العناية بالمظهر الخارجي
  • عنوان المقال: العناية بالمظهر الخارجي
  • الکاتب: المركز العالمي الإسلامي
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 20:52:40 1-10-1403

 العناية بالمظهر الخارجي

المركز العالمي الإسلامي

بالرغم من كون التفاهم والانسجام الفكري هو الأساس في العلاقات الزوجية ، إلاّ أنَّ المظهر الخارجي له تأثيراته التي لا يمكن التغاضي عنها ، فالمقولة التي تفيد بأنّ بعض عقول الرجال في عيونهم صحيحة إلى حد ما .

ولذا فإنّ على الزوجين - وخاصة المرأة - الاهتمام بهذا الجانب والسعي دائماً للظهور بالمظهر اللائق ، ذلك أنّ الحياة فن ، وعلى المرأة أن تحسِّن مثلاً كيفية الاحتفاظ بقلب زوجها ، وتفجير عواطفه تجاهها ، وسنشير إلى جملة من الأمور المهمة التي ينبغي أخذها بنظر الاعتبار :

أولاً : إصلاح المظهر :

يظنّ البعض من الرجال والنساء أنّ الاهتمام بالمظهر يقتصر على الأيام الأولى من الزواج فقط ، أي في الأيام التي ينبغي فيها الظهور بأبهى ما يمكن من الزينة ، أمّا بعد أن يصبحوا أهلاً وأحبّة فإنّ المرحلة الجديدة تقتضي التصرف على الطبيعي دون تكلف ، وبالتالي الظهور بالمظهر العادي ، أو حتى إهمال هذا الجانب كليّة .

إنّ جمال الحياة ولَطافتها تفرض على الزوجين الاستمرار في الظهور بأجمل ما يمكن ، والحديث الشريف الذي يقول : ( إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَال ) ، له مغزاه ودلالته .

فليس من اللاَّئق أن يكون اللقاء بين الزوجين في ملابس العمل وثياب المطبخ ، فالاحترام المتقابل يفرض على الزوجين اهتماماً أكثر بمظهرهما الخارجي ، ومحاولة إدخال الرضا في قلب كلّ منهما بما يعزز من مكانته لديه .

وتتجلى أهمية هذا الجانب اليوم أكثر من أي وقت آخر ، فالعصر الحاضر يموج بكلّ أسباب الانحراف والضياع ، فالمحيط الاجتماعي المفتوح ، وبكلّ ما فيه من إيجابيات ، يبعث في قلب المرء شعوراً بالميل إلى بعض المظاهر الخلاَّبة ، ولذا فإنّ ضعاف الإيمان سرعان ما ينجرفون مع التيار بعيداً .

وعلى المرأة أن تنتبه إلى هذا الجانب والاهتمام بمظهرها ، وبالتالي الإسهام في حماية زوجها من الانحراف ، وهذه المسألة تنسحب أيضاً على الرجل ، إذ ينبغي له الظهور اللائق أمام زوجته بما يجذبها نحوه ويشدُّها إليه .

والاهتمام بالمظهر الخارجي لا يعني فقط الثياب النظيفة والعطور الفوَّاحة ، بل يشمل أموراً أخرى كالابتسامة المشرقة ، والحديث الحلو ، والمعاشرة الطيبة ، وإِشادة كلّ منهما بذوق الآخر وإلى آخره .

وتكاد تكون قاعدة ( لا إفراط ولا تفريط ) شاملة لكلّ نواحي الحياة ، ففي الاهتمام بالجانب الجمالي ينبغي أن يكون الأمر في حدود المعقول .

فلا تفريط بالمظهر الخارجي وإهماله تماماً ، ولا إفراط بهذا الجانب والوصول إلى حدود غير معقولة ، بحيث تنفق المرأة - مثلاً - من الميزانية ما يهدد بقية الجوانب ، وبالتالي تفجير كوامن الغضب في قلب الرجل تجاهها .

إنّ أساس الحياة المشتركة هو التفاهم والانسجام الفكري ، ولذا فإنّ مسألة الجمال والزينة هي الأخرى تخضع لهذا القانون ، فالنفوذ إلى قلب الرجل أو المرأة لا يقتصر على الزينة الظاهرية فقط ، إنما يتطلب اهتماماً شاملاً بكلّ أركان الشخصية وبنائها المطلوب .

ذلك أنّ الجمال الظاهري له تأثيراته المؤقتة ، والتي سرعان ما تنتهي ليبقى الجمال الحقيقي الذي يكمن في جمال النفس والروح .

ثانياً : الحياة المنسقة :

النقطة الأخرى التي لها أهميتها في تعزيز العلاقات الزوجية هي الاهتمام بنظام المنزل وترتيب شؤونه ، بما يدخل الرضا في أعماق من يعيش فيه .

وقد يعترض البعض بأنّ ذلك يحتاج إلى مال لغرض توفير وسائل الراحة ، وقد يكون هذا صحيحاً ، إلاّ أنّ الفقر لا يمنع الإنسان من أعمال فكره ، واستخدام فنِّه ، في مسائل لا تحتاج إلى مال ، بل تحتاج إلى مهارة وذوق فقط .

فالنظام والذوق والنظافة ، ربما تجعل من الغرفة البسيطة والمنزل البسيط آية في الجمال ، تغمر القلب بمشاعر الهدوء والسلام ، حتى أنّ المرء ليشعر بالروح تنبض في كلّ زاوية من زوايا المنزل ، وينظر إلى سَيِّدته بعين الاحترام والإجلال .

كسر الرتابة والجمود :

إنَّ عمليات التغيير في نظام البيت وتوزيع أثاثه بين فترة وأخرى يكسر في القلب جدار الملل والرتابة ، ويبعث روحاً جديدة في زواياه .

فترتيب الديكور وتغييره ، وانتخاب نوع آخر من الزينة ، له آثاره النفسية في تجديد فضاء الحياة المنزلية .

وبالرغم من عدم جوهرية هذه المسائل إلاّ أنّ تأثيرها قد يصل في بعض الأحيان حدّاً لم يكن يتصوّره أبداً ؛ فقد يعود الرجل من عمله متعباً ، وإذا به يجد كلّ شيء في استقباله ، كلّ شيء قد لبس حلَّة جديدة ، فيجد ابتسامة زوجته ، وطعاماً شهيّاً ، ومكاناً جديداً لاستراحته .

وعندها سيشعر بأنّ شريكة حياته تعمل المستحيل من أجل توفير كلّ ما يشعره بالرضا ، فتنفجر في قلبه مشاعر الحُبّ والمودة ، ويصمم على ردِّ الجميل في أقرب فرصة تسنح له .

ثالثاً : الجوانب المادّية :

إنّها مجرد مزاعم عندما يدّعي البعض بأنّ النزاع الذي ينشأ في حياتهم الزوجية لا علاقة له بالمسائل المادّية ، كالطعام وتوفير جوّ من الراحة ، غير أنّ الحقيقة أن هذه المسائل - وبالرغم من كونها هامشية إلى حدِّ ما إلاّ أنها قد تكون ذات تأثير بالغ في تفجير النزاع بين الزوجين ، ذلك أن الحياة لا تنفكّ عن هذه الأمور أبداً .

فالجائع يكون عصبي المزاج ، خاصّة عندما لا يجد مكاناً لاستراحته فإنّه سرعان ما يثور غاضباً ، ولذا فإنّ على المرأة والرجل أن يوليا أهمية لهذه الجانب لما له من الأهمية في الحياة الزوجية .

فالرجل الذي يعود من عمله متعباً جائعاً ثمّ لا يجد طعاماً يسدّ به رمقه ، ولا يجد مكاناً مناسباً يأوي إليه ويستريح فيه ، لابدّ وأن يحزّ في نفسه ذلك ويستنتج منه أن زوجته لا تقدِّر تعبه ، ولا تحترمه ، مما يولِّد ضعفاً في عواطفه تجاهها ، وقد يثور في وجهها عندما تشتعل شرارة الموقف .

صحيح أنّه ليس من واجبات المرأة تهيئة وإعداد الطعام ، ولكنه من دواعي اللياقة والأدب، وحسن المعاشرة أن يكون هناك احترام للزوج، ينعكس ويتجسد في توفير بعض متطلباته الضرورية .

فالمرأة الماهرة يمكنها وبقليل من المال - أن تهيئ طعاماً متنوعاً يثير شهية زوجها ، ويدفعه إلى إعجابه بزوجته التي تتفنن وتفعل المستحيل من أجله ، وهذا ما ينعكس في قلبه ، ويفجر مكامن الحب فيه تجاهها .

توفير الراحة :

لا شكَّ في أنّ الرجل والمرأة يبذلان من طاقاتهما الكثير ، هذا خارج المنزل يكدُّ ويتعب من أجل توفير العيش الكريم ، وتلك تدور في المنزل ، فهي تعدُّ الطعام تارة ، وتغسل الثياب تارة أخرى ، وترتّب البيت أحياناً ، وتقوم على تربية الأطفال أحياناً أخرى ، وغير ذلك من شؤون المنزل .

وقد يتعب الرجل أكثر من زوجته ، فالرجل يهبُّ لمساعدة زوجته ، ويخفف عنها بعض عناء العمل ، والزوجة تهبّ لمساعدة زوجها في إنجاز بعض شؤونه ، وتوفير بعض مستلزماته ، وإشعاره بالدعم والمحبة .

فالتعب ، والحاجة إلى الاستراحة ، والتقاط الأنفاس ، قد يتسبّب في الشعور بالمرارة ، خاصّة إذا كان هناك إهمال من الطرف الآخر .

وما أكثر أولئك الذين يتصورون البيت جحيماً ، لأنهم لا يجدون من يهتم بهم أو يلتفت إليهم .

فقد تتصوَّر المرأة أنها لو بقيت في بيت أبيها لما عانت ما تعانيه من التعب والإرهاق ، ويتصوّر الرجل لو أنّه يقضي وقته خارج المنزل لوجد له مكاناً يأوي إليه ويستريح فيه .

إنّ توفير جوّ من الراحة والهدوء هي من واجبات الزوجين تجاه بعضهما البعض ، فالقيام برحلة ممتعة حتى لو كانت قريبة ، وتغيير الجو كما يقولون ضروري بين فترة وأخرى ، كما أنّ زيارة الأصدقاء والمعارف ، وصلة الأرحام ، له تأثيره الإيجابي في إنعاش الحياة الزوجية ، ورفدها بدماء جديدة .

رابعاً : رعاية الأدب والأخلاق :

إنّ أسمى مقوّمات الحياة الزوجية إنما تتجسَّد في رعاية الزوجين للأدب والخلق الكريم ، وذلك الاحترام العميق ، والعلاقات الصحيحة في علاقة الزوجين بعضهما ببعض ، ذلك أنّ الخيانة ، والحسد ، وبذاءة اللسان ، والأنانية ، والكذب ، هي وقود النزاعات والخلافات في الحياة الزوجية .

إنّ جمال الحياة الزوجية يكمن في تلك الابتسامات المضيئة ، والمعشر الحلو ، والحديث اللطيف الهادئ ، والحب العميق .

فالمرأة لا تنسى أبداً كلمات الحب التي يتمتم بها زوجها ، كما أنّ الرجل يشعر بالدفء وبالقوة أيضاً عندما يجد زوجته تقف إلى جواره وجانبه ، فالحياة المشتركة هي رحلة يقوم بها الرجل والمرأة معاً ، يداً بيد .

ضرورة ضبط النفس :

إنّ الحياة المشتركة تفرض على المرأة احترام مشاعر زوجها ، وتوجب على الرجل مداراة زوجته ، وعدم إهانتها ، أو توجيه كلمة تجرح قلبها ، فقد تفعل الكلمة القاسية ما لا يفعله خنجر مسموم من الألم والمرارة .

إنّ ضبط النفس والحديث الهادئ الذي يفيض حباً ومودة لابدَّ وأن يزرع في قلب الآخر شعوراً بالمحبة والصفاء ، ولذا فإنّ على المرأة مراعاة الحالة النفسية لزوجها ، ومن ثمّ التعامل معه في ضوء ذلك ، وكذلك على الرجل رصد نفسية زوجته ، ومن ثمّ العمل على إدخال الفرحة إلى قلبها .

فكلمة حبّ دافئة ، وابتسامة مختصرة ، قد تساوي في نظر المرأة ملء الدنيا ذهباً ، كما أنّ الرجل يشعر بالسعادة عندما يرى زوجته تفيض حيوية ونشاطاً ، وبهذا يتعانق قلباهما وتتشابك روحاهما ، وبالتالي تتفجر ينابيع السعادة .