلام) ، والحاضرات معه في صفّين . جاهدت بلسانها، وقالت كلمة الحقّ أمام السطان الجائر معاوية بن أبي سفيان .

 قال ابن طيفور في بلاغات النساء : قال أبو موسى بن مهران : حدّثني محمد بن عبيد الله الخزامي ، يذكره عن الشعبي . ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله ، قال : استأذنت سوده بنت عمارة بن الأسك الهمدانية على معاوية فأذن لها ، فلما دخلت عليه قال : هيه يا بنت الأسك ألست القائلة يوم صفين :

شمّر  كفعل أبيك يا بن iiعمارة      يـوم  الطعان وملتقى iiالأقران
واُنصر علياً والحسين ورهطه      واقـصد  لـهند وابنها iiبهوان
إنّ  الإمـام أخـا النبي iiمحمد      عـلم الـهدى ومنارة iiالإيمان
فـقد الجيوش وسر أمام iiلوائه      قـدما بـأبيض صارم iiوسنان

 قالت : أي والله ما مثلي من رغب عن الحقّ أو اعتذر بالكذب .

 قال لها : فما حملك على ذلك ؟ .

 قالت : حبّ علي (عليه السلام) ، وإتباع الحقّ .

 قال : فو الله لا أرى عليك من أثر عليّ شيئاً .

 قالت : أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة ما مضى ، وتذكار ما قد نسي .

 قال : هيهات ، ما مثل مقام أخيك ينسى ، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك .

 قالت : صدق قولك ، لم يكن أخي ذميم المقام ولا خفي المكان ، كان والله كقول الخنساء :

 وإنّ صخراً لتأتم الهداة به      كـأنّه عـلم في رأسه iiنار

قال : صدقت ، لقد كان كذلك .

فقالت : مات الرأس وبتر الذنب ، وبالله أسأل إعفائي مما استعفيت منه .

قال : قد فعلت ما حاجتك ؟ .

 قالت : إنّك أصبحت للناس سيداً ولأمرهم متقلداً ، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقنا ، ولا تزال تقدم علينا من ينوء بعزّك ويبسط بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسلبنا الجليلة .

هذا بُسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك ، فقتل رجالي ، وأخذ مالي ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة . فإمّا عزلته عنّا فشكرناك ، وإمّا لا فعرفناك .

 فقال معاوية : أتهددني بقومك ، لقد هممت أن أحملك على قتب  أشرس ، فأردك إليه ينفذ حكمه فيك .

 فأطرقت تبكي ، ثُمّ أنشأت تقول :

صلى  الإله على جسم iiتضمنه      قـبر فأصبح فيه العدل iiمدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به ثمناً      فصار  بالحقّ والإيمان iiمقرونا

 قال لها معاوية : ومن ذاك ؟ .

 قالت : علي بن أبي طالب .

قال : وما صنع بك حتى صار عندك كذلك ؟ .

قالت : قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا فكان بيني وبينه ما بين الغث  والسمين ، فأتيت علياً (عليه السلام) لأشكو إليه ما صنع بنا ، فوجدته قائماً يصلي ، فلما نظر إلي أنفتل من صلاته ، ثُمّ قال لي برأفة وتعطف : ( ألك حاجة  ؟ فأخبرته الخبر ، فبكى ثُمّ قال : اللهمّ أنت الشاهد عليّ وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك  .

 ثُمّ أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب فكتب فيها :  بسم الله الرحمن الرحيم ( قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) ، (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) ، إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك عن عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام ) .

 فأخذته منه ، والله ما ختمه بطين ولا خزمه  بخزام فقرأته .

 فقال لها معاوية : لقد لمظكم  ابن أبي طالب على السطان فبطيئاً ما تفطمون ، ثُمّ قال : اكتبوا لها بردّ مالها والعدل إليها .

 قالت : ألي خاصة ، أم لقومي عامة ؟ .

 قال : وما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله إذاً الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ فأنا كسائر قومي .

 قال : أكتبوا لها ولقومها  .

 وروى ذلك أيضاً ابن عبد ربه ـ في العقد الفريد ضمن الوافدات على معاوية ـ عن عامر الشعبي . وفيه :

 فقال معاوية : اكتبوا لها بالإنصاف لها والعدل عليها .

 فقالت : ألي خاصة أم لقومي عامة ؟ .

 قال : ما أنت وقومك ؟

 قالت : هي والله الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلاً شاملاً ، وإلاّ يسعني ما يسع قومي .

 قال : هيهات ! لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان ، فبطيئاً ما تفطمون ، وغرّكم قوله :

فلو كنت بوابا على باب جنة      لـقلت  لهمدان ادخلوا بسلام

وقوله :

ناديت همدان والأبواب iiمغلقة      ومثل همدان سني فتحة الباب
كـالهندواني لم تفلل iiمضاربه      وجه جميل وقلب غير iiوجّاب

 اكتبوا لها بحاجتها .